«مجالس الضيافة» تهيمن على 40 % من منازل السعوديين

للكرم السعودي انعكاس على فلسفة المسكن، إذ أظهرت دراسة حديثة قدمت من خلال ندوة معمارية أقامتها الغرفة التجارية بالشرقية مساء أول من أمس بالدمام، أن السعوديين يخصصون 40 في المائة من مساحة منازلهم لصالات الضيافة، في حين يبلغ متوسط استهلاك هذه المجالس 19 يوما بالسنة.
وعلّق المهندس عبد المحسن الذياب، على ذلك بالقول: «هذه الـ19 يوما تهيمن على تصميم المنزل بقية السنة»، مشيرا إلى أن النظرة إلى المسكن بصفته مكانا للضيافة تجعلنا ننسى أنه المكان الذي تتشكل فيه العلاقات الأسرية، وأن أهم وظيفة للمسكن هي صناعة الذكريات.
وتابع: «في مدينة الرياض نجد أن نحو 70 في المائة من السعوديين يقصرون أماكن جلوسهم وحياتهم اليومية على الدور الأول، بينما يترك الدور الأرضي مهجورا استعدادا للضيوف، وهذا يكشف أزمة المسكن السعودي».
ولفت الذياب، خلال مشاركته في الندوة، إلى أن المسكن السعودي هو أقل المساكن في العالم من حيث الكفاءة التشغيلية، بسبب هيمنة فراغات الضيافة عليه، إذ من النادر أن نجد منزلا سعوديا بدور واحد، وهذا التكرار والتشابه مشكلة، لأنه في أحيان كثيرة لا يعكس الاحتياج الفعلي لسكان المنزل.
وعن دور المعماريين السعوديين بذلك، قال الذياب: «قصّر المعماري السعودي خلال الـ30 سنة الماضية في تطوير مفهوم المسكن، فالذي كان يطور هو المجتمع والمعماري يتبعه، بينما المفترض أن يحدث العكس، كما أن تجربة المعماري الغربي لدينا مكبلة أيضا بالقيود الاجتماعية، في ظل وجود خلل في تعريف المسكن بالنسبة لنا».
ويتفق معه المهندس تركي الحصيني، الذي ذكر أن مشكلة المسكن السعودي هي العادات، والنظرة للبيت على أنه مكان للضيافة واستقبال الأهل، بينما أصبحت هناك بدائل متعددة للضيافة خارج المنزل، ومن المهم أن يفهم الساكن احتياجاته بشكل مدروس كي يلبيها البيت فعلياً.
وأضاف الحصيني خلال الندوة: «نعاني من الهدر في المباني بمساحات كبيرة، وعند التنفيذ نحاول إقناع العميل بذلك، وبحث تقليل عدد المجالس، وكثير من الفيلات استطعنا توفير 100 إلى 150 مترا مربعا من مساحتها، إذ بحثنا سبل استغلالها في فراغات جيدة، وهذا أمر قد لا يتقبله كثير من السعوديين».
أما المهندس مساعد القفاري فأشار إلى أن المخططات الهندسية صارت منتشرة بطريقة بدائية، وأصبح أي فرد بإمكانه البناء دون أن يستشير مهندسا معماريا، لافتا إلى أن المعماريين يحاولون إبراز دور المعماري السعودي عبر مختلف قنوات التواصل الاجتماعي، ويلمسون وعيا متزايدا حول ذلك.
وأجمع المشاركون في الندوة، على أن إحدى إشكاليات المسكن السعودي أن العناصر الوظيفية فيه متشابهة سواء كان المسكن في حي راقٍ أو عادي، إلى جانب أنه من النادر وجود مسكن سعودي يتكون من دور واحد، كما أن المنازل تفتقر إلى مرافق مستحدثة مثل المكتبة أو المختبر أو أي غرفة تعبر عن اهتمام خاص.
وأظهرت الندوة أن الملحق هو المجلس الرئيسي للأسرة السعودية، في حين أن الضيافة أصبحت لها حلول كثيرة، وغالبية السعوديين مؤخرا صاروا يستضيفون أصحابهم ومعارفهم خارج المنزل، الأمر الذي يحتم تقليل مساحات الضيافة.