رسائل متضاربة من موسكو بشأن تخفيف حظر السلاح على ليبيا

صورة وزعها مكتب حفتر للقائه وفد الاتحاد الأوروبي بمقره في بنغازي أمس
صورة وزعها مكتب حفتر للقائه وفد الاتحاد الأوروبي بمقره في بنغازي أمس
TT

رسائل متضاربة من موسكو بشأن تخفيف حظر السلاح على ليبيا

صورة وزعها مكتب حفتر للقائه وفد الاتحاد الأوروبي بمقره في بنغازي أمس
صورة وزعها مكتب حفتر للقائه وفد الاتحاد الأوروبي بمقره في بنغازي أمس

استمرت حالة الغموض في المشهد السياسي والعسكري الليبي أمس، وسط معلومات عن ضغوط إقليمية وغربية على المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني، بعدم التدخل في المشهد السياسي إذا لم تسفر المفاوضات الراهنة عن التوصل إلى حل سلمي بحلول السابع عشر من الشهر الجاري، موعد انتهاء ولاية اتفاق الصخيرات المبرم برعاية أممية قبل نحو عامين.
وعاد غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، إلى الحديث عن مهلة خليفة. وقال عبر «تغريدة» له على «تويتر» إنه «أبلغ الصحافيين في العاصمة طرابلس، أن مجلس الأمن قال بصريح العبارة بعد آخر إحاطة لي عن ليبيا بأن 18 من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، هو مثل 17»، مشيرا إلى أنه «سوف يعيد هذا التصريح خلال الـ24 ساعة المقبلة».
واعتبر أن «الليبيين شبعوا من الفتن، وأنهم بحاجة إلى مزيد من الطمأنينة وليس لمزيد من القلق»، قبل أن يكشف بيان أصدره المجلس الأعلى للدولة في العاصمة طرابلس النقاب، عن أن سلامة أعرب لدى لقائه مع النائب الثاني لرئيس المجلس ومقرر المجلس ورؤساء اللجان الدائمة فيه، عن رفض الأمم المتحدة محاولات استغلال 17 ديسمبر (كانون الأول) ذريعة للتحرك ضد العملية السياسية الحالية، مُشددا على أن هذا التاريخ لا يمس صلاحية الاتفاق السياسي الذي يبقى الإطار المرجعي لإدارة البلاد والتوصل إلى حل سياسي.
وبحسب البيان فقد طالب المجلس الأعلى للدولة مجددا بالمساواة التامة مع مجلس النواب لإنجاح مفاوضات تعديل الاتفاق السياسي، لافتا إلى أنه دون توافق شامل لن يتمكن طرفا الاتفاق من تشكيل مجلس رئاسي جديد.
وعلق مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق بأقصى شرق البلاد، جلسته مساء أول من أمس إلى الأسبوع المقبل، لمناقشة رد البعثة الأممية حول ما تم التوصل إليه في جولات الحوار التي جرت في تونس مؤخرا، والخاصة بالسلطة التنفيذية.
وقال عضو في المجلس إنه سيتم الأسبوع المقبل استكمال مناقشة تعديل الاتفاق السياسي، وبحث الخطوات اللازمة لاستكمال عملية إجازته، لافتا إلى أن «مجلس الدولة لم يقرر بعد موقفه من التعديل، وننتظر نتائج اجتماعه مع البعثة الأممية لتحديد موقفه النهائي».
من جانبه، أبدى سلامة في المقابل تفهمه لاعتراض المجلس الأعلى للدولة على المادة الثانية من مقترحه لتعديل اتفاق الصخيرات والمتعلقة بآلية اختيار المجلس الرئاسي.
إلى ذلك، أعلن المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش، ضمنيا أنه أنهى زيارته إلى العاصمة الإيطالية روما. وقال مكتبه، في بيان مقتضب، إنه استقبل بمقر قيادة الجيش في منطقة الرجمة بمدينة بنغازي بشرق البلاد، سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، بيتينا موشايد، لبحث المستجدات على الساحة المحلية والدولية، ولتبادل وجهات النظر حول الوضع الراهن.
إلى ذلك، أرجع رئيس الحكومة الإيطالية باولو جينتيلوني، الفضل لبلاده في تسليط الضوء على حقوق الإنسان في ليبيا، ونقلت عنه وكالة «أكي» قوله أمام مجلس الشيوخ الإيطالي، إنه «بفضل المعاهدة الثنائية مع ليبيا، فإن منظمات الأمم المتحدة حاضرة ويمكنها التدخل في ليبيا».
وتابع في إشارة إلى قمة بروكسل التي ستعقد على مدى اليومين المقبلين: «سنذهب إلى المجلس الأوروبي، نحن البلد الذي يشكل مثالا من حيث الاستقبال وإنقاذ أرواح المهاجرين بمياه البحر الأبيض المتوسط، وفي التعامل بجدية وبشكل قابل للقياس في هزيمة المتاجرين بالبشر».
من جهة أخرى، استمرت روسيا في توجيه رسائل متضاربة حيال إمكانية رفع الحظر المفروض على إعادة تسليح الجيش الليبي، وفيما نقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء عن جينادي جاتيلوف، نائب وزير الخارجية الروسي، قوله إن موسكو مستعدة لبحث تخفيف حظر السلاح على ليبيا، دعا رئيس مجموعة الاتصال الروسية حول التسوية الليبية، ليف دينغوف، إلى توخي الحذر في هذه المسألة وانتظار تنفيذ اتفاق الصخيرات.
ونقلت وسائل إعلام روسية عن دينغوف قوله: «نحن لا نتخذ خطوات متهورة ونزن بعناية كل ما نقوم به فيما يتعلق بالتسوية الليبية. ومن المهم للغاية عدم ارتكاب خطأ في مسألة حظر الأسلحة، لذلك ليس الوقت المناسب اليوم للحديث عن خطوات محددة لرفع الحظر المفروض على الأسلحة». وأضاف: «دعونا ننتظر لكي يدخل تعديلات اتفاق الصخيرات حيز النفاذ».
وقال فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، مؤخرا، إنه يأمل في تخفيف حظر السلاح الذي تفرضه الأمم المتحدة، بحيث تستثنى منه بعض أفرع الجيش، علما بأنه للحكومة الليبية أن تستورد أسلحة ومعدات مرتبطة بها بموافقة لجنة تابعة لمجلس الأمن الدولي تشرف على الحظر الذي تقرر عام 2011.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد أعلن في مؤتمر صحافي عقب لقائه نظيره الليبي محمد سيالة في موسكو، أن بلاده «ستقوم بكل ما يلزم»، لتسهيل التوصل إلى اتفاق بين طرفي النزاع في ليبيا من أجل إنهاء الأزمة السياسية في البلاد، عبر استضافة جولة جديدة من المحادثات بين الأطراف الليبية الأسبوع المقبل.
في المقابل، اعتبر محمد سيالة، وزير الخارجية بحكومة السراج، أنه يتعين على مجلس النواب الليبي أن يؤدي استحقاقات قانون الاستفتاء العام للدستور وقانون الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قريبا، وقال إنه يتوقع أن تجري هذه الانتخابات منتصف العام المقبل. ودعا روسيا إلى إعادة فتح سفارتها المغلقة منذ نحو ثلاث سنوات في العاصمة طرابلس.
إلى ذلك، من المقرر أن تشهد الجلسة المقبلة لمجلس النواب الليبي اختيار مرشح لشغل منصب محافظ البنك المركزي، من بين ثلاثة مرشحين، أبرزهم علي الحبري المحافظ الحالي للبنك المركزي في مدينة البيضاء بشرق البلاد. ويوجد في ليبيا مصرفان مركزيان الأول في طرابلس يرأسه الصديق الكبير، ويعترف به المجتمع الدولي وتذهب إليه إيرادات النفط، والثاني في البيضاء شرق البلاد، يصفه المجتمع الدولي بـ«البنك المركزي الموازي» رافضا الاعتراف به.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.