الكرملين يسرع بالمصادقة على توسيع قاعدة طرطوس

عودة مقاتلات «ميغ 29» من مطار حميميم إلى قواعدها الدائمة

TT

الكرملين يسرع بالمصادقة على توسيع قاعدة طرطوس

أحال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتفاقية توسيع القاعدة البحرية الروسية في ميناء طرطوس السوري إلى مجلس الدوما من البرلمان الروسي، للمصادقة عليها. وأكد الدوما استعداده لمصادقة على الاتفاقية حتى نهاية العام الحالي.
ووقعت وزارة الدفاع الروسية مع وزارة دفاع النظام الاتفاقية المذكورة يوم 18 يناير (كانون الثاني) 2017 في دمشق. وبموجب نص الاتفاقية تحصل روسيا على الحق باستخدام القاعدة البحرية لمدة 49 عاماً، منذ لحظة توقيع الاتفاقية، قابلة للتمديد تلقائيا 25 إضافية، دون أي مقابل مادي. ويُسمح لإحدى عشر قطعة بحرية روسية بالوجود في القاعدة في آن واحد. وكانت روسيا باشرت أعمال التوسيع قبل توقيع الاتفاقية، بهدف تحويل «نقطة الدعم التقني المادي» التي أقامها السوفيات في ميناء طرطوس بموجب اتفاق مع دمشق عام 1971، لتصبح قاعدة بالمعنى التام، قادرة على استقبال قطع الأسطول الروسي، بما في ذلك غواصات نووية. وتمنح الاتفاقية للأفراد العاملين في القاعدة وعائلاتهم وممتلكاتهم الثابتة والمتنقلة حصانة دبلوماسية على الأراضي السورية.
وأعلنت الحكومة الروسية يوم 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي عن توقيع رئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف اتفاقية طرطوس، وإحالتها للرئاسة للتوقيع عليها وعرضها بعد ذلك على مجلسي البرلمان الروسي للمصادقة. وقال فياتشيسلاف فالودين رئيس مجلس الدوما من البرلمان الروسي في تصريحات، أمس، إن المجلس يخطط المصادقة على الاتفاقية حتى نهاية العام الحالي. كما أكد مجلس الاتحاد (الشيوخ) استعداده المصادقة على الاتفاقية حتى نهاية العام الحالي، وقال السيناتور فرانتس كلينتسيفيتش، نائب رئيس لجنة مجلس الاتحاد لشؤون الدفاع والأمن: «إذا نظر مجلس الدوما بالاتفاقية على عجل فنحن مستعدون للمصادقة عليها حتى نهاية العام».
ويأتي التحرك في موسكو لإنجاز كل الجوانب القانونية المتعلقة باتفاقية استخدام قاعدة طرطوس، في وقت استمرت فيه عمليات سحب القوات الروسية من سوريا بوتيرة «نشطة»، لليوم الثاني على التوالي. ووصل إلى روسيا أمس عائداً من سوريا الفريق الطبي للمهام الخاصة. وحسب معطيات وزارة الدفاع الروسية عمل على الأراضي السورية أكثر من 200 كادر طبي عسكري.
وأعلن مكتب العلاقات العامة في وزارة الدفاع الروسية عن عودة مقاتلات «ميغ 29 س.م.ت» من مطار حميميم، إلى قواعدها الدائمة في مقاطعة استرخان في روسيا، وعودة طائرة نقل عسكري من طراز «أنطونوف 72» إلى قاعدتها الدائمة في مقاطعة ساراتوف.
وفي اليوم الأول من عملية الانسحاب، وصل إلى روسيا 200 عنصر من الشرطة العسكرية على متن طائرتين من مطار حميميم إلى محج قلعة في روسيا، هذا فضلاً عن مغادرة قاذفات استراتيجية شاركت في القصف على الأراضي السورية من قواعدها المؤقتة في روسيا إلى قواعدها الدائمة قرب القطب الشمالي. وتأتي عملية سحب القوات هذه تنفيذاً لقرار أعلن عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا يوم 11 ديسمبر الحالي، بعد أن أكد إنجاز القوات الروسية مهمتها بالقضاء على الإرهاب، وشدد على ضرورة الانتقال إلى العملية السياسية. ويبقى مجهولاً مصير نحو ثلاثة آلاف متطوع روسي، قال موقع «فانتانكا» الإخباري إنهم يقاتلون في سوريا بموجب عقود مع مؤسسة «فاغنير» العسكرية الروسية.
ومع أن إعلان بوتين عن انتهاء العمليات ضد الإرهاب من حميميم بحضور رأس النظام السوري بشار الأسد، فإن الأخير قال إنه يرى أن زيارة بوتين أتت لبحث المرحلة الثانية من الحرب ضد الإرهاب، في إشارة إلى تمسكه بمواصلة العمليات القتالية. وقال موقع «سبوتنيك» الإخباري الروسي، أمس، إن قوات النظام السوري تستعد لمهاجمة محافظة إدلب، وجهزت لهذا الغرض قوات أطلقت عليها اسم «مهاجمي وكر الأفاعي». وكانت مواقع إخبارية عدة قالت في وقت سابق إن قوات النظام بالتعاون مع ميليشيات طائفية تابعة لإيران تعد العدة لمهاجمة إدلب بذريعة وجود مجموعات كبيرة من «جبهة النصرة» هناك. وقال أنطون مارداسوف، الخبير من المجلس الروسي للشؤون الدولية إن «المؤشر المهم الرئيسي حول كيفية تفسير دمشق لعبارة (عملية ضد الإرهاب) يظهر من خلال الهجمات العنيفة التي تشنها قوات النظام السوري على منطقة خفض التصعيد في الغوطة الشرقية، ضد تلك المجموعات من المعارضة التي وقعت اتفاقية وقف إطلاق النار مباشرة مع روسيا في القاهرة وفي جنيف».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.