النظام السوري يعلن فوز الأسد بـ {ولاية ثالثة».. وناشطون يشككون في نسبة المشاركة

وشريط فيديو يفضح مراسلة تلقن الناخبين أقوالهم

عناصر من الجيش السوري الحر خلال إطلاقهم صاروخا على القوات الحكومية في ريف حماه أمس (رويترز)
عناصر من الجيش السوري الحر خلال إطلاقهم صاروخا على القوات الحكومية في ريف حماه أمس (رويترز)
TT

النظام السوري يعلن فوز الأسد بـ {ولاية ثالثة».. وناشطون يشككون في نسبة المشاركة

عناصر من الجيش السوري الحر خلال إطلاقهم صاروخا على القوات الحكومية في ريف حماه أمس (رويترز)
عناصر من الجيش السوري الحر خلال إطلاقهم صاروخا على القوات الحكومية في ريف حماه أمس (رويترز)

أعلن النظام السوري ليل أمس فوز الرئيس السوري بشار الأسد بالانتخابات التي جرت أول من أمس. وكانت التوقعات كلها تشير الى ان لنتائج الرسمية محسومة لصالح الرئيس بشار الأسد.
وقال رئيس البرلمان السوري محمد اللحام، مساء أمس، إن الأسد حصل على 88.7 في المائة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية في البلاد، ليفوز بفترة ولاية ثالثة، رغم الحرب الأهلية التي دخلت عامها الرابع. وكان من المتوقع اعلان النتيجة اليوم، إلا ان النظام السوري أعلن عنها في ساعة متأخرة من مساء أمس.
وأعلنت المحكمة الدستورية العليا السورية أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية تجاوزت 73 في المائة. وقال المتحدث باسم المحكمة ماجد خضرة، في بيان تلاه عبر التلفزيون الرسمي، إن عدد المشاركين في الانتخابات بلغ «11 مليونا و634 ألفا و412» من أصل 15 مليونا و840 ألفا و575 ناخبا داخل سوريا وخارجها، مشيرا إلى أن «نسبة المشاركة بالتالي بلغت 73.42 في المائة». كما أشار إلى أن 442 ألفا و108 أوراق اعتبرت باطلة، أي 3.8 في المائة. وكان رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات هشام الشعار أعلن في وقت سابق «الانتهاء من عملية فرز الأصوات (...) وموافاة اللجنة القضائية العليا بمحاضر النتائج بعد فرز الأصوات».
في الوقت نفسه، كان التلفزيون يبث نداء من الأسد عبر شريط إخباري عاجل جاء فيه «جنودنا البواسل وهم على خطوط النار يدافعون عن الوطن ويحاربون الإرهاب أولى بكل رصاصة تطلق في الهواء تعبيرا عن الابتهاج بأي مناسبة أو حدث».
وفي موازاة انتقادات دولية على أكثر من مستوى للانتخابات الرئاسية، رأت المعارضة السورية في الانتخابات «فرصة لزيادة الدعم لها بعد أن بات المجتمع الدولي مقتنعا باستحالة الحل السياسي في ظل وجود الرئيس السوري بشار الأسد». ووصف عضو الائتلاف السوري المعارض هشام مروة، لـ«الشرق الأوسط»، خطوة إجراء الانتخابات بـ«الحماقة السياسية»، موضحا أن «المزاج الدولي تبدل لصالح المعارضة وننتظر دعما نوعيا بعد هذه الانتخابات الهزيلة لتغيير الموازين على الأرض». وقلل مروة من «أهمية تصريحات النظام حول كثافة الإقبال على الانتخابات»، مشيرا إلى أن «سكان العاصمة دمشق مثلا التزموا بيوتهم ولم يخرجوا للمشاركة، لكن إعلام النظام حاول عبر أساليبه المفبركة تصوير حشود من الناس أمام بعض المراكز الانتخابية».
وكان ناشطون معارضون تداولوا على مواقع التواصل الاجتماعي أمس شريط فيديو أخذ من البث المباشر الذي خصصه التلفزيون السوري للانتخابات. ويظهر الشريط إحدى المراسلات في مدينة اللاذقية وهي تلقن ناخبين من إدلب ما يجب أن يقولوه حول الانتخابات من دون أن تنتبه أنها على الهواء مباشرة. وأغلقت عند منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء صناديق الاقتراع بعدما مددت فترة الاقتراع من السابعة مساء حتى الثانية عشرة بسبب «الإقبال الشديد»، حسب زعم اللجنة القضائية العليا للانتخابات. وكانت صحيفة «الوطن» السورية المقربة من النظام ذكرت أن «نسبة التصويت في الانتخابات تجاوزت في عدد من المحافظات الـ70 في المائة من الذين يحق لهم الاقتراع»، مشيرة إلى أن «المرشح بشار الأسد يتجه للفوز بنسبة عالية في هذه الانتخابات». وبحسب قانون الانتخابات، يحق لأي من المرشحين التقدم بطعن خلال ثلاثة أيام من إعلان النتائج، وعلى اللجنة الدستورية العليا أن تنظر فيه في مدة لا تتجاوز سبعة أيام. ونقلت الصحيفة عن مصدر قضائي قوله إن النتائج والأرقام الرسمية قد تعلن مساء اليوم من قبل رئيس مجلس الشعب حسب القانون الانتخابي، في حين أوضح التلفزيون الرسمي السوري أن «النتائج ستنظم ضمن محاضر رسمية تقدم من قبل اللجان القضائية الفرعية في المحافظات إلى اللجنة القضائية العليا التي تقدمها بدورها إلى المحكمة الدستورية العليا، بحسب قانون الانتخابات العامة». بدورها، لم تعلن رئاسة الجمهورية السورية أي موعد لإعلان نتائج التصويت، واكتفت في بيان عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، بتوجيه «التحية لجميع السوريين الذين شاركوا بكثافة في انتخاب مرشحهم لمنصب رئيس الجمهورية وينتظرون نتائج التصويت ليبدأوا مرحلة جديدة من تاريخ سوريا».
وأفادت تقارير إخبارية من دمشق بضغوط ومضايقات تعرض لها سوريون لحملهم على المشاركة في الانتخابات. واقتيدت حافلات على متنها موظفون لإجبارهم على التصويت، بينما منع جنود عند نقاط التفتيش سوريين من مغادرة أحيائهم والتنقل فيها ما لم يروا الحبر البنفسجي على سباباتهم. وتباهى بعض مؤيدي النظام بالتصويت أكثر من مرة في مراكز اقتراع مختلفة في دمشق، وفي إحدى الحالات صوت أحدهم خمس مرات.
وسخر ناشطون معارضون من دعوة وزارة الخارجية السوري 15 مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم. وأشاروا إلى أن ذلك يعني أن «عدد سكان سوريا يتجاوز الـ35 مليونا، لأن الأمم المتحدة أكدت تجاوز أعداد اللاجئين السوريين في أنحاء العالم الخمسة ملايين، وعدد النازحين تجاوز الخمسة ملايين، وهناك أكثر من 250 ألف قتيل في صفوف المعارضة، وقتلى النظام تجاوزا الـ200 ألف، وعدد المعتقلين في سجون وأقبية أفرع الأمن يتجاوز الـ200 ألف معتقل».
كما استفاد النظام السوري من مشاركة أعداد كبيرة من العسكريين في الانتخابات للتصويت لصالح الرئيس بشار الأسد على اعتبار أن الجيش في سوريا مؤسسة عقائدية تطبق مبادئ حزب البعث الذي يشغل الأسد منصب أمانته العامة. وأفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا» بـ«مشاركة القوات المسلحة بمختلف صنوفها البرية والجوية والبحرية أبناء شعبنا السوري الاستحقاق الدستوري في انتخابات رئاسة الجمهورية».
وقالت إن «عناصر الجيش العربي السوري ضباطا وصف ضباط وأفرادا وعاملين مدنيين أدلوا بأصواتهم في المراكز الانتخابية في الوحدات والمعاهد والمدارس والمشافي العسكرية المنتشرة على مساحة الوطن»، بحسب الوكالة التي بثت صورا لوزير الدفاع فهد جاسم وهو يدلي بصوته في الانتخابات الرئاسية.
ومن جهته، دعا الاتحاد الأوروبي النظام السوري إلى إجراء «مفاوضات سياسية حقيقية» لايجاد حل للنزاع. وقالت ممثلة الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية كاثرين اشتون في بيان ان الاتحاد يى ان «الانتخابات المتوقع ان يحقق فيها الرئيس الاسد فوزا كبيرا «غير شرغية..وتسيء للجهود المبذولة من أجل ايجاد حل لهاذا النزاع المريع».



«دواء مر»... مخاوف عميقة وشراكة قلقة تجمع مصريين بـ«النقد الدولي»

السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

«دواء مر»... مخاوف عميقة وشراكة قلقة تجمع مصريين بـ«النقد الدولي»

السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)

رغم قناعتهم بأنه الملجأ وقت الأزمات، وأنه الطريق الذي «لا بديل عنه» عندما تعصف التحديات الاقتصادية بالدولة، تجمع شراكة «قلقة» مصريين بـ«صندوق النقد الدولي»، وسط مخاوف عميقة من تبعات الالتزام بشروطه وتأثيرها في قدرتهم على تلبية احتياجاتهم اليومية، حتى باتت صورة الصندوق لدى كثيرين أشبه بـ«الدواء المر»، يحتاجون إليه للشفاء لكنهم يعانون تجرعه.

على قارعة الطريق جلست سيدة محمود، امرأة خمسينية، تبيع بعض الخضراوات في أحد شوارع حي العجوزة، لا تعلم كثيراً عن صندوق النقد وشروطه لكنها تدرك أن القروض عادةً ما ترتبط بارتفاع في الأسعار، وقالت لـ«الشرق الأوسط» ببساطة: «ديون يعني مزيداً من الغلاء، المواصلات ستزيد والخضار الذي أبيعه سيرتفع سعره».

وتنخرط مصر حالياً في تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي مع صندوق النقد الدولي تم الاتفاق عليه في نهاية 2022، بقيمة ثلاثة مليارات دولار، قبل أن تزيد قيمته في مارس (آذار) الماضي إلى ثمانية مليارات دولار، عقب تحرير القاهرة لسعر الصرف ليقترب الدولار من حاجز الـ50 جنيهاً. وتلتزم مصر في إطار البرنامج بخفض دعم الوقود والكهرباء وسلع أولية أخرى، مما دفع إلى موجة غلاء يشكو منها مصريون.

«دواء مر»، هكذا وصف الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة، قروض صندوق النقد الدولي، مشيراً إلى ما يثيره «الصندوق»، في نفوس المصريين من «قلق»، ارتباطاً بما تولِّده «الديون والقروض» في نفوسهم من «أعباء ومخاوف».

يقول بدرة لـ«الشرق الأوسط» إن «المصريين دائماً ما يتحفزون ضد الصندوق نظراً لمتطلباته التي عادةً ما تؤثر في حياتهم وتزيد من أعبائهم المالية». وفي الوقت نفسه يؤكد بدرة أنه «لم يكن هناك باب آخر أمام الدولة المصرية إلا الصندوق في ظل أزمة اقتصادية بدأت عام 2011، وتفاقمت حدتها تباعاً».

كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد أكد خلال لقائه ومديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، الأحد، في القاهرة أن «أولوية الدولة هي تخفيف الضغوط والأعباء عن كاهل المواطنين».

وتأتي زيارة غورغييفا للقاهرة عقب دعوة السيسي، نهاية الشهر الماضي، لمراجعة قرض صندوق النقد مع مصر «حتى لا يشكل عبئاً على المواطن» في ظل التحديات الجيوسياسية التي تعاني منها البلاد، وأعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن «المراجعة الرابعة للقرض ستبدأ الثلاثاء»، وهي واحدة من أصل ثماني مراجعات في البرنامج.

الوصفة الاقتصادية القياسية التي يقدمها صندوق النقد عادةً ما ترتبط بالسياسة النقدية والمالية، لكنها «لا تشكل سوى ثلث المطلوب لتحقيق الإصلاح الاقتصادي والهيكلي»، حسب الخبير الاقتصادي هاني توفيق الذي أشار إلى أنه «لا ينبغي ربط كل الأعباء والتداعيات الاقتصادية بقرض صندوق النقد».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «اشتراطات صندوق النقد أو متطلباته أمور منطقية لكن لا بد أن تمتزج بخطوات إصلاح هيكلي اقتصادي لتحفيز الاستثمار والنظر في الأولويات».

بدوره، قال الخبير الاقتصادي المصري، مدحت نافع لـ«الشرق الأوسط» إن «صندوق النقد كأي مؤسسة مالية أخرى هو جهة مقرضة، لديها شروط مرتبطة بحجم مخاطر الدين وبأجندتها التي قد لا تتوافق دائماً مع أجندة الدولة وأولوياتها الوطنية».

ولفت نافع إلى أن «دراسات عدة أشارت إلى أن برامج صندوق النقد عادةً ما تحقق أهدافاً جيدة على المدى القصير من حيث كبح جماح التضخم وتحرير سعر الصرف، لكنها على المدى الطويل قد تؤدي إلى تداعيات سلبية على مستويات النمو الاقتصادي ونسب عجز الموازنة والبطالة».

لكن رغم ذلك يؤكد نافع أن «مصر كانت بحاجة إلى قرض صندوق النقد»، فهو على حد وصفه «شهادة دولية تتيح لمصر الحصول على تمويلات أخرى كانت في أمسّ الحاجة إليها في ظل أزمة اقتصادية طاحنة».

علاقة مصر مع صندوق النقد تاريخية ومعقدة، ويرتبط في مخيلة كثيرين بوصفات صعبة، تدفع نحو اضطرابات سياسية وأزمات اقتصادية، وربما كان ذلك ما حفَّزهم أخيراً لتداول مقاطع فيديو للرئيس الراحل حسني مبارك يتحدث فيها عن رفضه الانصياع لشروط الصندوق، حتى لا تزيد أعباء المواطنين، احتفى بها رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

وهنا يرى بدرة أن «الظروف السياسية والاقتصادية في عهد مبارك كانت مغايرة، والأوضاع كانت مستقرة»، مشيراً إلى أن «مبارك استجاب لمتطلبات الصندوق وحرَّك سعر الصرف لتصل قيمة الدولار إلى 3.8 جنيه بدلاً من 2.8 جنيه».

واتفق معه توفيق، مؤكداً أن «الوضع الاقتصادي في عهد مبارك كان مختلفاً، ولم تكن البلاد في حالة القلق والأزمة الحالية».

ووفقاً لموقع صندوق النقد الدولي، نفّذت مصر في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي أربعة برامج اقتصادية بدعم مالي من الصندوق، بقيمة 1.850 مليار دولار، لكنها لم تصرف سوى خمس المبلغ فقط، ما يعادل 421.3 مليون دولار. حيث تم إلغاء وعدم استكمال بعضها، بعد أن مكَّن الاتفاق مع الصندوق مصر من إلغاء 50 في المائة من دينها الرسمي في «نادي باريس».

ولتلافي التداعيات السلبية لقرض «صندوق النقد» أو على الأقل الحد منها، شدد نافع على «ضرورة الموازنة بين متطلبات (صندوق النقد) وبين أجندة الدولة الإصلاحية».

وقال: «تعديل شروط الصندوق أو تأجيل تنفيذ بعضها ليس صعباً في ظل أن الهدف الأساسي من الخطة، وهو كبح التضخم، لم يتحقق»، مشيراً في السياق نفسه إلى أن «الصندوق أيضاً متورط ويرى أن عدم نجاح برنامجه مع مصر قد يؤثر سلباً في سمعته، مما يتيح إمكانية للتفاوض والتوافق من أجل تحقيق أهداف مشتركة».

وانضمت مصر لعضوية صندوق النقد الدولي في ديسمبر (كانون الأول) 1945، وتبلغ حصتها فيه نحو 1.5 مليار دولار، وفقاً لموقع الهيئة العامة للاستعلامات، الذي يذكر أن «تاريخ مصر مع الاقتراض الخارجي ليس طويلاً، وأن أول تعاملاتها مع الصندوق كان في عهد الرئيس الراحل أنور السادات عامَي 1977 و1978 بهدف حل مشكلة المدفوعات الخارجية وزيادة التضخم».

وعقب أحداث 2011 طالبت مصر بالحصول على قرض من الصندوق مرة في عهد «المجلس العسكري» ومرتين في عهد الرئيس السابق محمد مرسي، لكنها لم تحصل عليه. وعام 2016 وقَّعت مصر اتفاقاً مع الصندوق مدته ثلاث سنوات بقيمة 12 مليار دولار. وعام 2020 حصلت مصر على 2.77 مليار دولار مساعدات عاجلة للمساهمة في مواجهة تداعيات الجائحة، وفقاً لهيئة الاستعلامات.