مباراة في كرة السلة تشعل توترا طائفيا بين مشجعي الصف السياسي الواحد

انتهت بشجار بين جمهور «الحكمة» ولاعبي «الرياضي» وتخللتها هتافات «فئوية»

مباراة في كرة السلة تشعل توترا طائفيا بين مشجعي الصف السياسي الواحد
TT

مباراة في كرة السلة تشعل توترا طائفيا بين مشجعي الصف السياسي الواحد

مباراة في كرة السلة تشعل توترا طائفيا بين مشجعي الصف السياسي الواحد

لم ينسحب الوئام السياسي القائم منذ سنوات بين مشجعي فريقي «الرياضي» المحسوب على تيار المستقبل، و«الحكمة» القريب من القوات اللبنانية، على أجواء مباريات الدور النهائي من بطولة لبنان لكرة السلة للدرجة الأولى للرجال؛ فالمباراة الأخيرة التي شهدت تنافسا قويا بين لاعبي «الحكمة» و«الرياضي»، وانتهت بفوز «الحكمة»، لم تمر على خير، واستدعت تدخل الجيش اللبناني والقوى الأمنية لإخراج لاعبي «الرياضي» من منطقة غزير المسيحية، شرق بيروت.
حالة من التدافع والتضارب بين مشجعي «الحكمة» ولاعبي «الرياضي»، سادت الملعب، إثر مشادة كلامية بين لاعبين أميركيين في صفوف الفريقين، فور نهاية المباراة، التي كان سبقتها وتخللتها وتلتها حملة تجييش وتحريض وهتافات فئوية ومناطقية. وأدت حالة التوتر التي سببها مشهد «الهرج والمرج» المنقول مباشرة على شاشات إعلامية، إلى استنفار مناطقي و«افتراضي». وأشارت الأنباء إلى تجمع شبان غاضبين من مشجعي «الحكمة» أمام مدخل النادي في منطقة غزير، بعد تطور الأشكال ونقل صور لأحد لاعبي الرياضي وهو يركل مشجعي «الحكمة» بعد أن تعرضوا له، مقابل استنفار مشجعي الرياضي وتجمعهم أمام مقره في محلة المنارة في بيروت.
واستدعى هذا الاستنفار حضور الأجهزة الأمنية التي أمنت خروج لاعبي «الرياضي» وإيصالهم إلى مقر ناديهم، علما بأنه لم يتوقف عند هذا الحد، بل امتد إلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التي غصت بتعليقات من مشجعي الفريقين، تخطت حدود المنافسة الرياضية وصولا إلى كيل الشتائم والإهانات والتعرض لرموز دينية.
ولم تكن مباراة أمس الأخيرة بين الخصمين التقليديين، اللذين صنعا في حقبة التسعينات أمجاد كرة السلة وأوصلا لبنان إلى الفوز ببطولة كأس آسيا، كما أن التشنج بين مشجعيهما ليس بجديد. وكان التفاهم السياسي بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية المتحالفين منذ عام 2005 في فريق «14 آذار» ساهم في تنفيس أجواء الاحتقان نسبيا بين مشجعي الفريقين. وساهمت الخلافات الداخلية في صفوف بعض الفرق المنافسة في التخفيف من وهج كرة السلة في السنوات الأخيرة.
وجاء فوز الحكمة أمس في المباراة الرابعة من أصل سبع يتنافس الفريقان فيها في الدوري النهائي، ليعادل النتيجة مع الرياضي 2-2، علما بأن الهيئة الإدارية لاتحاد كرة السلة كانت وجهت، في اجتماع عقدته الاثنين الماضي، إنذارا أخيرا إلى الفريقين، حذرتهما فيه من أنه «في حال حصول أي إشكال أو شغب خلال المباريات المتبقية من بطولة لبنان للدرجة الأولى، فسيجري حرمان النادي المضيف من جمهوره ونقل المباراة إلى ملعب حيادي»، وذلك إثر إشكالات وهتافات استفزازية وطائفية في المباريات السابقة.
وشهد أمس سلسلة اتصالات على أكثر من مستوى، سياسيا ورياضيا، لتطويق ذيول الإشكال وحصر تداعياته، بما لا يؤثر سلبا على استكمال المباريات الثلاث المتبقية من بطولة لبنان. وفيما كان متوقعا أن يعلن اتحاد كرة السلة بعد اجتماع مطول عقده أمس التوجه لاستكمال المباريات على ملعب فريق ثالث محايد ومن دون مشجعين، وسط مطالبة «الحكمة» باتخاذ إجراءات بحق الفريق الخصم، وتحذير «الرياضي» من مغبة اتخاذ أي إجراءات عقابية بحق لاعبيه باعتبار أنهم كانوا بمعرض الدفاع عن أنفسهم، أبدى وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي، الذي كان حاضرا على أرض الملعب في مباراة الحكمة - الرياضي، أسفه للإشكال الذي حصل، وعده نتيجة «تراكمات سابقة بين جمهور الفريقين».
ودعا حناوي اللاعبين إلى «التحلي بالروح الرياضية وعدم التضارب»، لافتا إلى أنه «حتى ولو حصل هكذا أمر فهو لا يستدعي تدخل الجمهور»، تاركا لاتحاد كرة السلة أن «يأخذ إجراءات بحق أي مخالف».
وكان رئيس الاتحاد اللبناني لكرة السلة وليد نصار أكد في حديث تلفزيوني أن «هدفه حماية وإكمال البطولة وقرارات الاتحاد تؤخذ بالإجماع ومن دون ضغوط».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.