عشرات الجرحى في مواجهات مع الاحتلال... وطعن في القدس

مظاهرات في مدن عربية وإسلامية ضد قرار ترمب... وغوتيريش قلق من تأثيره على فرص السلام

فلسطيني يلقي قنبلة غاز أطلقتها قوات الاحتلال على متظاهرين في بيت لحم أمس (أ.ف.ب)
فلسطيني يلقي قنبلة غاز أطلقتها قوات الاحتلال على متظاهرين في بيت لحم أمس (أ.ف.ب)
TT

عشرات الجرحى في مواجهات مع الاحتلال... وطعن في القدس

فلسطيني يلقي قنبلة غاز أطلقتها قوات الاحتلال على متظاهرين في بيت لحم أمس (أ.ف.ب)
فلسطيني يلقي قنبلة غاز أطلقتها قوات الاحتلال على متظاهرين في بيت لحم أمس (أ.ف.ب)

تواصلت المظاهرات في الأراضي الفلسطينية ومدن عربية وإسلامية ضد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وسقط عشرات الجرحى في مواجهات مع قوات الاحتلال، فيما طعن فلسطيني حارس أمن إسرائيلياً في القدس وأصابه بجروح خطيرة.
وقالت الشرطة الإسرائيلية إن ياسين أبو القرعة، من مدينة نابلس في الضفة الغربية (24 عاماً)، طعن حارس أمن إسرائيلياً (40 عاماً) في قلبه عند المدخل الرئيسي لمحطة الحافلات المركزية في القدس المحتلة. وقالت مصادر طبية إسرائيلية إن حالة المطعون حرجة لكنها مستقرة.
وأظهرت لقطات فيديو من المكان أن الشاب استل سكيناً بشكل مفاجئ وسريع فيما كان الحارس يفحص حقائبه، وضربه ضربة واحدة في قلبه، ثم لاذ بالفرار، قبل أن يتمكن شرطي ومستوطن من الإمساك به. وشوهد منفذ العملية يتعرض لضرب وركل مبرح وهو مثبت على الأرض.
وقال مسعف في المكان إن الحارس الجريح كان ينزف بغزارة، وإنه جرى نقله بسرعة إلى مجمع «شعاري تسيدك» الطبي. وأشار ناطق باسم المستشفى إلى أن الضحية كان فاقداً للوعي وموضوعاً على جهاز تنفس اصطناعي عند وصوله إلى المستشفى.
وأعلن جهاز الأمن العام الإسرائيلي (شاباك)، أن منفذ الهجوم يملك تصريح عمل داخل ما تُسمى «منطقة التماس» في محيط الضفة الغربية، لكن ليس داخل إسرائيل. وعُلم لاحقاً أن الشاب ينتمي إلى حركة «فتح» التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وجاء الهجوم في ظل تصاعد المواجهات الفلسطينية - الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة. واشتبك فلسطينيون، أمس، مع القوات الإسرائيلية في رام الله والخليل وطولكرم وبيت لحم وعند الجدار الفاصل في قطاع غزة. ورشق المتظاهرون القوات الإسرائيلية بالحجارة والزجاجات الفارغة، ورد الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار وقنابل الغاز والصوت. وأعلن الهلال الأحمر الفلسطيني أنه تعامل مع 58 إصابة في الضفة وغزة أمس.
وعبر وزير الأمن الإسرائيلي عن أمله في انحسار المواجهات، لكن الفصائل الفلسطينية تعهدت بتصعيد التحركات. واتفقت الفصائل على برنامج عمل يومي وصولاً إلى «جمعة غضب». وانضم فلسطينيون في الداخل الإسرائيلي إلى المظاهرات، ونظموا مسيرات ضد قرار ترمب. وأعلنت لجنة المتابعة في الداخل الفلسطيني وقوى في القدس مقاطعة المؤسسات الأميركية، رداً على قرار ترمب.
وسُجلت مظاهرات جديدة في عدد من الدول العربية والإسلامية، احتجاجاً على قرار ترمب؛ ففي مصر، تظاهر طلاب وأساتذة جامعات في جامعات الأزهر والقاهرة وعين شمس، كما سجلت مظاهرات أمام نقابتي المحامين والصحافيين في وسط القاهرة. وتظاهر آلاف في إسطنبول، فيما وصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إسرائيل بأنها «دولة إرهابية تقتل الأطفال».
وشارك عشرات الآلاف من المغاربة، أمس، في مسيرة بالرباط، نظمتها «مجموعة العمل الوطنية لدعم فلسطين» و«الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني». وردد المشاركون شعارات تستنكر قرار ترمب، وتحذر من التداعيات الخطيرة له.
وتظاهر آلاف المسلمين في باكستان وإندونيسيا وأفغانستان أمام مقرات البعثات الدبلوماسية الأميركية، تعبيراً عن غضبهم من القرار الأميركي. ورفع المتظاهرون في جاكرتا أعلاماً فلسطينية ورايات كتب عليها: «نحن مع الفلسطينيين» و«صلّوا لفلسطين».
ودعا بابا الفاتيكان فرنسيس في بيان، أمس «الجميع» إلى «الحكمة... والتروي» من أجل «تجنب دوامة جديدة من العنف»، فيما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه من أن يعوق قرار ترمب جهود التوصل إلى اتفاق سلام. وقال: «كان هناك أمل ممكن بالتوصل في النهاية لإنهاء النزاع المروع بين إسرائيل والفلسطينيين... القرار يمكن أن يقوض هذه الجهود».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.