البنتاغون: باكستان الأكثر تضحية بجنودها في مكافحة الإرهاب

اعتبر مراقبون أن العلاقة بين الولايات المتحدة وباكستان أظهرت بوادر تحسن بعد حالة التوتر التي شهدتها خلال الأشهر الماضية، والاتهامات التي وجهتها واشنطن إلى إسلام آباد حول مدى التزام الحكومة الباكستانية بالقضاء على التنظيمات الإرهابية النشطة على أراضيها.
وفي تصريحات صحافية، قالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية دانا وايت إن المحادثات التي أجراها وزير الدفاع جيمس ماتيس في إسلام آباد مع قادة باكستان كانت «مثمرة، وركزت حول أرضية العمل المشتركة بين البلدين»، مؤكدة أن الولايات المتحدة تقدر جهود باكستان في مكافحة الإرهاب والتصدي للمتطرفين، وأضافت: «الباكستانيون أكثر من تكبدوا خسائر في أرواح الجنود والمدنيين الأبرياء بسبب الإرهاب»، مشيرة إلى أن زيارة ماتيس لباكستان أظهرت أن هناك أرضية مشتركة بين البلدين أساسها «مواجهة خطر الإرهاب»، معتبرة أنه «من مصلحة الباكستانيين هزيمة الإرهاب؛ لقد خسروا آلاف الجنود وآلاف المدنيين بسببه».
وشددت وايت على ضرورة دعم المصالحة السياسية في باكستان، معتبرة أنها أمر في صالح الباكستانيين ودول المنطقة، وأيضاً الولايات المتحدة. واختتمت تصريحاتها بالتأكيد على أن واشنطن سوف تستمر في العمل مع إسلام آباد لإيجاد أرضية مشتركة يمكن بناء عليها «المضي قدماً في التعاون بين البلدين».
كان وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس قد زار إسلام آباد الاثنين الماضي، وهي زيارته الأولى إلى باكستان منذ توليه منصبه، وذلك بهدف حث الحكومة الباكستانية على مضاعفة جهودها لمواجهة الميليشيات والإرهابيين الذين يمارسون أنشطتهم عبر الأراضي الباكستانية.
والتقى ماتيس خلال الزيارة بكل من رئيس الوزراء الباكستاني شهيد خاقان عباسي، ووزير الدفاع خورام داستجير خان، ورئيس الأركان الجنرال قمر جاويد باخوا، ومدير المخابرات الجنرال نافيد مختار. وأكد خلال اجتماعاته أن الولايات المتحدة تقدر الجهود الباكستانية في مواجهة المتطرفين، لكنه شدد على أن إسلام آباد يمكنها لعب دور أكثر فعالية من أجل «تسهيل عملية السلام في أفغانستان، وهو ما سينعكس على الأمن والاستقرار في المنطقة»، بحسب تصريح للمتحدثة باسم البنتاغون، دانا وايت.
وفي مستهل الزيارة، قال ماتيس إن الولايات المتحدة تتوقع من قادة باكستان العمل من أجل دعم السلام والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «قادة باكستان أكدوا أنهم لا يدعمون الإرهاب، والهدف من زيارتي هو إيجاد أرضية مشتركة للعمل معاً».
وتأتي زيارة ماتيس لباكستان بعد زيارة سابقة له للمنطقة في سبتمبر (أيلول)، شملت الهند منافس باكستان القوي، فيما اعتبره مراقبون دليل على توترات بين واشنطن وإسلام آباد، خصوصاً بعد أن وجه مسؤولون أميركيون انتقادات حادة للحكومة الباكستانية حول جديتها في مكافحة الإرهاب بالمنطقة، كان أبرزهم الجنرال جون نيكولسون قائد القوات الأميركية في أفغانستان، الذي قال منذ أيام إن الولايات المتحدة لم ترى أي تغييرات تنفذ من قبل الحكومة الباكستانية بشأن مكافحة المتطرفين، وأضاف: «كنا في منتهى الوضوح والمباشرة مع الباكستانيين بخصوص ذلك».
وشهدت العلاقات بين الجانبين مزيداً من التأزم بعدما أمرت محكمة باكستانية، أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، بالإفراج عن حافظ سعيد الذي يرأس جماعة «الدعوة» التي تعتبرها الأمم المتحدة منظمة إرهابية. وكانت الولايات المتحدة قد رصدت، في 2012، مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لقاء أي معلومات تقود إلى توقيفه، على خلفية تورطه في هجوم بومباي الإرهابي الذي راح ضحيته أكثر من 160 شخصاً.
وجاء قرار الإفراج عن سعيد استجابة لمطالب متظاهرين متشددين أقاموا اعتصاماً في العاصمة الباكستانية. وتعليقاً على قرار المحكمة، قال المكتب الإعلامي للرئيس الأميركي دونالد ترمب إن الإفراج عن سعيد «يدحض ادعاءات باكستان أنها لن تؤمن ملاذاً للإرهابيين»، وأضاف بيان الرئاسة الأميركية: «إذا لم تبادر باكستان إلى اعتقال سعيد، وتوجه التهم إليه للجرائم التي ارتكبها، فإن عدم تحركها سيكون له تداعيات على العلاقات الثنائية، وعلى سمعتها دولياً».
وكان ترمب قد اتهم إسلام آباد بإيواء «عناصر تزرع الفوضى، ويمكن أن تهاجم قوات حلف الأطلسي التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان المجاورة».
وبعد المواقف التي أطلقها الرئيس الأميركي، عقدت عدة اجتماعات دبلوماسية رفيعة المستوى، أميركية - باكستانية، إلا أن إسلام آباد لم تبد أي تجاوب ملحوظ بتقديم تنازلات لواشنطن. ولطالما اتهمت واشنطن وكابل إسلام آباد بإيواء متطرفين أفغان، منهم عناصر في طالبان، يعتقد أنهم مرتبطون بالمؤسسة العسكرية الباكستانية التي تسعى لاستخدامهم كدرع إقليمية لمواجهة العدو اللدود الهند. وتنفي باكستان باستمرار هذه الاتهامات، وتقول إنها تتواصل معهم فقط سعياً لإقناعهم بإجراء محادثات سلام.
وبدورها، عبرت باكستان عن غضبها إزاء سعي ترمب إلى إعطاء الهند دوراً أكبر في إعادة أعمار أفغانستان.