السفير الأميركي لدى اليمن يلوح بتحرك دولي ضد الحوثيين

وصف في حديث مع «الشرق الأوسط» الاحتفال بموت صالح بـ«العمل اللاإنساني»

ماثيو تولر
ماثيو تولر
TT

السفير الأميركي لدى اليمن يلوح بتحرك دولي ضد الحوثيين

ماثيو تولر
ماثيو تولر

حذرت الولايات المتحدة الأميركية الميليشيات الحوثية من التمادي والاستمرار في ممارساتها العنيفة، والفتك بخصومها، التي تقوم بها في العاصمة اليمنية صنعاء، ووجوب توقف ذلك فوراً، مشيرة إلى أن المجتمع الدولي سيضطر لمراجعة هذه التصرفات، واتخاذ القرارات المناسبة حيال ذلك.
ودعا ماثيو تولر، السفير الأميركي لدى اليمن، الحوثيين إلى تسليم السلاح، والدخول في مفاوضات جادة لإنهاء الصراع مع جميع الأحزاب السياسية اليمنية، وفقاً للإطار الأممي الذي يرتكز على المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل وقرارات مجلس الأمن.
ووصف تولر، الذي عبر عن حزنه لوفاة الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح في حديث مع «الشرق الأوسط»، الاحتفالات التي أقامتها بعض العناصر فرحاً بوفاته بـ«اللاإنسانية» التي تتجاوز كل الموازين الدينية على الإطلاق، مؤكداً صدمته وإدانته الشديدة لمثل هذه الممارسات.
كانت الميليشيات الحوثية قد أقامت احتفالات في العاصمة اليمنية صنعاء، في اليوم التالي لاغتيال الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح في منزله على أيدي عناصرهم.
وتحدث السفير الأميركي لدى اليمن عن أن أحداث الأسبوع الماضي أظهرت مدى الصراع القائم في اليمن وتدميريته للبلاد، وقال إن «وفاة الرئيس السابق علي عبد الله صالح صادمة، وتعد تطوراً سلبياً. فمهما كان الرجل، فإن له بصمات داخل البلاد وعلى اليمنيين، وقد صدمني كثيراً وأحزنني فعلاً ما رأيته من بعض العناصر داخل أو خارج اليمن، واحتفاليتهم بوفاة الرجل. هذه الاحتفالات التي أقامها البعض تتعدى الموازين الإنسانية والدينية لأي ديانة على الإطلاق، ويجب إدانتها».
وتابع أنه بالنسبة للولايات المتحدة، فإن هذه الأحداث «تبرز بجلاء حاجة جميع الأطراف للانخراط في مفاوضات جادة لإنهاء الصراع، فمحاولة قتل الخصوم أو اضطهادهم بطرق عنيفة جداً، كل ذلك يفاقم من الأزمة أكثر، ويعقد الحل. ونؤكد مجدداً أنه ليس هناك حل عسكري للصراع القائم في اليمن».
وفي تعليقه على عمليات الإعدامات الجماعية التي تنفذها الميليشيات الحوثية ضد أعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام في صنعاء وعائلاتهم، أشار تولر إلى أن جماعة الحوثيين يبدو أنها مصممة على إخراس أعضاء المؤتمر الشعبي العام والتخلص منهم، وأردف: «المتحدثة باسم الخارجية الأميركية أصدرت بياناً قوياً يدين هذه السلوكيات والعنف الذي تنفذه جماعة الحوثيين على المظاهرات التي تحدث في صنعاء، وأنا أثني على ما قاله البيان؛ يبدو أن الحوثيين مصممون على أن يخرسوا أعضاء المؤتمر الشعبي العام ويتخلصوا منهم، وأعتقد أنه يجب على جميع الأحزاب السياسية اليمنية أن تدين هذه التصرفات، على اعتبار أن استخدام القوة والعنف ضد أولئك المعارضين لهم لا يحقق نتيجة، ويجب على الجميع أن يقف جنباً إلى جنب في حوار سياسي. أطالب الحوثيين بتسليم السلاح، والجلوس جنباً إلى جنب مع الأحزاب السياسية اليمنية، وأن يتعاطوا كما تتعاطى هذه الأحزاب مع الشعب بصورة سلمية».
وبسؤاله عن وجود تواصل مسبق مع صالح قبيل اغتياله على يد الميليشيات الحوثية، أجاب السفير بقوله: «في الواقع، لدي قنوات تواصل كثيرة مع أعضاء من حزب المؤتمر الشعبي العام، داخل اليمن وخارجه، ولا يمكنني التعليق تحديداً على أي تواصل مع الرئيس الراحل، لكن رسالتي لكل الأحزاب السياسية أن يقبلوا بالإطار الأممي لحل الأزمة، المرتكز على الحوار اليمني الشامل والمبادرة الخليجية، للوصول إلى حل سلمي للأزمة».
ويتبادر للمراقبين سؤال آخر: هل تفكر واشنطن في وضع الميليشيات الحوثية على قوائم الإرهاب، لا سيما بعد مطالبة كثير من اليمنيين بذلك؟ يجيب تولر بالقول إن «أميركا طالبت مراراً وتكراراً الحوثيين بتسليم الأسلحة، والتوقف عن الممارسات العنيفة والتخلص من خصومهم في صنعاء، ونأمل أن يفعلوا ذلك، ولكن إذا استمروا في هذه الممارسات، فإن المجتمع الدولي سيراجع هذه التصرفات، وبالتالي يتخذ القرارات المناسبة على ضوئها».
وأشار السفير إلى أن الحكومة الشرعية اليمنية تواجه تحدياً في إثبات قدرتها على إيصال الخدمات، وتوفير الاستقرار والسلام لليمنيين، وتابع: «أعتقد أنه بإمكان الحكومة اليمنية تحقيق الاستقرار لليمن، وتوفير حياة أفضل لليمنيين، وأي مجموعات تناوئ الحكومة، مثل الحوثيين أو غيرهم، عليهم العمل في هذا الإطار لصالح الشعب اليمني».


مقالات ذات صلة

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.