تمرد انفصالي في الكاميرون يسبب أزمة لاجئين على حدود نيجيريا

يتبعون أقلية ناطقة بالإنجليزية وأبوجا تنفي تقديم الدعم للمسلحين

عمل لفنانة فرنسية في مدينة دولا لامرأة تحمل يافطة تطلب فيها الصفح من الشعب الكاميروني الناطق بالفرنسية عن جرائم الفترة الاستعمارية (أ.ف.ب)
عمل لفنانة فرنسية في مدينة دولا لامرأة تحمل يافطة تطلب فيها الصفح من الشعب الكاميروني الناطق بالفرنسية عن جرائم الفترة الاستعمارية (أ.ف.ب)
TT

تمرد انفصالي في الكاميرون يسبب أزمة لاجئين على حدود نيجيريا

عمل لفنانة فرنسية في مدينة دولا لامرأة تحمل يافطة تطلب فيها الصفح من الشعب الكاميروني الناطق بالفرنسية عن جرائم الفترة الاستعمارية (أ.ف.ب)
عمل لفنانة فرنسية في مدينة دولا لامرأة تحمل يافطة تطلب فيها الصفح من الشعب الكاميروني الناطق بالفرنسية عن جرائم الفترة الاستعمارية (أ.ف.ب)

باتت الأزمة الناجمة عن تمرد انفصالي بين الأقلية الناطقة بالإنجليزية في الكاميرون منذ سنة، تؤثر على نيجيريا المجاورة التي تدفق إليها آلاف اللاجئين هرباً من أعمال العنف ويسعى بعض الانفصاليين إلى إقامة قواعد خلفية لهم فيها على ما يبدو. فقد اجتاز أكثر من 28 ألف شخص الحدود من غرب الكاميرون ولجأوا إلى ولاية كروس ريفر (جنوب شرقي نيجيريا) منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول)، وفق جون ايناكو، المدير العام لهيئة إدارة الطوارئ، الذي قال إن السلطات النيجيرية «لم تتمكن بعد من تسجيل كثيرين منهم». وأضاف ايناكو لوكالة الصحافة الفرنسية أنهم «يستمرون بالوصول» مشيا عبر الأدغال، هربا من قمع حكومة ياوندي الذي يشتد على ما يبدو.
في أعقاب أشهر من الاحتجاجات على تهميشها السياسي والاقتصادي، انضمت شريحة كبيرة من أبناء الأقلية (20 في المائة من 23 مليون نسمة) في الأسابيع الأخيرة إلى صفوف الانفصاليين الذين ينادي بعضهم بالعمل المسلح.
وشهد الوضع الأمني تدهورا كبيرا ترافق مع زيادة السلطات الكاميرونية عمليات قمع المظاهرات الانفصالية. وقتل عشرة عسكريين وشرطيين وعدد كبير من المدنيين منذ الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، تاريخ الإعلان بصورة رمزية عن إقامة «دولة» امبازونيا المستقلة. وتركزت أعمال العنف الجديدة التي تستهدف قوى الأمن، وتحرض عليها مجموعات صغيرة تتفاوت في درجة تنظيمها، في قرى حدودية محاطة بغابات كثيفة وجبال. وأعلنت مصادر أمنية الجمعة، كما جاء في تحقيق الصحافة الفرنسية، مقتل سبعة أشخاص هم دركي وستة «مهاجمين»، وأصيب سبعة آخرون، خلال «هجوم عنيف» شنه انفصاليون مفترضون على فرقة للدرك، في جنوب غربي البلاد الناطق باللغة الإنجليزية. وتشتبه الحكومة الكاميرونية باستخدام بعض الانفصاليين الأراضي النيجيرية قاعدة خلفية وللتزود بالأسلحة، في حين يصعب كشف عمليات التسلل عبر الحدود.
وأكد الكولونيل ديدييه بادجيك، المتحدث باسم الجيش الكاميروني، في اتصال أجري معه من لاغوس، «ثمة أمر أكيد، هو أن العناصر الأكثر راديكالية يقومون بعمليات تجنيد لتشكيل مجموعات مسلحة».
وفي ضواحي مامفي بالكاميرون، حيث هاجم انفصاليون مركز مراقبة وقتلوا أربعة عسكريين، اعتقل الأسبوع الماضي أحد عشر شخصا يشتبه بأنهم يريدون التوجه إلى نيجيريا لتلقي التدريبات. وقال ننا - ايميكا اوكيريكي، المتخصص بالمسائل الاستراتيجية والذي يعمل في أبوجا، إن «على السلطات النيجيرية إبداء مزيد من اليقظة والحذر». وقال إنه «في الوقت الحالي لا زلنا نتحدث عن حوادث متفرقة، لا سيما عن أعمال انتقامية تستهدف قوات الأمن لكن ما أن تصبح هذه العمليات منسقة، فإنها ستشكل مشكلة كبيرة تتجاوز حدود الكاميرون». وأضاف هذا الخبير في شؤون المنطقة أن الخطر قائم بسعي بعض الانفصاليين الكاميرونيين إلى التنسيق مع حركات نيجيرية، حتى في غياب عناصر ملموسة تتيح تأكيد ذلك.
وولاية كروس ريفر التي يتدفق إليها اللاجئون، ليست بعيدة عن دلتا النيجر حيث تنتشر الأسلحة والمجموعات المتمردة التي تدأب على تفجير البنى التحتية النفطية مطالبة بإعادة توزيع أفضل لعائدات الذهب الأسود.
وجنوب شرقي نيجيريا هو أيضا معقل المجموعات الموالية لاستقلال بيافرا الذي تسبب إعلانه من جانب واحد في اندلاع حرب أهلية دامية قبل 50 عاما. وتتقاسم هذه المجموعات «العقيدة نفسها» و«الشعور نفسه بالاستبعاد» تجاه السلطة المركزية، كما يقول اوكيريكي. ولم تتحدث السلطات النيجيرية بعد بصورة رسمية عن الأزمة على أبوابها، لكن مسؤولا كاميرونيا كبيرا طلب التكتم على هويته، قال إن «الرئيسين (محمدو) بخاري و(بول) بيا، ناقشا المسألة والاتصالات الهاتفية على ما يرام بين ياوندي وأبوجا».
شهدت علاقات نيجريا والكاميرون صعوبات في السابق بسبب خلاف حدودي حول شبه جزيرة بكاسي، الغنية بالنفط، لكن اتفاق التنازل عنها لياوندي، المعقود في 2008. أتاح حصول تقارب تدريجي. ومنذ سنتين، يتعاون جيشا البلدين تعاونا فعالا في التصدي لجماعة بوكو حرام في الشمال قرب بحيرة تشاد. ويتخوف كثيرون في الوقت الراهن من تصعيد جديد للتوتر من شأنه أن يؤدي إلى حركات نزوح جديدة في اتجاه نيجيريا. وقد اجتمع الرئيس الكاميروني، الذي عادة ما يكون شديد التحفظ، مع كبار معاونيه في نهاية الأسبوع الماضي، لمناقشة الأوضاع بعدما دان «الهجمات المتكررة لعصابة من الإرهابيين». وأوجز الكولونيل بادجيو الوضع بالقول: «كنا نتعامل بصبر وروية، وباتت التعليمات أشد حزما» من السابق، نافيا إرسال تعزيزات عسكرية إلى المنطقة الناطقة باللغة الإنجليزية. وقال: «سنلاحق الإرهابيين أينما كانوا حتى نقضي عليهم». وقال مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية «يجرى تحضير عمليات كثيفة للجيش (في المناطق الناطقة باللغة الإنجليزية)».
من جهة أخرى، أكد لاوان آبا غاشغار، السفير والموفد الخاص للرئيس بخاري إلى الكاميرون، بعد لقاء في ياوندي مع الرئيس الكاميروني بول بيا، أن نيجيريا لا تدعم «بأي شكل من الأشكال» الانفصاليين الناطقين باللغة الإنجليزية في منطقة غرب الكاميرون التي «تتطابق في شأنها وجهات نظر» البلدين. وأضاف أن «الحكومة النيجيرية تؤيد العودة السريعة إلى الهدوء في الكاميرون والحفاظ على وحدة أراضيها».



​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
TT

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

استعادت جماعة «بوكو حرام» الموالية لـ«تنظيم داعش» الإرهابي، قدرتها على المبادرة والهجوم في مناطق مختلفة بشمال نيجيريا، وشنّت هجوماً استهدف قاعدة عسكرية تابعة للجيش، قُتل فيه خمسة جنود على الأقل، وأُصيب عشرة جنود، فيما قال الجيش إنه قتل أكثر من خمسين من عناصر الجماعة الإرهابية.

وقالت قيادة الجيش النيجيري في بيان، إن الهجوم الإرهابي الذي شنّه فرع من جماعة «بوكو حرام»، في غرب أفريقيا، استهدف القوات المتمركزة بموقع عمليات التثبيت بقرية «كاريتو»، بولاية بورنو، في أقصى شمال شرقي نيجيريا، على الحدود مع دولة النيجر.

البيان الصادر عن مدير الإعلام العسكري، اللواء إدوارد بوبا، قال إن الهجوم الإرهابي وقع بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع، ووصفه بأنه «كان منسقاً»، قبل أن يؤكد «مقتل خمسة جنود وإصابة عشرة آخرين بجروح، بالإضافة إلى فقدان أربعة جنود آخرين».

من عملية ضد جماعة «بوكو حرام» (أرشيفية متداولة)

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم قيادة الجيش إن «القوات المسلحة نجحت في القضاء على عدد من الإرهابيين، واستعادة أسلحة كانت بحوزتهم»، مشيراً إلى تكبد الجيش خسائر مادية «فادحة»، حيث إن منفذي الهجوم الإرهابي أحرقوا بعض المعدات «بما في ذلك شاحنة محملة بالأسلحة، وثلاث مركبات تكتيكية، وجرافة».

وأطلق الجيش النيجيري عملية تعقب بقيادة وحدة من قوات الدعم مع غطاء جوي، وقال إن الهدف هو «استكشاف المنطقة بشكل عام، ومسارات انسحاب الإرهابيين»، وفق تعبير البيان.

وتسعى القوات النيجيرية إلى قطع الطريق أمام منفذي الهجوم الإرهابي، بهدف استعادة الجنود المفقودين، في ظل توقعات بأن الإرهابيين «اختطفوهم» ليكونوا دروعاً بشرية تحميهم من أي قصف جوي.

صورة أرشيفية لهجوم شنّته جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا (رويترز)

الهجوم الإرهابي استهدف قرية «كاريتو»، التي لا تبعد سوى 153 كيلومتراً عن العاصمة الإقليمية مايدوجوري، وهي المقر الرئيس لـ«الكتيبة 149» التابعة للجيش النيجيري، التي تشارك بنشاط في عمليات محاربة الإرهاب، كما استهدف معاقل فرعي جماعة «بوكو حرام»، الموالية لتنظيمي «داعش» و«القاعدة».

وقالت قيادة الجيش النيجيري إن «هذا الهجوم لن يثني القوات المسلحة النيجيرية عن القضاء على الإرهاب والتمرد والتحديات الأمنية الأخرى التي تواجه البلاد»، وأعربت عن تعويلها على تعاون السكان المحليين في ملاحقة الإرهابيين.

وأعلن حاكم ولاية بورنو، باباغانا زولوم، عن وقوفه إلى جانب القوات المسلحة النيجيرية، وأضاف في بيان صحافي أن الهجوم «يعيد إلى الأذهان مستوى وحشية العناصر الإرهابية لجماعة (بوكو حرام)».

وبينما أعلن عدد من كبار قادة الجيش في نيجيريا عن انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»، والاقتراب من القضاء عليها بشكل نهائي، بدأت الجماعة تعيد ترتيب صفوفها، وإظهار قدرات جديدة على المبادرة والهجوم.

ففي حادث منفصل، نصب مسلحون من «بوكو حرام»، الثلاثاء، كميناً لفريق مراقبة من قوات الأمن والدفاع المدني النيجيرية، كان يتفقد منشآت الشبكة الوطنية للكهرباء والطاقة في إقليم النيجر التابع لنيجيريا.

مسلحو «بوكو حرام» خلَّفوا الخراب والدمار في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم قوات الأمن والدفاع المدني أفولابي باباوالي، إن خطوط الشبكة الوطنية للطاقة تعرضت مؤخراً لهجمات إرهابية تخريبية، وقد أسفرت عن انقطاع واسع للتيار الكهربائي في أقاليم شمال نيجيريا.

وأوضح المتحدث أنه «حينما كانت فرق الأمن تتفقد خطوط الشبكة الوطنية، تعرضت لهجوم إرهابي نفذه أكثر من 200 مسلح نصَبوا كميناً من قمة أحد التلال»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن المواجهات بين الطرفين «أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين إرهابياً، فيما يوجد سبعة جنود في عداد المفقودين».

وتتزامن هذه الهجمات الإرهابية المتفرقة، مع معارك طاحنة تجري منذ أسابيع ما بين جيش تشاد ومقاتلي «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، التي تُوصف بأنها «العمق الاستراتيجي» للتنظيم الإرهابي، حيث توجد قواعده الخلفية وسط الغابات والجزر المترامية في واحدة من أكبر المناطق الرطبة في أفريقيا.