«حملة مليوني توقيع» بالجزائر لإلغاء رفع أسعار الوقود

أطلقت «المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك وإرشاده»، حملة كبيرة لجمع مليوني توقيع للمطالبة بإلغاء قرار رفع أسعار البنزين والديزل، الذي سيبدأ تطبيقه في الأول من يناير (كانون الثاني) 2018، في حين أعلنت 12 نقابة مستقلة، تمثل قطاعات حساسة، إضراباً شاملاً قبل نهاية العام بسبب ما أسمته «إجراءات لا شعبية عقابية» اتخذتها الحكومة لمواجهة أزمة انخفاض سعر النفط.
ونشرت «المنظمة» بالمنصات الاجتماعية الرقمية: «استمارة» وطالبت بوضع التوقيعات عليها؛ تحسباً لرفعها إلى رئيس الوزراء أحمد أويحي. وعدَت الجمعية، التي لها مصداقية كبيرة بالمجتمع المدني، رفع أسعار الطاقة «تعدَيا على الحقوق الأساسية للمواطنين؛ لأنها تلحق ضرراً بالقدرة الشرائية للمواطنين».
وتضمن قانون الموازنة لسنة 2018، رفع سعر البنزين من 35 ديناراً (0.30 دولار أميركي) إلى 41 ديناراً (0.35 دولار)، ورفع سعر الديزل من 20 ديناراً (0.15 دولار) إلى 23 ديناراً (0.17 دولار). وتعتزم الحكومة زيادات أخرى في المادتين الطاقويتين، عام 2019 حتى يقتربا من سعرهما الحقيقي غير المدعَم. يشار إلى أن البنزين والديزل يتم تهريبهما بكميات كبيرة، عبر الحدود مع تونس (شرق) والمغرب (غرب)، بسبب ثمنهما المنخفض مقارنة بما هو مطبَق في البلدين الجارين، حيث يجري بيع المنتج الجزائري، المستورد من الخارج، بأسعار أغلى.
ويرتقب أن تخلف هذه الزيادة ارتفاعاً فاحشاً في أسعار نقل الأشخاص والبضائع. ويثار حالياً جدل كبير في البلاد بسبب رفع أسعار الخبز من طرف عشرات الخبَازين. وأعلنت وزارة التجارة عن عقوبات ضدهم، وصلت إلى المتابعة القضائية. وبدأت سياسة تحرير أسعار المواد المدعَمة، نهاية 2015 وجاءت نتيجةً لتأثر موازنة البلاد من انخفاض أسعار المحروقات. وأعلنت الحكومة شهر سبتمبر (أيلول) الماضي طبع مزيد من الأوراق النقدية، لحل مشكلة السيولة. وقال رئيس الوزراء حينها: إن الحكومة «ستعجز في شهر أكتوبر (تشرين الأول) عن دفع أجور موظفي القطاع العام، إذا لم تلجأ إلى التمويل غير التقليدي للموازنة».
وقال إسماعيل لالماص، خبير الاستشارة في مجال الاستيراد والتصدير، لـ«الشرق الأوسط»: «لن يمكن رفع أسعار الوقود الحكومة من تحصيل أموال كبيرة، فالعجز المالي أصبح كبيراً منذ أن تراجعت إيرادات النفط من 60 مليار دولار عام 2012 إلى 31 مليار دولار العام الماضي. حكومتنا في حاجة إلى إصلاحات اقتصادية عميقة، ينبغي أن تبدأها حالاً على أن تجني ثمارها بعد 3 إلى 4 سنوات على أقل تقدير».
ولمح وزير المالية عبد الرحمن راوية، بأن الدولة ستتخلى عن دعم أسعار الحليب والخبز ومواد غذائية أخرى، في غضون العامين المقبلين إذا استمر تدهور سعر البرميل. وأثار إلغاء الضريبة على الثروة، من قانون الموازنة، جدلاً حاداً لأنه حرم الخزينة من مورد مهم. ويرى مراقبون أن الأزمة المتولدة عن شحَ الموارد المالية، سببها سياسات اقتصادية «عرجاء» أفرزت سوء توزيع ريوع النفط على الجزائريين. فقد ضخت الدولة في آلة الاقتصاد، مئات المليارات من الدولارات منذ وصول بوتفليقة إلى الحكم قبل 16 سنة، ومع ذلك ما زال الاقتصاد يعاني من تبعية شبه كلية لعائدات النفط.
في السياق نفسه، أعلنت 12 نقابة من قطاعات التعليم والتعليم العالي، والصحة والاتصالات السلكية واللاسلكية، عن تنظيم احتجاج كبير في العاصمة، عشية العام الميلادي الجديد؛ تنديداً بـ«استهداف المواطن في جيبه». وعقدت النقابات اجتماعاً أول من أمس، لبحث المظاهرة التي دعت إليها كل المواطنين. كما أعلنت عن تنظيم اعتصامات ومظاهرات بالجامعات والمدارس والمستشفيات الحكومية ووكالات البريد والهاتف، في اليوم نفسه. يشار إلى أن الحكومة تمنع منذ 16 سنة تنظيم مظاهرات بالعاصمة، بذريعة «الخوف من انزلاقات أمنية».