الإصلاح ومحاربة الفساد تحديان أمام لبنان بعد مؤتمر باريس

الإصلاح ومحاربة الفساد تحديان أمام لبنان بعد مؤتمر باريس
TT

الإصلاح ومحاربة الفساد تحديان أمام لبنان بعد مؤتمر باريس

الإصلاح ومحاربة الفساد تحديان أمام لبنان بعد مؤتمر باريس

حمّل مؤتمر باريس لبنان وحكومته مسؤولية مضاعفة حول قضايا عدة، وهي إضافة إلى سياسة النأي بالنفس، التي كانت عنوان عودة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري عن استقالته، الإصلاح الحكومي والمؤسساتي، ومحاربة الفساد، كما الاستراتيجية الدفاعية.
وفي مرحلة بات فيها لبنان أمام اختبار محلي ودولي لمدى التزامه والتزام أفرقائه، وعلى رأسهم «حزب الله» بـ«النأي بالنفس»، كانت لافتة التوصيات التي جاءت على لسان أكثر من جهة في المؤتمر حول الإصلاح الحكومي والمؤسساتي في لبنان، الذي احتل المركز 136 عالمياً من أصل 1766 دولة شملتها قائمة دول العالم الأقل فساداً، وفقاً لمؤشر لعام 2016، الصادر عن منظمة الشفافية الدولية.
ويرى سامي نادر، رئيس مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية في بيروت، أن هناك شرطين أساسين لنجاح واستفادة لبنان من مؤتمر باريس، وهما: سياسي وإصلاحي بشكل رئيسي. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الشرط «السياسي أتى بعد تدويل الأزمة اللبنانية منذ استقالة الحريري، بحيث أصبحت سياسة النأي بالنفس تحت المجهر الدولي، وبالتالي تأمين مواكبة وشبكة أمان لها، والثاني عبر تطبيق الإصلاحات ومراقبة المساعدات والقروض، بينما ستبقى قضية الاستراتيجية الدفاعية وسلاح (حزب الله) معلقة إلى حين إنهاء الأزمة السورية». ويتوقف عند ضمانة الالتزام بما سيصدر عنه، وارتباطه بنتائج «اتفاق النأي بالنفس» الأخير الذي يفتقد إلى آلية للتنفيذ أو جدول زمني من شأنه إلزام الأفرقاء به، واصفاً إياه بـ«الهش» الذي لم ينتج عنه إلا تخفيف نبرة «حزب الله»، من دون تقديمه أي التزام.
وفي الشق الإصلاحي، يؤكد نادر أنه «يبدو واضحاً من خلال المؤتمر أن كل المساعدات والقروض التي قد يحصل عليها لبنان ستبقى مرتبطة بالإصلاحات التي عليه تطبيقها، بعدما كانت تمنح إلى لبنان وتصرف من دون محاسبة ومراقبة»، ويلفت إلى أن «توقيت هذا المؤتمر أتى في ظل الحديث عن صفقات في النفط»، مضيفاً: «لا شك أن كل القروض والمساعدات التي ستقدم إلى لبنان ستكون مقابل تعهّدات للعائد النفطي، أي ستستفيد من وجود النفط لضمان قروضها بعد دخول دول أساسية على خطه، أهمها فرنسا وإيطاليا وروسيا».
ومن جهته، يقول مدير مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والمتوسط في جنيف حسني عبيدي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «اجتماع باريس يهدف إلى طمأنة الجهات الدائنة والمانحة المحتملة، على غرار البنك الدولي وصندوق النقد الدولي».
وشدد رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط على أهمية محاربة الفساد، ودورها في نجاح المؤتمر، وقال «إن مؤتمر باريس لدعم لبنان في غاية الأهمية، لكن لإنجاحه وجب الإصلاح أولاً، ووقف الهدر ثانياً، والحد من العجز ثالثاً. ومن جهة أخرى، فلتكن معالجة النفايات أولوية، بدل طمرها في البحر، أو نثرها في البراري».
ومع إقراره بالفساد المستشري في لبنان، المرتبط إلى حد كبير بالنظام السياسي، يرى النائب غسان مخيبر، رئيس اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الإدارة والعدل المكلفة بدراسة اقتراحات القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد، أن لبنان في الطريق الصحيح نحو محاربة الفساد، عبر إقرار القوانين اللازمة، ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «هناك خطة كاملة لمكافحة الفساد، وسلة تشريعية، بعضها أقر وبعضها الآخر لا بد أن يوضع على طاولة جلسات مجلس النواب المقبلة، لتشكل مجتمعة إطاراً جدياً للشفافية والمحاسبة»، مؤكداً في الوقت نفسه أن «التحدي يكون عبر التنفيذ، في بلد يعتبر فيه الفساد بنيوياً ومتجذراً في النظام السياسي، عبر استغلال المال العام وغيره، وهو ما لا تنفيه معظم الأطراف اللبنانية، وكان ضمن أبرز المواضيع التي تعهّد بمحاربتها رئيس الجمهورية ميشال عون في خطاب القسم».
وذكّر مخيبر بالقانون الذي أقره مجلس النواب، المتعلق بحق الوصول إلى المعلومات، مشدداً على أهمية «إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد»، وقانون الإثراء غير المشروع، وتعزيز قدرات القضاء المالي، وغيرها من مشاريع القوانين التي باتت جاهزة للإقرار بعد سنوات من العمل عليها.
وبعدما كانت الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية (لا فساد) قد رأت أن احتلال لبنان المركز 136 في قائمة دول العالم الأقل فساداً عكس إلى حد كبير فترة ما قبل انتخاب رئيس الجمهورية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، حيث طال الفساد كل القطاعات مستفيداً من الخلاف السياسي الذي لعب دوراً أساسياً في تعطيل الأداء الحكومي، وشل الحركة التشريعية للمجلس النيابي، وساهم في تغييب الأجهزة الرقابية، اعتبرت أن قانون «حق الوصول إلى المعلومات» يعد مدماكاً أساسياً لمكافحة الفساد، سبقه أيضاً تعيين وزير في الحكومة لهذه الغاية، وهذا مؤشر على نية الحكومة السعي لمكافحة الفساد.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.