السجال بين «الحر» و«القوات» يحتدم تحت «تفاهم معراب»

مصادر «قواتية» تتهم باسيل بـ «افتراءات»

TT

السجال بين «الحر» و«القوات» يحتدم تحت «تفاهم معراب»

تحوَّل السجال الذي انطلق قبل نحو 3 أسابيع بين الحزبين المسيحيين الرئيسيين في لبنان، «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، والذي كان يتم عن طريق المصادر وبشكل غير رسمي، إلى سجال علني عالي النبرة قبل 3 أيام، وبالتحديد مع إعلان رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل أن «القوات انقلبوا على التفاهم»، داعياً إياهم لمراجعة أدائهم. ومهّد تراشق المواقف بين باسيل ورئيس «القوات» سمير جعجع الذي شدد على أن «التفاهم يعني الشراكة، لا أن يضع فريق نفسه في تصرف آخر»، لاتساع رقعة السجال بين الطرفين بغياب أي بوادر لضبط الوضع، والحد من انهيار العلاقة العونية - القواتية، التي قاربت في الأشهر الماضية حد التحالف بعد سنوات من العداء انتهت مع توقيع ما عُرف بـ«تفاهم معراب» في العام 2016، الذي كرّس المصالحة المسيحية، وساهم إلى حد بعيد بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية.
ورغم تأكيد الحزبين اليوم أن التواصل بينهما لم ينقطع، وبالتحديد عبر القناة المعتمدة منذ سنوات، المتمثلة بوزير الإعلام ملحم الرياشي من جهة «القوات»، والنائب إبراهيم كنعان من جهة «الوطني الحر»، يصر الطرفان على تقاذف المسؤوليات بما يتعلق بوصول الأمور إلى ما وصلت إليه، وإجراء «جردة حساب» لكل المرحلة الماضية.
ويشير النائب في «التيار الوطني الحر» ناجي غاريوس إلى أن التيار حاول ومنذ البداية استيعاب حزب «القوات»، «إن كان في مرحلة تشكيل الحكومة حين طالبوا بتقاسم المقاعد الوزارية معنا، إلى حد وصلت بنا الأمور لإعطائهم من حصتنا، أو في المرحلة التي تلت حين أصروا على التدخل بوزاراتنا بحجة أنهم يحاربون الفساد، علماً بأن هذا الشعار هو شعارنا، وأنّهم بذلك يوجهون اتهامات ولو غير مباشرة لوزرائنا بالفساد علماً بأننا كنا قادرين على التصويب على وزرائهم لو أردنا». ويضيف غاريوس في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «بعد ذلك غادر الدكتور جعجع إلى أستراليا، وفي جولته خارجية أصر على انتقاد الحكومة وحث رئيسها على الاستقالة، من دون أن يقدم هو على سحب وزرائه منها».
ويشدد غاريوس على أنه، وطوال المرحلة الماضية، كان «التيار» يحاول استيعاب «القوات» وهو لا يزال كذلك، «لكن باعتقادنا أنّهم وكما قال الوزير باسيل، تمادوا». ويضيف: «ورغم كل ذلك نعتقد أن الخلافات والتباينات بيننا لا تزال بسيطة ونحن قادرون على تخطيها».
بالمقابل، يبدو حزب «القوات» مستاء تماماً من التصريحات الأخيرة التي أدلى بها باسيل في وقت سابق هذا الأسبوع، متهماً الحزب بـ«الانقلاب على التفاهم بين الطرفين». وفي هذا السياق، اعتبرت مصادر قواتية أن «وزير الخارجية هو الذي فتح السجال العلني بين الطرفين بعدما كانت السهام تصلنا من كل حدب وصوب دون أن يكون هناك من يتبناها رسمياً». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «باسيل شنّ في إطلالته الأخيرة حملة من الافتراءات والأضاليل والأكاذيب بحقنا لا تمت للحقيقة بصلة، فرمى المسؤوليات تجاهنا بتخطي التفاهمات السابقة علماً بأنه شخصياً و(حزب الله) من قفزوا فوق هذه التفاهمات، وساهما بشكل أو بآخر باندلاع الأزمة السياسية الأخيرة». وشددت المصادر على أنه «لو التزم باسيل وحزب الله بسياسة (النأي بالنفس) لما وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه اليوم». وأضافت: «نحن لن نسمح برمي الاتهامات صوبنا جزافاً لكننا رغم ذلك نعتقد أن كل ما يجري لا يفسد بالود قضية»، مؤكدة أن العلاقة لن تعود مع التيار للقطيعة والمواجهة و«إن كنا في مرحلة عنوانها التباين».
اللافت أن حزبي «القوات» و«الوطني الحر»، ورغم التمادي بتقاذف الاتهامات والمسؤوليات، يصران على عدم عودة الأمور إلى ما قبل المصالحة، وهما يؤكدان على أن كل ما يحصل يبقى تحت سقف «تفاهم معراب».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.