{تحضيرات} في ليبيا لنقل رفات الأقباط إلى مصر

عقب اعتراف «داعشي» شاهد المذبحة

TT

{تحضيرات} في ليبيا لنقل رفات الأقباط إلى مصر

كشف أحد عناصر تنظيم داعش في ليبيا، عن تفاصيل جديدة حول حادثة مقتل 20 مسيحياً مصرياً على ساحل مدينة سرت، فبراير (شباط) 2015، وتضمنت اعترافاته طريقة ذبحهم، ومكان دفنهم، والأشخاص الذين تورطوا في الجريمة، كما تحدث عن طريقة تصوير الواقعة، والكاميرات المستخدمة فيها.
في حين قال مصدر بمكتب النائب العام الليبي لـ«الشرق الأوسط»: إنه «جاري التحضير لنقل رفات الأقباط إلى مصر قريباً».
وروي «الداعشي» هشام إبراهيم عثمان مسمح، ويكنى بـ«أبي حمزة» في مقطع فيديو بثته إدارة مكافحة الجريمة في مدينة مصراتة (شمال غربي البلاد)، مساء أول من أمس، أن «معدات التصوير والملابس التي صورت بها المذبحة وصلت إلى ليبيا من تركيا عبر مطار معيتيقة الدولي، عن طريق شخص يسمي أحمد الهماري المكنى بـ(أبي عبد الله)».
وقال مسمح، إنه من مواليد ليبيا، ويسكن في شارع الصحابة بدرنة، مشيراً إلى أن «أحد مقاتلي (داعش) في المدينة هاشم أبو سدرة طلب منه التوجه معه إلى سرت، في سيارته الخاصة، ولاحظت أن بها أدوات حفرت».
وتابع: «سرنا مسافة طويلة في الصحراء حتى وصلنا سرت، ومنها إلى شاطئ بالقرب من فندق المهارى، ومبنى الأمن العام في المدينة»، مستطرداً: «وجدت مجموعة من الشباب يرتدون ملابس برتقالية، من خلفهم مقاتلون ملثمون من (جماعتنا) عرفت فيما بعد أنه تم انتقاؤهم بعناية من معسكر للجماعة تنظيم داعش في خشوم الخيل». وقال: إن خليفة مرزم وأبو البركات، القياديين في «داعش» ذهبا قبل يومين من المذبحة، واختارا هؤلاء الأشخاص الذين ظهروا في الفيديو من ذوي الأجسام الضخمة، وكان من بينهم أبو عبد الرزاق السنغالي، وأبو صخر التونسي، وأبو حفص التونسي، وأبو محمد السنغالي، وأبو أسامة التونسي، وأبو عمر التونسي، وأبو حنظلة التونسي.
ومضى «الداعشي» مسمح، يقول: «فور وصولنا إلى مكان الواقعة شاهدت أدوات تصوير وكاميرات حديثة (ضد المياه)، ولاحظت وجود (أبو عامر الجزراوي)، أحد قيادات تنظيم داعش بسرت، وكان أبو معاذ خلف الكاميرات يوجه أبو عامر».
وقال: «الذي أعطى الأوامر بذبح الأقباط هو أبو عبد العزيز الإمباري، وعندما أشار الأخير بيده لأعلى ألقوا بالأقباط العشرين، ومعهم شخص أفريقي على الأرض وبدأوا في ذبحهم تباعاً، ووضع رؤوسهم على ظهورهم».
واستكمل: «بدأ أبو عامر يردد ثأرنا لأختنا (كاميليا) في إشارة إلى سيدة قبطية أسلمت عام 2006 في مصر، وقال الآن لوثنا مياه البحر بدماء النصارى، كما لوثوا البحر بدماء الشيخ أسامة، ثم نادى على (أبو البركات) لرفع الجثث لدفنهم، ومعرفة مكان الدفن لاستخدامها إذا احتجنا إليها».
وتابع: «تم وضع الجثث الـ21 في سيارتين وتغطيتها ببطاطين، وأخبرني أبو البركات فيما بعد أنه تم دفنهم جنوب سرت، لكن بعد 11 شهراً كنت أسير مع عبد السلام أشجاج جنوب سرت، فقال لي إن (أبو البركان) دفن الأقباط في الأكوام... وهي مقر لإحدى الشركة في هنجر محاط بساتر ترابي كبير» في المدينة.
وسبق أن أعلن مدير التحقيقات في مكتب النائب العام الليبي، سبتمبر (أيلول) الماضي، القبض على منفذ ومصور واقعة ذبح الأقباط المصريين في ليبيا، كما كشفت عن مكان التنفيذ في سرت، مشيرة إلى أنها حددت مكان جثث الأقباط المصريين. وفي مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعلن مكتب النائب العام الليبي العثور على 20 جثة للأقباط المصريين الذين ذُبحوا على يد عناصر «داعش» في سرت.
وسحبت مصلحة الطب الشرعي، مؤخراً، عينات من أقارب الدرجة الأولى لشهداء مذبحة ليبيا، وجميعهم من أبناء مركز سمالوط في المنيا، (جنوب مصر) وبدأت في تحاليل «دى إن إيه» للتعرف على هوية الشهداء.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.