حركة التغيير الكردية تمهل بارزاني شهراً لحل حكومة الإقليم

قيادة الاتحاد الوطني تركز جهودها لعقد المؤتمر الحزبي الرابع

نيجيرفان بارزاني رئيس وزراء إقليم كردستان العراق يلقي كلمته في مؤتمر محاربة العنف ضد النساء في أربيل مؤخراً (أ.ف.ب)
نيجيرفان بارزاني رئيس وزراء إقليم كردستان العراق يلقي كلمته في مؤتمر محاربة العنف ضد النساء في أربيل مؤخراً (أ.ف.ب)
TT

حركة التغيير الكردية تمهل بارزاني شهراً لحل حكومة الإقليم

نيجيرفان بارزاني رئيس وزراء إقليم كردستان العراق يلقي كلمته في مؤتمر محاربة العنف ضد النساء في أربيل مؤخراً (أ.ف.ب)
نيجيرفان بارزاني رئيس وزراء إقليم كردستان العراق يلقي كلمته في مؤتمر محاربة العنف ضد النساء في أربيل مؤخراً (أ.ف.ب)

أمهلت حركة التغيير الكردية المعارضة حزب بارزاني إلى نهاية الشهر الحالي للاستجابة إلى طلبها بحل الحكومة الحالية التي يترأسها نائب رئيس هذا الحزب، وتشكيل حكومة مؤقتة بديلة عنها، أو اللجوء إلى خيارات مدنية أخرى لإسقاط هذه الحكومة.
ويأتي هذا التصعيد في وقت أكد فيه عضو بقيادة حزب بارزاني أن «قيادة الحزب تدرس حالياً ورقة العمل التي تقدمت بها حركة التغيير، وستبلغ ردها في الاجتماع المقبل مع قيادة الحركة، الذي يركز على خيارين، فإما عودة وزراء الحركة إلى الحكومة وإجراء تعديل وزاري، أو اللجوء إلى تقديم موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة».
وهذا ما ترفضه الحركة على لسان متحدثها الدكتور شورش حاجي الذي أكد في تصريح خاص بـ«الشرق الأوسط»: «طلبنا منذ فترة حل هذه الحكومة وتشكيل بديلة مؤقتة تقود الإقليم إلى الانتخابات المقبلة... ونعتبر هذا الأمر ضرورياً لمعالجة جزء من مشكلات الإقليم. واليوم ما زلنا عند طلبنا هذا، ولذلك أمهلنا الحزب الديمقراطي الكردستاني مدة محددة للاستجابة لهذا المطلب الذي نعده مطلباً جماهيرياً أيضاً، وفي حال لم يلب الحزب طلبنا هذا فسنلجأ إلى خيارات مدنية أخرى».
وبسؤاله عن موقف حركته من الدعوة إلى تقديم موعد الانتخابات المقبلة كما تروج بعض الأطراف السياسية، قال حاجي: «أكدنا مسبقاً أن الانتخابات المقبلة لا يمكن أن تكون شفافة ونزيهة من دون تطهير سجلات الناخبين من الأسماء المكررة، وكذلك من أسماء المتوفين والنازحين واللاجئين السوريين التي أُدخِلَت إلى تلك السجلات، فهذه أمور قد تسهل على بعض الأطراف أن تلجأ إلى تزوير الانتخابات، ولذلك كي نضمن إجراء انتخابات حرة وشفافة ونزيهة تتوافق مع المعايير الصحيحة للديمقراطية، فإننا نرفض تحديد أي موعد للانتخابات قبل تنظيف سجلات الناخبين، وأعتقد بأنه بهذه العجالة لا يمكن تحقيق ذلك، ولذلك نرفض تحديد موعد الانتخابات كما تريد بعض الأطراف السياسية».
وكانت حركة التغيير قد اتفقت مع الحزب الديمقراطي الكردستاني على المشاركة بالتشكيلة الحالية لحكومة الإقليم التي يقودها نيجيرفان بارزاني بأربعة وزراء، ولكن الحزب الديمقراطي طرد الوزراء الأربعة ورئيس البرلمان في أغسطس (آب) من عام 2015 على خلفية تصاعد خلافاتهما حول تعديل قانون رئاسة الإقليم. ويبدو أن قيادة هذا الحزب قد تراجعت عن ذلك الموقف وتدعو اليوم إلى إعادة الوزراء الأربعة إلى الحكومة، وهذا ما كشف عنه سلام عبد الله القيادي بالحزب الديمقراطي الكردستاني في تصريح لجريدة «آزانس» الكردية مشيراً إلى أن حزبه «يدرس ورقة العمل المقدمة من قبل حركة التغيير، المؤلفة من ثلاثة مطالب، أولها حل الحكومة الحالية وتشكيل حكومة مؤقتة». وأضاف: «سنبلغ رد حزبنا إلى الحركة في الأيام المقبلة، الذي يركز على خيارين، فإما عودة وزراء الحركة إلى الحكومة وإجراء تعديل وزاري فيها، أو اللجوء إلى تقديم موعد الانتخابات ومن يحقق الأكثرية ليشكل الحكومة المقبلة».
وتثير مسألة تقديم موعد الانتخابات التي نفى رئيس الحكومة نيجيرفان بارزاني في مؤتمره الصحافي الأسبوعي أن يكون هناك أي قرار حكومي بهذا الشأن، تثير خلافات عميقة بين القوى السياسية في كردستان، ففي حين يدعو حزب بارزاني إلى تقديم ذلك الموعد وتنظيم الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة، في شهر مارس (آذار) من العام المقبل، ترفض حركة التغيير والجماعة الإسلامية والاتحاد الوطني هذا الخيار، وتؤكد هذه الأطراف الرئيسية أنه من دون تطهير سجلات الناخبين من الأسماء المكررة والمتوفين والنازحين الذين أدخلت أسماؤهم إلى سجلات الناخبين بمخالفة صريحة للقانون، لا يمكن تنظيم أية انتخابات شفافة ونزيهة».
يُذكر أن الانتخابات البرلمانية والرئاسية بإقليم كردستان كان مقرراً لها 6 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ولكن بسبب تداعيات الأحداث التي أعقبت عملية الاستفتاء وقدوم القوات العراقية إلى المناطق المتنازع عليها استدعت الظروف تمديد ولاية البرلمان الحالي إلى ثمانية أشهر، ريثما يتم التحضير لإجراء تلك الانتخابات.
من جهة ثانية، كشف مصدر قيادي بالاتحاد الوطني الكردستاني أن «قيادة الاتحاد تعمل حالياً على تركيز جهودها نحو عقد المؤتمر الحزبي الرابع من أجل تجديد الحزب وانتخاب قيادة جديدة تتناسب مع متطلبات المرحلة الحالية»، مشيراً إلى أن «أغلبية أعضاء القيادة يرون تأجيل مسألة انتخاب هيئة قيادية بديلة عن المكتب السياسي إلى حين عقد المؤتمر المرتقب».
وقال عضو بالمجلس القيادي للحزب طلب عدم ذكر اسمه في تصريح خاص بـ«الشرق الأوسط» إن «التحركات تتواصل حالياً، وهناك عدة اجتماعات جانبية ومشاورات مستمرة للتداول في موضوع عقد المؤتمر الحزبي الرابع، وتركز تلك الجهود على الإسراع بعقده خلال الشهرين المقبلين على أبعد تقدير، فإذا نجحنا في هذا المسعى، فإنه لن تكون هناك ضرورة لتشكيل هيئة قيادية بديلة عن المكتب السياسي الذي تم حله بقرار من المجلس القيادي، لأننا في المحصلة سنحقق هذا الهدف من خلال المؤتمر الذي سينتخب قيادة جديدة للحزب تقود الاتحاد بالمرحلة المقبلة».
وكان المجلس القيادي قد أقر بأغلبية أعضائه حل المكتب السياسي للحزب خلال الشهر المنصرم وتشكيل هيئة قيادية بديلة تتألف من عشرة أعضاء بقيادة نائب الأمين العام كوسرت رسول علي، ولكن بسبب المرض المفاجئ الذي ألمّ بالنائب تم تأجيل الاجتماع المرتقب لانتخاب تلك الهيئة، واستعيض عنه بصرف الجهود نحو عقد المؤتمر الذي سينتخب قيادة جديدة للحزب.
إلى ذلك أعلن المكتب الإعلامي لنائب الأمين العام للاتحاد الوطني في بيان صحافي أن «كوسرت رسول التقى يوم أمس بوفد من قيادة الاتحاد الوطني تألف من الملا بختيار ودلير سيد مجيد وفريدون عبد القادر الذين زاروه في مقر إقامته بألمانيا للاطمئنان على صحته»، وأكد البيان أن «صحة النائب تتحسن باطراد ويتوقع أن يعود إلى كردستان بأقرب فرصة ممكنة».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».