استقالة سفير فنزويلا لدى الأمم المتحدة

الدبلوماسي شغل أهم المناصب الاقتصادية والسياسية في حقبة شافيز ويقول إنه أُجبر على الاستقالة

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ورافائيل راميريز الدبلوماسي الفنزويلي المستقيل (رويترز)
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ورافائيل راميريز الدبلوماسي الفنزويلي المستقيل (رويترز)
TT

استقالة سفير فنزويلا لدى الأمم المتحدة

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ورافائيل راميريز الدبلوماسي الفنزويلي المستقيل (رويترز)
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ورافائيل راميريز الدبلوماسي الفنزويلي المستقيل (رويترز)

أعلن سفير فنزويلا لدى الأمم المتحدة رافايل راميريز الذي تعرض لاتهامات بالفساد داخل شركة النفط الوطنية استقالته من منصبه بأمر من الرئيس نيكولاس مادورو.
وفي رسالة كتبها راميريز إلى وزير الخارجية خورخي إريازا نشرها على حسابه في «تويتر» أعلن فيها استقالته وأشار إلى أن هذا القرار يأتي بعد الاتفاق الذي توصل إليه في محادثات بناء على تعليمات من رئيس الجمهورية نيكولاس مادورو بالتنحي عن مهامه على حد تعبيره.
وتأتي استقالة راميرز الذي تولى رئاسة شركة النفط الوطنية بين 2004 و2014 في وقت باشرت السلطات الفنزويلية حملة واسعة ضد الفساد في المؤسسة العامة التي تؤمن 96 في المائة من موارد البلاد. كما تم إيقاف اثنين من المقربين من راميريز وهما وزير النفط السابق إيلوجيو ديل بينو ورئيس شركة النفط الوطنية نلسون مارتينيز في إطار قضايا الفساد التي تضرب شركة النفط الوطنية.
في هذه الأثناء قال راميرز على «تويتر» إن الاتهامات ضده تأخذ طابعاً سياسياً وقال إنه تم استبعاده بسبب آرائه ورفض طريقة التعامل معه، وأشار إلى أنه سيظل وفيا للرئيس الراحل هوغو تشافيز والذي تقلد راميرز في عهده أرفع المناصب الاقتصادية والسياسية.
من جهة أخرى قام وزير الخارجية الفنزويلي خورخي إريازا بتعيين وزير الخارجية الأسبق سامويل مونكادا ممثلا لكاراكاس في الأمم المتحدة وليحل محل راميرز وكتب وزير الخارجية إريازا إن تعيين سفير جديد هو انتصار للشعب الفنزويلي.
ويرى مراقبون أن العلاقة بين راميرز والسلطة في فنزويلا تأثرت كثيرا بسبب آرائه، التي عبر فيها أن البلاد لا تسير على الطريق الصحيح مما دفع إلى صدام سياسي بينه وبين المؤسسة الحاكمة حسبما يشير المراقبون.
على جانب آخر، قال الكونغرس الذي تقوده المعارضة في فنزويلا إن النشاط الاقتصادي في البلد العضو بمنظمة «أوبك» انكمش بنسبة 12 في المائة في الأشهر التسعة الأولى من 2017 مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، وذلك في إطار مساعٍ لتقديم بيانات لم تعد تنشرها الحكومة. وأظهرت آخر بيانات رسمية من البنك المركزي والتي ترجع إلى عام 2015 أن فنزويلا تشهد ركودا منذ أوائل 2014.
وكان أعلن الرئيس نيكولاس مادورو منذ أيام أن بلاده تعتزم إطلاق عملة رقمية لمواجهة الحصار المالي الذي تفرضه عليها الولايات المتحدة حسب تعبيره وقال مادورو إن العملة سيطلق عليها اسم «بترو» وستتمتع بدعم من احتياطات فنزويلا من النفط والغاز والذهب والألماس. وأضاف أن هذا سيسمح بالتقدم نحو أشكال جديدة من التمويل الدولي من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
ويأتي هذا الطرح في الوقت الذي تواجه فيه فنزويلا أزمة مالية حادة بعد أن أعلن الدائنون ووكالات التصنيف أن الحكومة غير قادرة جزئيا عن سداد ديونها والفوائد المترتبة على سنداتها.
ويحمل مادورو الولايات المتحدة المسؤولية عن هذه الأزمة بسبب العقوبات التي فرضتها ضد بلاده في أغسطس (آب) الماضي، والتي تمنع المواطنين الأميركيين والشركات من شراء أي سندات جديدة تصدرها الحكومة الفنزويلية.
وكانت فنزويلا في الماضي من أغنى بلاد أميركا اللاتينية، لكن تراجع أسعار النفط الخام الذي يعد مصدرها الوحيد للعملة الصعبة وتدني الإنتاج أوقعاها في أزمة اقتصادية خانقة أدت إلى فقدان المواد الغذائية والأدوية وغيرها من الحاجات الأساسية. والعام الماضي هبط البوليفار الفنزويلي بنسبة 95.5 في المائة أمام الدولار في السوق السوداء. كما تعاني كاراكاس والتي تملك أكبر احتياطي نفطي في العالم من ديون خارجية تقدر بنحو 150 مليار دولار.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».