تحية لوديع الصافي... نصب تذكاري في الدكوانة

نصب تذكاري برونزي ضخم للفنان الراحل وديع الصافي، يصل طوله إلى نحو مترين، رفعته بلدية الدكوانة في أحد شوارعها (أنطوان بطرس بو عبود). وجاءت هذه المبادرة التي أقامتها جمعية «تراث ووطن» كتحية تكريمية للفنان الراحل وعربون وفاء من أهل منطقة ربطته بهم علاقة وطيدة.
ويمثل النصب الفنان الراحل وهو يقف منتصبا فاتحا يديه، رمزا للعطاءات الفنية الكثيرة التي قدّمها طيلة مشواره الفني، فرفع اسم لبنان عاليا، وشكّل بصوته مدرسة فنية خاصة عرفت باسمه.
«هناك علاقة تاريخية بين الفنان الراحل ومنطقة الدكوانة، تعود إلى 80 سنة خلت»، قال رئيس بلدية الدكوانة قرب بيروت، المحامي أنطوان شختورة في حديث لـ«الشرق الأوسط». وأضاف: «الفنان الكبير عاش في الدكوانة التي شهدت خطواته الفنية الأولى، وكان يستمتع بقضاء قسم من نهاره بين أهلها، ولا سيما مع نقولا شختورة (أبو كريم) جدي الذي كان يشغل منصب رئيس بلدية الدكوانة في تلك الفترة». وأشار شختورة إلى أنّه ما زال يتذكر رنة صوت الفنان الراحل تصدح في منزل جده، الذي كان يعمل إلى جانب الفنان في مصنع زجاج، عندما كان في الثانية عشرة من عمره.
أمّا مارلين حداد ابنة الفنان الراحل، التي حضرت حفل إزاحة الستارة عن نصب والدها، بمعية أخيها جورج، وعدد من الشخصيات والفعاليات السياسية، وفي مقدمهم وزير الإعلام ملحم رياشي، فرأت أنّ هذه المبادرة التي أطلقتها جمعية «تراث ووطن» تنم عن لمسة وفاء تجاه والدها يفتخر بها أولاد وديع الصافي الذي أعطى الكثير لبلده والوطن العربي في مجال الفن. وقالت في سياق حديثها: «لقد اشتقت له، وذكرت في الكلمة التي ألقيتها في المناسبة أنّ وديع الصافي قامة عبقرية فنية مبدعة، وحالة أخلاقية في أهدافها وإنسانية في مبادئها، اصطفاه الرب وميزه بعطاءات وجمالات خلاقة، فأضحى سيد الطرب الأصيل ورائد الفن الراقي».
من ناحيته، أشار وليد نخلة رئيس جمعية «تراث ووطن» منظمة هذه المبادرة، أنّه تم اختيار شارع أنطوان بطرس بو عبود في الدكوانة للعلاقة القوية التي كانت تربط الراحل بصاحب اسم الشارع، وأنّ جمعية «تراث ووطن» أخذت على عاتقها تكريم عمالقة من لبنان، وفي مقدمهم وديع الصافي، وكذلك تأمين الدعم المادي للمنسيين منهم الذين ما زالوا على قيد الحياة. وقال خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إننا نعدّ برنامجا مستقبليا نكرم فيه شخصيات لبنانية عدة عرفت في مجال الفنون، كالراحلين: صباح، وأمين نخلة، وملحم بركات، وذكي ناصيف، وغيرهم. فالجمعية تعنى بتراث لبنان الفني من ناحية، والوطني من ناحية ثانية، وهذا الأخير يتعلق بالمؤسسة العسكرية لديه، أي الجيش اللبناني».
ألقى الرياشي كلمة بمناسبة إزاحته الستارة عن هذا النصب التذكاري، ممثلا بذلك رئيس الجمهورية ميشال عون، مؤكدا فيها أنّ وديع الصافي على الرغم من غيابه، فإنه لا يزال حاضرا في الصوت وفي الترنيمة وفي الترتيلة وفي الكبر. وقال: «رؤساء يأتون ورؤساء يذهبون، وزراء يأتون ووزراء يذهبون، أمّا الكبار، كبار هذا الوطن من شعراء وأدباء ومفكرين، يبقون معنا دائما ولا يغادروننا، ووديع الصافي هو واحد من هؤلاء، يبقى معنا ولا يغادرنا».
يُذكر أنّ النصب التذكاري للفنان الراحل وقّعه النحات ميشال مطر، وهو مصنوع من مادتي البرونز والريزين، ويبلغ طوله مع القاعدة التي تحمله نحو 220 سنتيمترا، ويزن نحو 200 كيلوغرام.