الحكومة تطلق عملية عسكرية لاستعادة صنعاء

مقتل صالح يسرِّع التحركات الميدانية... وتعزيزات للجبهات المتاخمة للعاصمة

يمني يفحص الأضرار داخل محل تجاري قرب منزل صالح بعد الاشتباكات في صنعاء أمس (أ.ب)
يمني يفحص الأضرار داخل محل تجاري قرب منزل صالح بعد الاشتباكات في صنعاء أمس (أ.ب)
TT

الحكومة تطلق عملية عسكرية لاستعادة صنعاء

يمني يفحص الأضرار داخل محل تجاري قرب منزل صالح بعد الاشتباكات في صنعاء أمس (أ.ب)
يمني يفحص الأضرار داخل محل تجاري قرب منزل صالح بعد الاشتباكات في صنعاء أمس (أ.ب)

أمر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أمس، بإطلاق عملية عسكرية واسعة لاستعادة السيطرة على صنعاء، بدعم من التحالف العسكري الذي تقوده السعودية. وفي الوقت ذاته أعلن رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر أن الرئيس سيصدر عفواً عاماً عن كل من يقطع تعاونه مع الحوثيين.
وأفادت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) بأن الرئيس هادي أجرى اتصالاً بنائبه الفريق الركن علي محسن الأحمر، ووجهه بفتح «عدد من الجبهات لدخول العاصمة صنعاء، وسرعة تقدم الوحدات العسكرية التابعة للجيش الوطني والمقاومة الشعبية نحو العاصمة صنعاء من عدة اتجاهات وجبهات وأهمها جبهة خولان للالتحام بأبناء المقاومة الشعبية بالعاصمة صنعاء لوضع حد لميليشيات الانقلاب والكهنوت الحوثية ومن يواليها ويمولها».
من جهته، أكد بن دغر أن «الشرعية ستقف مع كل من يقف ضد الحوثي، وأن دعم المؤتمر الشعبي العام في صراعه مع الحوثيين مصلحة وطنية تمس أمننا، وأمن حلفائنا من الأشقاء العرب، في مواجهة التهديد الإيراني». وأضاف بن دغر خلال كلمة له في الحفل الجماهيري الذي أقيم في العاصمة المؤقتة عدن بمناسبة ذكرى الاستقلال: «سنفتح صفحة جديدة من العلاقات الأخوية أساسها التسامح، وسيعلن الرئيس قريباً عن عفو عام وشامل عن كل من تعاون مع الحوثيين في الشهور الماضية وأعلن تراجعه». وتابع بن دغر: «لقد أخذنا على عاتقنا في الحكومة خدمة المواطن في عدن والمناطق المحررة، ندافع عن الأرض وعن الإنسان، لا نلوي على شيء، نترك خلفنا الأكاذيب والإشاعات، ولا نلتفت للأحقاد والضغائن، نحاول جهدنا في الحفاظ على وطن موحدٍ واتحادي، ومجتمع موحد ويمني، ولن نستسلم لدعاة المناطقية، والمشاريع الانهزامية الإيرانية». وقال أيضاً: «في عام 1967، رفضت عدن والجنوب، اتحاد الجنوب العربي صنيعة المستعمرين البريطانيين، وستقول عدن غداً كلمتها إزاء دعوات اليوم، وكما قالها أبناء الجنوب بالأمس نحن يمن، سيقولونها غداً إننا يمن، ولا شيء غير اليمن».
وأكد مسؤولون في الجيش اليمني، أن الخيارات باتت مفتوحة ومتنوعة مع تسارع الأحداث في العاصمة صنعاء، والتي زادت وتيرتها بمقتل الرئيس السابق علي صالح، من قبل أفراد الميليشيات على إثر كمين نصب له أثناء مرور موكبه. وقال اللواء ركن طاهر العقيلي، رئيس هيئة الأركان اليمنية لـ«الشرق الأوسط» إن مقتل علي صالح سيغير بشكل كبير في المشهد العام والأحداث الداخلية في صنعاء. ورأى أن هناك من أتباع صالح من كان ينظر إلى الرئيس السابق بمثابة إله يطيع كل ما يأمر به، وهؤلاء سيتجهون للبحث عن إله آخر قد يكون الحوثيين أو غيرهم ممن يملك السلطة أو المال، وهؤلاء لا نعول عليهم في المرحلة المقبلة. أما الطرف الآخر المتمثل في الشرفاء من أبناء اليمن ممن كانوا موالين لصالح فسيكونون صفا واحدا إلى جانب الشرعية لإعادة سيادة الدولة وطرد الميليشيات.
وحول كيفية الاستفادة من عملية اغتيال الرئيس السابق، أكد رئيس هيئة الأركان، أن «الجيش يقوم بعمليات كبيرة وهناك مفاجآت عسكرية يصعب طرحها الآن عبر وسائل الإعلام، إلا أنه سيتم الاستفادة من كل الأحداث التي تجري على الأرض لصالح الجيش»، لافتاً أن الجيش يجهز لمرحلة كبيرة وهناك تعزيزات تصل للجبهات على تخوم صنعاء»، موضحا أن الأمور طيبة وتسير في صالح الحكومة الشرعية سواء في داخل صنعاء أو على الجبهات المطلة على المدينة.
واستطرد اللواء العقيلي قائلاً: «إن هناك تنسيقا دائما ومستمرا مع قوات التحالف العربي، وأن وتيرة التنسيق والتشاور بين الجانبين زادت من أجل القيام بأعمال الرصد والمتابعة لتحركات الميليشيات الحوثية في هذه المرحلة»، موضحاً أن طيران التحالف نجح خلال الأيام الماضية في ضرب مواقع رئيسية وهامة للميليشيات، وستزداد هذه العمليات في الساعات المقبلة لاستهداف كل المواقع للحوثيين.
وعن قرار الرئيس عبد ربه منصور فتح جبهات جديدة، قال اللواء العقيلي، «إنه من الصعب الخوض في الوقت الراهن في الجوانب العسكرية وتفصيل العمليات التي سيقوم بتنفيذها الجيش خلال الأيام المقبلة، إلا أنه ستنفذ جملة من الخطط وفق المعطيات وما سيكون ملائما للتنفيذ السريع، والجيش يعكف الآن على تنفيذ هذه التوجيهات بما يتوافق والمرحلة الجديدة».
وشدد اللواء العقيلي، على أن الحكومة الشرعية «كانت قد فتحت يدها منذ وقت مبكر لكل من يريد أن ينضم إليها سواء من حزب المؤتمر، أو عموم الشعب، ومع تفجر المواجهات الأخيرة بين طرفي الانقلاب في صنعاء، سنعمل على توسيع عملية الترحيب والاستقطاب لجميع الراغبين في الانضمام في أي موقع كان»، موضحاً أن هناك تواصلا سيزداد مع ارتفاع وتيرة الأحداث في العاصمة اليمنية.
وعن هذا التواصل، أكد مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية، طلب عدم الإفصاح عن اسمه، أن الحكومة تلقت اتصالات من قيادات بارزة في حزب المؤتمر الشعبي، خلال اليومين الماضين، جرى خلالها طرح كثير من المواضيع والنقاط الرئيسية، أبرزها تغير موازين القوة في صنعاء وإجراء تغير جذري لزحزحة ميليشيات الحوثيين.
ولم يفصح المصدر، عن الشخصيات التي جرى الحديث معها، لضمان سلامتها، إلا أنه شدد على أن «الأيام المقبلة ستشهد تحركا كبيرا، يتواكب مع حراك وثورة الشعب ضد ميليشيات الحوثي، لعودة اليمن إلى حضنه العربي، وقطع تدخلات إيران وتحكمها في شؤون اليمن عبر ما يعرف بأنصار الله».
إلى ذلك أكد العقيد عبد الله الشندقي، المتحدث الرسمي باسم المنطقة العسكرية السابعة لـ«الشرق الأوسط» أن جميع الخيارات متاحة الآن أمام الجيش الوطني في ظل الأوضاع الراهنة في صنعاء، والتي ترتكز على فتح 6 جبهات تتمثل، في تحرك محاور الداخل القادمة من شمال صنعاء وجنوبها، وغربها، أن هذا التحرك يتزامن مع فتح محوري الجبهة الشرقية، الجوف وسفيان، إضافة إلى محور نهم، وصرواح.
وأردف العقيد الشندقي، أن الجيش فرض سيطرته على المرتفعات الجبلية وبدأ يدخل على أرض مفتوحة يستطيع من خلالها على المساحة استخدام المدرعات والعربات العسكرية، وسيسهم ذلك في تقدم الجيش بشكل أسرع عما كان عليه في وقت سابق، وأنظار الجيش الآن نحو العاصمة صنعاء، التي لا تبعد عن نيران الجيش سوى بضعة كيلومترات، مع وصول الجيش على مشارف مديرية بني حشيش القريبة من مركز العاصمة.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.