الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تطلقان أكبر تدريبات عسكرية جوية في تاريخهما

حلف الأطلسي يشيد بدور تيلرسون في الملف الكوري الشمالي

طائرات أميركية مقاتلة من طرازي «إف 16» و «إف 35 إيه} في قاعدة كنسان الجوية أمس (إ.ب.أ)
طائرات أميركية مقاتلة من طرازي «إف 16» و «إف 35 إيه} في قاعدة كنسان الجوية أمس (إ.ب.أ)
TT

الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تطلقان أكبر تدريبات عسكرية جوية في تاريخهما

طائرات أميركية مقاتلة من طرازي «إف 16» و «إف 35 إيه} في قاعدة كنسان الجوية أمس (إ.ب.أ)
طائرات أميركية مقاتلة من طرازي «إف 16» و «إف 35 إيه} في قاعدة كنسان الجوية أمس (إ.ب.أ)

بدأت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، أمس، أكبر تدريبات عسكرية جوية مشتركة في تاريخهما، وصفتها كوريا الشمالية بأنها «استفزاز شامل»، وذلك بعد أيام على تجربة بيونغ يانغ لأقوى صواريخ باليستي عابر للقارات تختبره حتى الآن.
وتشارك في التدريبات التي بدأت صباح أمس وتستمر خمسة أيام، 230 طائرة عسكرية على رأسها ست طائرات خفية أميركية مقاتلة من طراز «إف - 22» وعشرات الآلاف من الجنود، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الجيش الكوري الجنوبي. ودانت كوريا الشمالية مسبقا هذه العملية، متهمة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب «بالسعي إلى الحرب النووية بأي ثمن». وذكرت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية (يونهاب) أن تدريبات «فيجيلانت آيز» فوق شبه الجزيرة الكورية تجري سنويا «لتعزيز الموقف الدفاعي»، إلا أنها هذه المرة تعتبر «تدريبا غير مسبوق من ناحيتي الحجم والقوة». ويثير هذا النوع من المناورات باستمرار غضب بيونغ يانغ التي تعتبرها تجارب على «غزو أراضيها».
وتأتي هذه التدريبات بعد خمسة أيام على إطلاق الشمال صاروخا باليستيا عابرا للقارات قادرا على إصابة أي موقع على أراضي الولايات المتحدة نفسها. وفي أجواء التوتر هذه، رأى السيناتور الأميركي ليندسي غراهام الذي يتمتع بنفوذ كبير أن شبح «حرب وقائية» يقترب. وقال لشبكة «سي بي إس» الأميركية «إذا جرت تجربة نووية تحت الأرض، فيجب الاستعداد لرد جدي من قبل الولايات المتحدة».
وأجرت كوريا الشمالية ست تجارب نووية منذ 2006، كان أقواها في سبتمبر (أيلول) الماضي. وقال غراهام الذي يعد من «الصقور» في السياسة الخارجية إن استراتيجية إدارة ترمب هي «منع كوريا الشمالية من امتلاك القدرة على ضرب الولايات المتحدة بصاروخ مزود برأس نووي». وأضاف السيناتور أن «منع ذلك يعني حربا وقائية كحل أخير، وهذه تصبح أكثر احتمالا مع تحسن تقنيتهم»، مؤكدا أن «كل اختبار لصاروخ، كل اختبار تحت الأرض لسلاح نووي يعني أن الجمع (بين صاروخ ورأس نووي) يصبح أكثر احتمالا».
تشكل هذه التصريحات تكرارا لما قاله الجنرال هربرت ريموند ماكماستر، مستشار الرئيس دونالد ترمب للأمن القومي، الذي رأى أن احتمال اندلاع حرب مع كوريا الشمالية «يزداد كل يوم». وصرح الجنرال ماكماستر «نحن في سباق لإيجاد حل لهذه المشكلة».
وكان الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ - أون أكد أن بلاده أصبحت قوة نووية كاملة مع اختبار الصاروخ العابر للقارات «هواسونغ - 15». وتؤكد بيونغ يانغ أن الصاروخ يمكن أن ينقل «رأسا ثقيلا كبيرا» إلى أي موقع على أراضي الولايات المتحدة في القارة الأميركية الشمالية - وفق وكالة الصحافة الفرنسية. لكن المحللين يرجحون أن الصاروخ كان مزودا برأس وهمي خفيف جدا، ومن الصعب أن يقطع مسافة كهذه برأس نووي أثقل من ذلك.
ولم يقتنع المحللون أيضا بأن الشمال يتقن التكنولوجيا اللازمة لبقاء الرؤوس سليمة عند التسخين الذي يحدث عند دخوله المجال الجوي من الفضاء. ويتقدم البرنامجان النووي والباليستي لكوريا الشمالية بخطوات كبيرة منذ وصول كيم جونغ - أون إلى السلطة في ديسمبر (كانون الأول) 2011، على الرغم من عقوبات الأمم المتحدة.
وفي طوكيو، اعتبر البرلمان الياباني أمس أن التجارب الصاروخية الكورية الشمالية تشكل «تهديدا وشيكا» لليابان، فيما رأى رئيس الوزراء شينزو آبي أن الحوار مع هذه الدولة المعزولة من دون معنى.
واعتمد مجلس الشيوخ الياباني بالإجماع قرارا يحتج على تجربة كوريا الشمالية صاروخا باليستيا سقط في البحر داخل المنطقة الاقتصادية الحصرية اليابانية الأسبوع الماضي. وجاء في القرار أن هذه التجربة تظهر أن بيونغ يانغ مصممة على مواصلة برامجها النووية والصاروخية، وتشكل «تهديدا غير مسبوق وكبير ووشيك ضد أمن المنطقة، بما يشمل اليابان». وأضاف النص: «هذا يشكل تحديا للمجموعة الدولية يجب عدم التسامح معه».
ووعد آبي بتكثيف الضغط على كوريا الشمالية حتى تغير أساليبها وتعدل عن التكنولوجيا النووية، بشكل «يمكن الوثوق والتحقق منه». وقال إنه «لا معنى للحوار لمجرد الحوار».
وتثير الأزمة بين الزعيم الكوري الشمالي والرئيس الأميركي التي وصلت إلى حد حرب كلامية، مخاوف من اندلاع نزاع جديد بعد أكثر من ستين عاما على الحرب في شبه الجزيرة الكورية (1950 - 1953). لكن البعض يؤكد أن الخيارات الأميركية العسكرية محدودة، لأن بيونغ يانغ يمكن أن تفتح نيران مدفعياتها على سيول حيث يعيش عشرة ملايين شخص على بعد نحو خمسين كيلومترا فقط عن الحدود.
على صعيد آخر، أشاد الأمين العالم لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أمس بـ«الدور الأساسي» لوزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون خلال أزمة كوريا الشمالية، في حين تسري شائعات بأنه قد لا يبقى طويلا في منصبه. وشدد ستولتنبرغ على أن الشكوك حيال مستقبل تيلرسون لن تؤثر على اجتماع وزراء خارجية حلف الأطلسي في بروكسل هذا الأسبوع.
وأعرب ستولتنبرغ عن دعمه جهود تيلرسون في التعامل مع الأزمة المرتبطة باختبارات بيونغ يانغ النووية والباليستية. وقال للصحافيين في بروكسل إن «تيلرسون لعب دورا أساسيا بتشديده على الردع ووحدة وعزم الحلف، وكذلك عندما يتعلق الأمر بالحاجة إلى استمرار العمل من أجل حل سلمي».
وكان ترمب قد انتقد وزير خارجيته علنا في هذه المسألة، معتبرا أنه «يضيع وقته» عبر سعيه إلى الحوار مع كوريا الشمالية. واعتبر تيلرسون أن التقارير التي أشارت إلى أن مساعدي ترمب يريدونه أن يستقيل «مضحكة»، إلا أن الشائعات ستخيم على جولته الأوروبية التي ستشمل باريس وفيينا.
وستكون كوريا الشمالية في مقدمة جدول أعمال اجتماع حلف الأطلسي بعدما اختبرت الأسبوع الماضي أقوى صاروخ باليستي عابر للقارات لديها، مُحذّرة من أنه قادر على الوصول إلى القارة الأميركية بأكملها. وطرحت تساؤلات عدة عمّا إذا كان الخلاف مع ترمب يقوّض قدرة تيلرسون على التفاوض مع الحلفاء. لكن ستولتنبرغ أكد أنه لا مخاوف لديه. وقال الأمين العام «رأينا مرارا كيف أن حلف الأطلسي ووزرائه لديهم القدرة على التركيز على المهمة الجوهرية، والعمل الذي علينا إنجازه رغم التكهنات والشائعات». وأضاف: «إنني على ثقة من أن جميع الوزراء، يمن فيهم تيلرسون، سيركزون على هذه المهمة وسيتمكنون من التوصل إلى قرارات مهمة».
وأوردت وسائل الإعلام الأميركية الخميس أن البيت الأبيض يعتزم إقالة تيلرسون قريبا أو دفعه إلى الاستقالة، فيما ورد اسم مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) مايك بومبيو كبديل محتمل. ورغم أن ترمب نفى التقارير التي وصفها بـ«الأخبار الكاذبة» في تغريدة، فإنه أقر وجود اختلافات بين سياسته وتلك التي يتبعها تيلرسون.
من جهتها، أصرّت السفيرة الأميركية لدى حلف الأطلسي كاي بايلي هاتشنسون على أن تيلرسون لا يزال ممثلا لترمب. وقالت للصحافيين في بروكسل أمس: «نعمل مع الوزير تيلرسون وموظفيه على هذا الاجتماع منذ عدة أسابيع، ولم يحدث أي تغيير».


مقالات ذات صلة

قاذفة نووية أميركية تنضم إلى المناورات الجوية مع كوريا الجنوبية واليابان

آسيا تشارك قاذفات «B-1B» التابعة للقوات الجوية الأميركية في مناورة جوية مشتركة مع كوريا الجنوبية واليابان (هيئة الأركان المشتركة «JCS»)

قاذفة نووية أميركية تنضم إلى المناورات الجوية مع كوريا الجنوبية واليابان

قالت هيئة الأركان المشتركة في كوريا الجنوبية إن الولايات المتحدة نشرت قاذفات «بي-1بي» لإجراء تدريبات جوية مشتركة مع كوريا الجنوبية واليابان.

«الشرق الأوسط» (سيول)
العالم صورة من شريط فيديو لقاذفة روسية يعاد تزويدها بالوقود في الجو خلال التدريبات قرب حدود ألاسكا الأميركية الخميس (رويترز)

دوريات جوية «روسية - صينية» مشتركة قرب ألاسكا الأميركية

أعلنت روسيا والصين أنهما نفذتا دوريات مشتركة بقاذفات استراتيجية قادرة على حمل رؤوس نووية، قرب ولاية ألاسكا الأميركية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا مقاتلة روسية من نوع «تو 95» (أرشيفية - رويترز)

مقاتلات أميركية تعترض قاذفات روسية وصينية قرب ألاسكا

أجرت قاذفات روسية وصينية دورية مشتركة عند ملتقى القارتين الآسيوية والأميركية قرب ولاية ألاسكا الأميركية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم صورة نشرها الجيش الياباني تُظهِر حاملة طائرات تابعة للبحرية الصينية في بحر الفلبين (أ.ب)

بكين تجري تدريبات عسكرية مشتركة مع موسكو في جنوب الصين

أعلنت الصين، الجمعة، أنها تجري تدريبات عسكرية مشتركة مع روسيا بجنوب أراضيها، بعد تحذيرات خلال قمة «ناتو» من الخطر المتزايد جراء هذه النشاطات العسكرية المشتركة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم قوات أميركية تستعدّ للصعود إلى مروحيات عسكرية من طراز CH - 47 تابعة للجيش الأميركي في محطة باريديس الجوية في باسوكوين بمقاطعة إيلوكوس نورتي أثناء نقلها قوات أميركية وفلبينية خلال مناورة عسكرية مشتركة في شمال الفلبين الاثنين 6 مايو 2024 (أ.ب)

تدريبات عسكرية فلبينية أميركية تحاكي تصدي «غزو» في بحر الصين الجنوبي

أطلقت قوات أميركية وفلبينية صواريخ وقذائف مدفعية في إطار مناورات تحاكي التصدي لعملية «غزو» عسكري أقيمت على الساحل الشمالي للفلبين الاثنين.

«الشرق الأوسط» (مانيلا)

«ليس سهلاً نطقه»... روسيا تغرّم «غوغل» رقماً أكبر من إجمالي الناتج المحلي العالمي

شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
TT

«ليس سهلاً نطقه»... روسيا تغرّم «غوغل» رقماً أكبر من إجمالي الناتج المحلي العالمي

شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)

فرضت محكمة روسية غرامة قدرها 2 سيزليون روبل (2 يتبعها 36 صفراً) على عملاق التكنولوجيا شركة «غوغل»، بسبب رفضها دفع غرامات سابقة فرضتها عليها موسكو لحجبها قنوات الإعلام الحكومية الروسية على موقع «يوتيوب».

وعلى الرغم من كونها واحدة من أغنى الشركات في العالم، فإن هذا المبلغ يزيد بكثير على قيمة 2 تريليون دولار (2 يتبعها 12 صفراً) التي تساويها شركة «غوغل». وفي الواقع، هو أكبر بكثير من إجمالي الناتج المحلي العالمي، والذي يقدره صندوق النقد الدولي بنحو 110 تريليونات دولار، وفق ما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

ولقد وصلت الغرامة إلى هذا الرقم الهائل لأنها - كما أوضحت وكالة أنباء «تاس» الحكومية الروسية - تتزايد بسرعة طوال الوقت. وبحسب «تاس»، اعترف المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف بأنه «لا يستطيع حتى نطق هذا الرقم»، لكنه حثّ «إدارة غوغل على الاهتمام».

وذكرت «تاس»، هذا الأسبوع، أن المحكمة الروسية أمرت «غوغل» باستعادة قنوات «يوتيوب» وإلا ستواجه اتهامات متزايدة. وقال محام مشارك في القضية لوكالة «تاس» إنه إذا لم يتم دفع الغرامة في غضون تسعة أشهر، فإنها ستتضاعف كل يوم.

ولم تعلق الشركة الأميركية علناً كما لم تستجب لطلب من «بي بي سي» للحصول على تعليق.

وأفادت مجموعة الإعلام الروسية «RBC» بأن الغرامة المفروضة على «غوغل» تتعلق بتقييد محتوى 17 قناة إعلامية روسية على «يوتيوب».

وبدأ التوتر بين روسيا والشركة الأميركية منذ عام 2020، لكنه تصاعد بعد الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا بعد ذلك بعامين. وأدى الغزو إلى انسحاب معظم الشركات الغربية من روسيا، مع تقييد ممارسة الأعمال التجارية هناك بشدة بسبب العقوبات.

كما تم حظر وسائل الإعلام الروسية في أوروبا، مما دفع موسكو إلى اتخاذ إجراءات انتقامية.

وفي عام 2022، أُعلن إفلاس الشركة المحلية التابعة لشركة «غوغل»، وتوقفت الشركة عن تقديم خدماتها التجارية في روسيا، مثل الإعلانات. ومع ذلك، فإن خدماتها (مثل خدمة البحث ويوتيوب) ليست محظورة تماماً في البلاد.