{مركز الملك سلمان للشباب} يطلق 22 مبادرة عالمية

TT

{مركز الملك سلمان للشباب} يطلق 22 مبادرة عالمية

يشهد المهتمون بالأعمال الإنسانية في العالم اليوم، انطلاق أول مبادرة من نوعها في المجال التطوعي يقودها الطلبة السعوديون الدارسون في 4 قارات، إذ يطلق مركز الملك سلمان للشباب بالشراكة مع وكالة الابتعاث بوزارة التعليم والملحقيات الثقافية، العنان لأفكار المبتعثين ليقدموا نموذجاً عن شباب المملكة المبادر المهتم بخدمة الإنسانية في كل بقاع الأرض، وذلك عبر مسابقة لإبراز إبداعاتهم وتحقيق رؤاهم في مجالات العمل التطوعي، بالتزامن مع اليوم العالمي للتطوع.
ومن آسيا شرقاً، إلى أوروبا شمالاً، فأستراليا جنوباً، وصولاً إلى أميركا غرباً، يتنافس السعوديون لإنجاز 22 مشروعاً تطوعياً نوعياً في 12 بلداً، وذلك عبر مسابقة «#سعودي_مرّ_من_هنا»، التي تأتي احتفالاً باليوم العالمي للتطوع ضمن مبادرة «#نحن_عطاء»، حيث تسعى المبادرة إلى تسليط الضوء على الأعمال الخيرية التي تعكس وتعزز الصورة الإيجابية عن المبتعثين والمملكة، وتفعيل طاقاتهم في مختلف الدول. وتحفيزهم على الاستمرار في العطاء، ونشر تجاربهم وتوسيع أثرها، عبر رصد تجاربهم التطوعية وإتاحة منصة للتطوع الميداني لكل المبتعثين المبادرين والمهتمين بالتطوع.
وأشار مركز الملك سلمان للشباب إلى أن قائمة المشاريع التطوعية للمبتعثين في قارة آسيا التي تأهلت لدخول المنافسة شملت: «لست وحدك»، و«أنقذ حياة»، و«Melting pot» و«The charity»، وستقام المسابقة في كل من كوريا الجنوبية والأردن والصين.
أما المشاريع التطوعية المرشحة في قارة أوروبا، فتتمثل في «جامعة دبرتسن»، و«الأيادي البيضاء»، و«فريق رؤيا الشباب السعودي»، و«فريق أدنبرة التطوعي»، و«The meaning»، و«We care»، و«Team tolerance»، وستنفذ المسابقة في كل من المجر واسكوتلندا وآيرلندا وبريطانيا (برمنغهام، كارديف).
وتضمنت قائمة المشاريع التطوعية المرشحة من قارة أستراليا، «العطاء» و«فريق الكيوي السعودي»، وستكون المسابقة في كل من أستراليا ونيوزيلندا.
فيما تشمل قائمة المشاريع التطوعية في أميركا، «دفئ»، و«الفريق السعودي التطوعي بمدينة أرلنغتون تكساس»، و«أحسن إلى الناس»، و«صنّاع النجاح»، و«Us to lowa»، و«Us to Cleveland»، و«Us to Orlando»، و«US to Knoxville»، و«Hand by Hand»، و«US to Youngstown»، و«Boston volunteering team»، وستجري المنافسات في أوهايو وفلوريدا وأيوا وتكساس ويونا وفلادلفيا وواشنطن وبوسطن ونيويورك وتوكسفيل.
وأوضح الرئيس التنفيذي لمركز الملك سلمان للشباب محمد العسيري، أن مبادرة «#نحن_عطاء» ومسابقة «#سعودي_مرّ_من_هنا»، تبرز القيمة المضافة التي يمثلها المبتعثون السعوديون في أرجاء العالم، وترعى أفكارهم الخلاقة وتوجد الحلول غير التقليدية التي تؤدي إلى حل بعض المشكلات في المجتمع، وتسهم بعد ذلك بنقلها إلى ثقافة الشباب في المملكة.
وأضاف العسيري أن الإقبال على المسابقة كان كبيراً من المبتعثين، ما يعكس مدى الاهتمام والرغبة بالعمل التطوعي، مشيراً إلى أن الأفكار المتميزة تنوعت في المجالات التطوعية، معرباً عن ثقته بأن تحمل المشاريع جميعها إضافة مهمة إلى مجالات العمل التطوعي في أنحاء العالم.
وبلغت نسبة الطلبة المتطوعين من الولايات المتحدة الأميركية 47.1 في المائة، يليهم من يعيشون في المملكة المتحدة ويمثلون نسبة 13 في المائة، وهو ما يتناسق مع توزيع المبتعثين ووجودهم في دول الابتعاث.
وكانت نسبة الذكور المتطوعين 63.33 في المائة والإناث 36.67 في المائة، وتبين أن قضايا الخدمة الاجتماعية هي أبرز القضايا التطوعية التي يميل إليها المتطوعون، حيث يمثل هذا النوع من القضايا 22.5 في المائة من إجمالي القضايا التي عمل عليها المشاركون، يلي ذلك تنظيم الفعاليات بنسبة 10.7 في المائة، ثم التعليم بنسبة 10.4 في المائة، والثقافة والفنون 4.4 في المائة.
كما اتضح أن ما يقارب 40 في المائة من المتطوعين كان الغرض من تطوعهم هو نقل صورة إيجابية عن الشاب أو الشابة السعودية، يلي ذلك حب عمل الخير.
وتتكون المسابقة من 7 مراحل، انتهت منها حتى الآن 4 مراحل، شملت الأولى رصد التجارب التطوعية للدارسين في دول الابتعاث، وتمثلت الثانية في مسابقة «#سعودي_مر_من_هنا»، التي كان التقدّم لها من 26 أكتوبر (تشرين الأول) حتى 5 نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، وتضمنت المرحلة الثالثة اختيار 25 مشروعاً تطوعياً من قبل لجنة التحكيم للانضمام إلى المسابقة بعد اجتياز الشروط والمعايير، وذلك خلال الفترة بين 6 و15 نوفمبر 2017م، وشملت المرحلة الرابعة التخطيط والتنظيم والإعداد للمشاريع التطوعية التي جرى اختيارها، وتقديم الدعم المادي واللوجيستي، مع تخصيص فريق إرشادي للاستعداد والتخطيط قبل انطلاق التنفيذ، وتوثيق المشاريع الميدانية كافة من خلال إنتاج أفلام قصيرة، وتقييم المشاريع المنفذة في اليوم العالمي للتطوع بواسطة لجنة تحكيم متخصصة، وذلك خلال الفترة بين 16 نوفمبر و4 ديسمبر (كانون الأول) 2017.
ويجري في المرحلة الخامسة التي تعقد اليوم، تنفيذ المشاريع التطوعية الـ22 خلال يوم عمل واحد بالتزامن مع اليوم العالمي للتطوع، بإشراف مركز الملك سلمان للشباب، مع توثيق المشاريع التطوعية الميدانية، وتسليط الضوء على تطوعهم إعلامياً وعبر المنصات الرقمية للمركز للوصول إلى مجتمعات دول الابتعاث، ونشر نتائج الرصد لإنجازات التطوع للشباب السعودي المبتعث.
وتشمل المرحلة السادسة تقييم المشاريع المشاركة في اليوم العالمي للتطوع من خلال لجنة تحكيم متخصصة وذلك خلال الفترة من 6 إلى 30 ديسمبر 2017، فيما يجري في المرحلة الأخيرة الإعلان عن المشاريع التطوعية الفائزة، وتكريم أبرز 5 مشاريع حاصلة على أعلى تقييم حسب التوزيع الجغرافي للقارات، بحيث يتم اختيار مشروع من كل قارة.
ومن المقرر أن يعلن مركز الملك سلمان للشباب المشاريع التطوعية الفائزة خلال شهر يناير (كانون الثاني) من العام المقبل 2018م.



مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
TT

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)

يُطلق المهندس اللبناني عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية. ليستْ هنا محصورةً في عَكْس وجوهٍ وأشياء تتقاطع ضمن حدودها، فتنتهي الحاجة إليها باطمئنان الرائي إلى مظهره، أو إدخال تعديل عليه، أو بلملمة انعكاسات خارجية. بمَنْحها وَقْعاً جمالياً، تتحوّل إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر، فيستوقفه ليتساءل عن ماهيتها: أهي مرآة أو لوحة فنّية، وماذا لو كانت الاثنتين معاً؟ في «ذا ميرور بروجيكت» بمنطقة مار مخايل البيروتية، مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق.

تتحوّل المرآة إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر (ذا ميرور بروجيكت)

نُسِجت علاقةٌ بالمرايا في داخل الشاب البالغ 37 عاماً منذ المرة الأولى التي تسلَّم فيها مشروعاً وتعذَّر إيجاد مرآة بملامح فنّية. رفض الاكتفاء بزجاج يتيح للآخر رؤية نفسه من خلاله؛ فالمسألة بالنسبة إليه تتخطّى الدور المُعدّ سلفاً، والمَهمَّة الجاهزة. المرايا «فنّ وظيفي»، لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها وتُكافأ ببرودة الناظر إليها. يُحوّل عبد الله بركة الغاليري معرضَه الدائم، فتصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تسرق العين من احتمال الاكتفاء بالنظرة الخاطفة.

المرايا «فنّ وظيفي» لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها (ذا ميرور بروجيكت)

يتحدّث لـ«الشرق الأوسط» بشغف الفنان الباحث عن لمسة، ويُذكّر بأنّ الهندسة الداخلية تتطلّب عمقاً في النظرة والأفكار، وخَلْق مزاج فنّي خاص. يقول عبد الله بركة: «لا أريد للمرآة أن تتحلّى بدور واحد. ذلك حَدٌّ لها. المرايا هي الأشخاص. أي نحن حين تُرينا أشكالنا وصورنا. وهي انعكاس يمكن أن نشعر به، فإذا بإبهاره الجمالي المُعبَّر عنه في التصميم والكادر، يجَعْل ذلك الشعور متبادَلاً، فيُعدّل حالة نفسية أو يُغيّر نظرة تجهُّم. هذا فعلُ اللون حول المرآة وقالبها. بمجرّد أنها ليست تقليدية، يحدُث الأثر في الناظر».

يُطلق عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية (ذا ميرور بروجيكت)

لم تكن يسيرةً ولادة الغاليري. مخاضُها خليطٌ من إحباط ومحاولة. يعود إلى عام 2019 المفصلي في لبنان. كلّ شيء بدأ يتغيَّر، والمسارات تتّخذ شكل السقوط. لم يدرك مكانه في وطن شديد التقلُّب؛ مباغت، وطافح بالمفاجآت. يروي: «الفراغ كان مميتاً. أشغالٌ توقّفت ومشروعات تبخَّرت. أسوةً بشباب لبناني لمس انسداد الأفق، تراءى منزلي مساحة اختناق. في تلك اللحظة، هبَّ الأمل. اشتريتُ ألواناً ورحتُ أرسم، وصمَّمتُ أشكالاً بالطين، فلمحتُ طريقي».

لا يريد عبد الله بركة للمرآة أن تتحلّى بدور واحد (ذا ميرور بروجيكت)

من الضياع وجد الخطوة الأولى. صقل عبد الله بركة رغبته في النحت وطوَّر مهارته. أنجز الشكل وصبَّ ضمنه المرآة. أراد وضع حدّ لحقيقة أنّ غاليريهات المرايا الفنّية في بيروت نادرة. اليوم، ليس عليه أو على زملاء المهنة البحث الطويل عن مرآة مشتهاة: «تعدّدت أدوات صناعة المرايا وكثَّفتُ العمل. كلما سمعتُ إطراء أردتُ مزيداً منه. في الغاليري أعمالي وأعمال مصمّمين من أميركا وكندا وأفريقيا الجنوبية وتايلاند وهولندا وأوكرانيا... خلف مراياهم قصص. ثمة مرايا مصمَّمة بالأسيد المحروق، وأخرى بالزجاج المُطبَّع، وصنف تتداخل بكادراته ألوان مُبهِجة. ولمّا تعدَّدت أسفاري، تعرَّفتُ إلى مدارس التصميم خصوصاً في ألمانيا وإيطاليا، وتعمّقت في جَعْل هذا الشغف واقعاً. اليوم أقول: أنا شاب لبناني بلغ اليأس. فرغَ العالم من حولي. وشعرتُ بالأبواب الموصدة. ثم نهضت. استراتيجية التفكير تبدَّلت، وأصبحت المعادلة: الآن أو أبداً! انتظار الوقت المناسب يهدر العمر. كل لحظة هي وقتٌ مناسب».

تصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تجذب العين (ذا ميرور بروجيكت)

أمضى شهراً ونصف شهر يُصمّم مرايا بأشكال خلّاقة حتى ساعات الليل المتقدّمة، استعداداً لإطلاق المعرض بعد تأخُّر فَرَضَه الظرف اللبناني. «4 مرايا علّقتُها على جدرانه قبل ربع ساعة من فَتْح الباب للحضور!»، يُكمل ضاحكاً. إحدى الزائرات رمت على مسمعه ما علَّم في أعماقه: «لم نكن نعلم أنّ هذه المرايا حاجة. متى أدخلناها إلى منازلنا أصبحت منّا». ومن كثافة الإقبال وحلاوة الأصداء، يُدرك أنه على السكّة التي نادته، أو ناداها؛ يمنحها كلَّه فتمنحه الإشباع الذاتي.

بعض المرايا بسيط يحوط به كادر يُجمِّل البساطة (ذا ميرور بروجيكت)

بعض المرايا بسيط، يحوط به كادر يُجمِّل البساطة. يتعامل عبد الله بركة مع تصاميمه بما يُبقي على الأساس، وهو المُتوقَّع من المرآة بوصفها زجاجاً يستجيب للانعكاسات؛ لكنه أساسٌ (Basic) لا يكتفي بنفسه، وإنما يتعدّاها إلى الغاية الجمالية والبُعد الفنّي ما دام الزجاج مقولباً بالألوان ومتداخلاً بإطار مُبتَكر. يرى في المرايا حكايات، وإنْ خلت صفحتها من أي شكل: «تُخبرني دائماً بأنّ المشاعر أصدق ما نملك. هي الدافع لنُنجز ما طال انتظاره. باستطاعتها تعويض غياب اللوحة عن الجدار. مشغولة بحبٍّ مماثل».