حفتر يلتقي سلامة... ومصر تحاول إقناعه بإتاحة الفرصة للحل السلمي

مجلس النواب ينقل مؤسسة النفط إلى بنغازي... وتحذيرات من احتشاد عناصر «داعش» جنوب سرت

سلامة خلال لقائه مع المشير حفتر في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
سلامة خلال لقائه مع المشير حفتر في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

حفتر يلتقي سلامة... ومصر تحاول إقناعه بإتاحة الفرصة للحل السلمي

سلامة خلال لقائه مع المشير حفتر في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
سلامة خلال لقائه مع المشير حفتر في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)

واصل غسان سلامة رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، مشاوراته الإقليمية، حيث بحث في القاهرة، أمس، خطة عمل الأمم المتحدة في ليبيا، والخطوات القادمة والانتخابات التي يخطط لإجرائها العام المقبل.
والتقى سلامة مساعد وزير الدفاع ورئيس اللجنة المصرية للشؤون الليبية اللواء محمد الكشكي، الذي عبّر، بحسب سلامة، عن دعم اللجنة لجهوده، مشدداً على أن جهود مصر تندرج تحت مظلة الأمم المتحدة لإحلال السلام في ليبيا.
في حين قال مسؤول مصري، على اطلاع بالاجتماعات التي عقدها سلامة في القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «نسعى للحلّ ونأمل خيراً، لكن مصر لا تعمل بمفردها، فهناك تحركات من عدة أطراف أخرى».
كما التقى سلامة وزير الخارجية المصري سامح شكري. وقال المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، إن «اللقاء تناول آخر المستجدات وجهود تسوية الأزمة، حيث أكد الوزير دعم مصر وتثمينها لجهود الأمم المتحدة في هذا الإطار، وشدد على أهمية دعم كافة الأطراف الإقليمية والدولية لهذه الجهود»، موضحاً أن الحل النهائي يجب أن ينبع من إرادة وتوافق الشعب الليبي بجميع أطيافه.
وأضاف أبو زيد أن «شكري أكد أهمية استكمال الجهود القائمة من أجل تقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة للتوصل لرؤية وطنية واحدة بشأن مستقبل ليبيا». كما استعرض وزير الخارجية جهود مصر من أجل المساعدة في توحيد المؤسسة العسكرية الليبية لتمكينها من أداء مهامها في استعادة الأمن والقضاء على الإرهاب.
وعبر الوزير عن قلق مصر البالغ من تنامي الخطر الإرهابي، مع عودة إرهابيي «داعش» من سوريا والعراق ومحاولاتهم الهروب إلى ليبيا ومنطقة الساحل، بما يهدد أمن واستقرار المنطقة ككل، بالإضافة إلى استمرار عمليات الهجرة غير الشرعية.
والتقى سلامة في القاهرة أيضاً المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي. وقالت مصادر مصرية وليبية غير رسمية لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود حفتر منذ بضعة أيام في العاصمة المصرية، يأتي في إطار مساعٍ مصرية ودولية أخرى لإقناعه بعدم التدخل في العملية السياسية، وإتاحة الفرصة لمزيد من المفاوضات الرامية إلى إيجاد حل بعيداً عن التدخل العسكري».
وهدد حفتر في أكثر من مناسبة بتدخل للجيش حالَ لم تُفضِ المفاوضات الحالية إلى حل قبل انتهاء صلاحية اتفاق الصخيرات بحلول السابع عشر من الشهر الحالي. وترددت معلومات غير رسمية عن اجتماع حفتر بمسؤولين أميركيين خلال وجوده في القاهرة، علماً بأن وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس قد أجرى مباحثات في القاهرة، أول من أمس.
وكان المبعوث الأممي إلى ليبيا قد حث على انتهاز فرصة تراجع «التدخل الدولي» للإعداد لانتخابات العام المقبل، إذ أعرب عن أمله بأن يتم توفير الظروف الملائمة لإجراء انتخابات وطنية «في غضون أشهر عدة»، داعياً الليبيين إلى «انتهاز فرصة تحول الاهتمام إلى اتجاه آخر» للعمل معاً دون تدخل خارجي.
وقال سلامة، أول من أمس، في مؤتمر صحافي من روما لمناقشة التحديات التي تواجهها منطقة المتوسط: «أشعر بأن هناك كثيراً من التدخل في القضية الليبية (...) عبر السلاح والمال وغيرهما».
لكنه أضاف: «هناك الآن نافذة لأن التدخل لا يتم بالمستوى نفسه»، لافتاً إلى أن «الدعم الذي يتلقاه اللاعبون المختلفون (من الخارج) قد تراجع»، مؤكدا أن «هناك تراجعاً في التدخل الدولي وعلى الليبيين العمل معاً لبناء مؤسسات ثابتة».
وكان سلامة قد أعلن في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي عن خطة لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية بحلول العام المقبل، في محاولة لإنهاء سنوات من الاضطرابات السياسية التي عمت بعد الإطاحة عام 2011 بالعقيد الراحل معمر القذافي.
وأصر مراراً على دستور جديد يتم الاستفتاء عليه قبل الانتخابات، فيما دعا إلى مؤتمر وطني لتوحيد صفوف جميع التيارات المؤثرة في البلاد. وقال: «يجب ألا تكون الانتخابات حلاً سريعاً»، مضيفاً أن على البلاد الالتزام بالشروط التقنية كتسجيل الناخبين وتبني قانون انتخابي.
وبعد اتفاق تم التوصل إليه عام 2015 في منتجع الصخيرات بالمغرب، ودعمته الأمم المتحدة، تولت حكومة الوفاق الوطني، برئاسة فائز السراج، السلطة في طرابلس العام الماضي. إلا أنها تحاول جاهدة فرض سلطتها في مناطق أخرى من البلاد، وتحديداً في أقصى الشرق حيث يسيطر حفتر على معظم الأراضي ويدعم برلماناً موازياً.
إلى ذلك، أعلن مجلس النواب الليبي عن نقل مقر المؤسسة الوطنية للنفط إلى ما وصفه بموطنها القانوني في مدينة بنغازي شرق البلاد، في تصعيد جديد يضع مؤسسة النفط الليبية مجالاً للجذب بين المجلس الموجود في مدينة طبرق بأقصى الشرق، وحكومة الوفاق التي يترأسها السراج في طرابلس.
وأصدر مكتب رئاسة المجلس قراراً بشأن تعديل قرار صادر في عهد القذافي، بحيث يكون مركز المؤسسة وموطنها القانوني في بنغازي، على أن يجوز لمجلس إدارة المؤسسة إنشاء فروع أو مكاتب داخل ليبيا أو خارجها.
وأضاف القرار الذي أعلنه رئيس لجنة متابعة المؤسسة الوطنية للنفط يوسف العقوري في مؤتمر صحافي في بنغازي بحضور عدد من أعضاء مجلس النواب، نصاً جديداً يتضمن «تخصيص نسبة 5 في المائة من إنتاج النفط للصرف على احتياجات المناطق المنتجة للنفط وتعويضها عن الأضرار التي لحقت بها من جراء انبعاث الغازات وتلوث البيئية».
وأكد العقوري، بحسب وكالة الأنباء الموالية للبرلمان، أنه بصدور هذا قرار عن الجهة التشريعية تم إلغاء قرار المؤتمر الشعبي العام المشار إليه سابقاً وبذلك يكون مقر المؤسسة الوطنية للنفط قانوناً مدينة بنغازي.
إلى ذلك، نفى مسؤول في الحكومة المؤقتة التي يترأسها عبد الله الثني من شرق البلاد، سيطرة ميليشيات مسلحة تابعة لحكومة السراج على مطار سبها الدولي ومواقع عسكرية أخرى في مدينة سبها، من بينها مقر الشرطة العسكرية في جنوب البلاد.
وقال العقيد أحمد بركة رئيس ديوان وزارة الداخلية بالمنطقة الجنوبية إن الجيش على تواصل مع ما سماه بـ«مجموعة عسكرية قامت بالسيطرة على هذه المقرات»، معتبراً أن مدينة سبها تحت سيطرة قوات الجيش الوطني، حيث تعمل مديريات الأمن فيها بشكل جيد، ووضعها الأمني مستقر، على حد تعبيره.
من جهة أخرى، حذر مسؤولون في حكومة السراج من محاولة تنظيم داعش شنّ هجمات جديدة بعد إعادة تجميع قواته، جنوب مدينة سرت على بعد 450 كيلومتراً شرق طرابلس.
وكرر أمس مصدر عسكري بغرفة تأمين سرت التابعة لحكومة السراج، التحذيرات التي أطلقها مسؤولان آخران، أول من أمس، بشأن تجمع فلول التنظيم جنوب المدينة، بهدف شن عمليات تستهدف القوات العسكرية الموجودة هناك بعد هزيمتها العام الماضي.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.