قرب نهاية ولاية البرلمان يكبح خيار الانتخابات المبكرة

«المستقبل» و«الوطني الحر» أبرز المستفيدين

TT

قرب نهاية ولاية البرلمان يكبح خيار الانتخابات المبكرة

يجرى التداول في لبنان على سيناريو «الانتخابات النيابية المبكرة»، كأحد الخيارات المتاحة للخروج من الأزمة السياسية التي دخلتها البلاد مع إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته. إلا أنه مع اقتراب الفرقاء من الاتفاق على صيغة معينة يلتزمون من خلالها مبدأ «النأي بالنفس» ما يمهد لعودة العمل الحكومي إلى سابق عهده، تم حصر إمكانية اللجوء إلى تقريب موعد الاستحقاق النيابي المتوقع في شهر مايو (أيار) المقبل، بسعي بعض القوى السياسية لاستثمار النهضة الشعبية التي رافقت الأزمة السياسية الأخيرة، والتي تعتقد أنها ستصب لصالحها في صناديق الاقتراع.
ويُعتبر تيار «المستقبل» الذي يرأسه رئيس الحكومة سعد الحريري، كما «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل، أبرز المستفيدين من انتخابات مبكرة، بحسب خبراء انتخابيين، باعتبار أن الأزمة الأخيرة خدمتهما باستنهاض قواعدهما الشعبية التي كانت إما خائبة أو مستاءة لأسباب شتى. لكن ما قد يعيق اللجوء إلى هذا الخيار في المرحلة الراهنة هو بعض العوائق التقنية المتعلقة بالاستعدادات اللوغيستية، وضرورة العمل على تعديل بعض المهل التي أقرها القانون الانتخابي الجديد، خصوصاً أن ولاية المجلس الحالي تنتهي بعد ستة أشهر فقط. ويعتبر وزير الداخلية السابق زياد بارود أنه «في حال توفر الرغبة السياسية بتقديم موعد الانتخابات، فإن تعديل المهل لن يكون إشكالية، خصوصاً أنه لا يمكن الحديث عن انتخابات مبكرة، باعتبار أن هذه الانتخابات كان يجب أن تحصل في العام 2013، وقد تم تأجيلها ولاية كاملة». ويضيف بارود في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «ولاية المجلس النيابي الحالي تنتهي في 21 يونيو (حزيران) المقبل والانتخابات يجب أن تتم خلال فترة الـ60 يوماً الأخيرة، أي ما بين شهر مارس (آذار) وشهر مايو (أيار)، مع التذكير بوجوب دعوة الهيئات الناخبة قبل الموعد بـ90 يوماً».
إلا أن إجراء الانتخابات في شهر مارس، مثلاً، يستدعي، بحسب بارود، تعديل بعض المهل وأحكام القانون، وبالتحديد تلك المتعلقة بإعداد القوائم الانتخابية ومواعيد نشرها، لافتاً إلى أنه من مؤيدي تقريب موعد الاستحقاق النيابي طالما أنه لا موانع دستورية تحول دون إجراء الانتخابات في الشتاء مثلاً. ويضيف: «على كل حال قد لا تكون الانتخابات مشروع حل للأزمة السياسية الراهنة، خصوصاً وأن الحكومات الجديدة التي تشكل عادة بعد الانتخابات تكون مشروع مشكل لا حل، ويتأخر تشكيلها نتيجة شد الحبال».
ورغم عدم بت القوى السياسية حتى الساعة بموعد محدد للانتخابات النيابية نتيجة توقف عمل اللجنة الوزارية المولجة البحث بموضوع الإصلاحات، تواصل وزارة الداخلية استعداداها للاستحقاق النيابي، وتؤكد مصادرها لـ«الشرق الأوسط» أن موضوع «الانتخابات المبكرة مسألة سياسية وليست تقنية». وتضيف: «نحن كوزارة نحتاج 100 يوم بعد تأمين الاعتمادات المالية، لننهي استعداداتنا وفق القانون الجديد على أن نعتمد الهويات وجوازات السفر مستندات رسمية للاقتراع، وأن تجري الانتخابات في مراكز قيد الناخبين».
وحتى الساعة لم تصدر مواقف رسمية من قبل القوى السياسية من موضوع تقديم موعد الانتخابات، وإن كانت معظمها تؤكد أنها لا تمانع السير بالطرح، وآخرها رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي قال إن «هذا الموضوع كان آخر خرطوشة في يدي، في حال استقالت الحكومة ووصلنا إلى تصريف أعمال»، مشيراً إلى أنه «لو بقي الحريري مُصرّاً على استقالته لكنت من أشد الداعين إلى تقريب موعد الانتخابات حتى نوفّر على البلد 7 أشهر من تصريف الأعمال، تليها بعد الانتخابات مرحلة طويلة من التأليف، ما يُعرّض الاقتصاد للانهيار». وأضاف: «تقريب الانتخابات يحتاج إلى توافق عام. من جهتي أنا لا مشكلة لدي أياً يكون القرار».
ويشدد الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين على وجوب التفرقة ما بين انتخابات مبكرة تستدعي تعديل قانون الانتخاب، إذا اتفقت القوى السياسية على إجراء الانتخابات خلال شهرين أو ثلاث، وبين تقديم للموعد لا يستدعي تعديلاً كإجراء الانتخابات مطلع شهر مارس الذي يندرج بإطار المهلة الدستورية التي أقرها القانون الجديد. ويعتبر شمس الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «معظم القوى السياسية قد يناسبها إجراء الانتخابات بأسرع وقت ممكن للاستفادة من النهضة التي تشهدها قواعدها الشعبية، وأبرزها تيار المستقبل والتيار الوطني الحر». ويضيف: «أما الثنائي (أمل) و(حزب الله) فلن يتأثرا كثيراً أيا كان الموعد، بعكس (حزب القوات) الذي قد لا يناسبه إجراء انتخابات مبكرة في الظروف الراهنة نتيجة الانعكاسات السلبية التي تركتها الأزمة السياسية الأخيرة عليه».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».