فصائل تتظاهر في غزة دعماً للمصالحة

TT

فصائل تتظاهر في غزة دعماً للمصالحة

نظَّمت الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة مظاهرة بمشاركة ضعيفة من عناصرها، أمس، دعماً للمصالحة الوطنية ضمن خطوات قررت اتخاذها مسبقاً للضغط على حركتي «فتح» و«حماس» اللتين لم تشاركا في المظاهرة من أجل تطبيق الاتفاقيات والتفاهمات التي تم التوصل إليها في 2011 والشهرين الماضيين في القاهرة.
ورفع المتظاهرون في ساحة الجندي المجهول أعلام فلسطين فقط، مطالبين بضرورة الضغط على الأطراف كافة، للالتزام بما تم الاتفاق عليه في القاهرة وعدم التلكؤ في رفع العقوبات التي تفرضها السلطة الفلسطينية على القطاع.
ودعا عضو المكتب السياسي لـ«الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» صالح ناصر، خلال كلمة باسم الفصائل، إلى «الالتزام بتطبيق اتفاق القاهرة 2011 وبما جاء في اتفاق حركتي فتح وحماس بتاريخ 12 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وبمخرجات ونتائج حوار القاهرة يومي 21 و22 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بموجب البيان الصادر عن جلسات الحوار، ما يتطلب قيام حكومة التوافق الوطني بدورها في رفع الإجراءات وتلبية حاجات مواطني القطاع».
وأكد ضرورة تمكين الحكومة من أداء مهامها وتولي مسؤولياتها كاملة عن الإدارات والمؤسسات والأجهزة في قطاع غزة، بالتزامن مع رفع الحصار والإجراءات. وشدد على «حق الأمان الوظيفي للموظفين كافة ومزاولة عملهم، ورفض القرارات المتسرعة الداعية إلى عودة الموظفين للالتحاق بوزاراتهم، والالتزام بما تم الاتفاق عليه في أكتوبر».
وشدد على ضرورة تفعيل اللجنة الإدارية والقانونية المشتركة، والشروع في عملها بحضور المسؤولين المصريين، وفقاً لمخرجات لقاء القاهرة الأخير، مطالباً بتشكيل لجنة وطنية لإسناد الجهود المبذولة، لإنهاء الانقسام ومساعدة جميع الأطراف وتذليل العقبات التي تعترضها. وثمّن الجهود المصرية في رعاية المصالحة، وإنجاز الوحدة الوطنية، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني في العودة والدولة وتقرير المصير. وطالب بـ«الابتعاد عن لغة التوتير والاشتراطات المتبادلة والمناكفات الإعلامية»، داعياً إلى «تحصين اتفاق المصالحة، والعمل على ضرورة إنجازها لإصلاح النظام السياسي الفلسطيني على قاعدة الشراكة الوطنية والانتخابات الشاملة، وفق نظام التمثيل النسبي الكامل، واستكمال ما اتُّفق عليه عبر دعوة لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير لإعادة الاعتبار للبرنامج الوطني وتبني استراتيجية نضالية وكفاحية بديلة لأوسلو تجمع بين الكفاح في الميدان وتدويل القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية».
وكانت الفصائل قد قررت خلال اجتماع عُقد في غزة قبل أسبوع تنفيذ «خطوات فاعلة» للضغط على «فتح» و«حماس» لتطبيق اتفاق القاهرة، وشكلت لجنة لمتابعة تنفيذ الاتفاقيات السابقة. ونظمت المظاهرة في ظل الحديث عن تأزم العلاقات بين «فتح» و«حماس» وسط اتهامات متبادلة بمحاولة إفشال المصالحة.
وشهد قطاع غزة أيضاً مظاهرة لفصائل صغيرة مقربة ومحسوبة على «حماس»، منها حركتا «الأحرار» و«المجاهدين»، للمطالبة برفع العقوبات عن غزة و«إنصاف موظفيها» التابعين لحكومة «حماس» السابقة، خصوصاً أن تلك الفصائل يعمل عدد كبير من عناصرها في تلك الحكومة.
وشدد متحدثون باسم تلك الفصائل على ضرورة «إيجاد حلول عادلة للموظفين في غزة»، متهمين «فتح» بـ«توتير الأجواء» وحكومة التوافق بـ«التخلي عن مسؤولياتها والعمل وفق أجندة سياسية حزبية وليست وطنية».
ودعت «كتلة التغيير والإصلاح» البرلمانية، ممثلة حركة «حماس» في المجلس التشريعي الفلسطيني، خلال اجتماعها الدوري، إلى «تمكين المجلس التشريعي وتفعيله كاستحقاق قانوني ووطني، وأن يقوم المجلس بدوره الرقابي والتشريعي في الضفة كما هو في غزة، وعرض أي حكومة عليه لنيل الثقة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.