أين اختفت أحلامنا الكبرى؟

أين اختفت أحلامنا الكبرى؟
TT

أين اختفت أحلامنا الكبرى؟

أين اختفت أحلامنا الكبرى؟

كانت الأحلام الكبرى كلها أمامنا... أمام البشرية التي دخلت منعطفاً حاسماً بعد الحرب العالمية الثانية. لم يكن هناك بديل عن الحلم. وهو حلم بالحب والسعادة على هذه الأرض الفانية، والمساواة والعدالة لمعذبيها وضحايا طغاتها وجلاديها. وهج، وعنفوان، وانتفاضات وثورات، ودماء كالأنهار، وسجون تكفي أسماؤها لردع المشاغبين، ومشانق تنصب، وثكلى وأيتام في كل مكان، ومع ذلك، بقي الحلم متوهجاً، براقاً، ملوّناً. لم تنجح كل بلايا العالم في اغتياله. كان ينعكس على وجوهنا تيهاً ونوراً، ويرفع أعناقنا فتستطيل حتى تعانق السماء، ويغور في أعماقنا فيغسلها من درء اليأس، الذي يتغلل فينا بين حين وحين. حلم لم يهدأ، بل يمضي قدماً باتجاه النهايات التي لا تبين في الطريق، بل مرسومة في الرؤوس، المشرئبة دائماً. كان مشكاتنا التي تضيء. وكنا نمضي سريعاً في الطريق، نتطلع دائماً إلى أمام، لأن هناك شيئاً في الأمام.
وفجأة، كأننا كنا على غفلة، لاهين بأحلامنا، اكتشفنا أن الأمر لم يعد كذلك، وأن هناك خطأ ما، لم نزل لحد الآن نجهل كنهه. فجأة لم تعد هناك نهايات نمضي باتجاهها. لم تعد هناك مشكاة تضيء. كل شيء يمشي على سطح صفيح بارد. أين مضى الحلم الذي لا تسعه الأرض، المتوهج حتى في سراديب الليل؟ وكيف انطفأ؟ وانطفأت معه الإشراقات الكبرى التي أضاءت التاريخ، وحركته، ورفعته على عُمد من نار ونور.
أين اختفت الآمال الكبرى، والمعارك الكبرى؟
تبدو الطريق الآن وكأن نهاياتها قد استبدلت ببداياتها في عملية خداع ماهرة. يبدو وكأن شيئاً، شرقاً وغرباً، قد تسطح مع الأرض. بل كل الأرض تبدو وكأنها قد فقدت ملحها. كل شيء يبدو باهتاً الآن.
لا طعم على ألسنتنا. لا نزال على الطريق ندب حسب قوانين الطبيعة ذاتها، وهذا أسوأ ما يمكن أن يحصل لإنسان. لا نزال هنا، لكننا لم نعد هناك... في مملكة الأحلام العظيمة. لا نزال هنا، حالنا حال الأشياء، التي قد تحركها بين حين وحين عاصفة ما، ثم يرجعها إلى مكانها الأبدي قانون وجودها الطبيعي. لا نزال نتناسل، وتمتلئ بنا المعمورة، لكننا لا نملك شيئاً نشحن به خيال الذين يأتون. ماذا سنقول لهم؟ ما عدنا نملك أحلاماً لنعديكم بها، بل آمالاً مع وقف التنفيذ. ومع ذلك، لتنخدعوا طويلاً. لا نعرف بعد. لم نعد نعرف. كأن الأشياء تتداعى. كأن ييتس كتب قصيدته العظيمة «المجيء الثاني» يوم أمس فقط، وليس قبل نحو قرن، عن عالم تجتاحه قوة اضطراب جديدة، فتسود الفوضى في كل مكان، وتتداعى الأشياء، ويهتز المركز، ويرتفع مد مغموس بالدم. مشهد كابوسي: الصقر يدور ويدور، ولا يسمع حتى صوت مروضه. لا يزال الصقر يدور، وكأنه لم يتعب من الدوران:
النسر يدور ويدور في حلقة آخذة بالاتساع،
لا يستطيع أن يسمع مروضه،
الأشياء تتداعى، المركز لا يصمد،
الفوضى سائبة في العالم،
المد المغموس بالدم سائب، وفي كل مكان
تغرق طقوس البراءة.



«ملتقى طويق للنحت» يحتفي بتجارب الفنانين

الملتقى يتيح فرصة مشاهدة عملية النحت الحي والتمتُّع بتفاصيل الصناعة (واس)
الملتقى يتيح فرصة مشاهدة عملية النحت الحي والتمتُّع بتفاصيل الصناعة (واس)
TT

«ملتقى طويق للنحت» يحتفي بتجارب الفنانين

الملتقى يتيح فرصة مشاهدة عملية النحت الحي والتمتُّع بتفاصيل الصناعة (واس)
الملتقى يتيح فرصة مشاهدة عملية النحت الحي والتمتُّع بتفاصيل الصناعة (واس)

يحتفي «ملتقى طويق الدولي للنحت 2025» بتجارب الفنانين خلال نسخته السادسة التي تستضيفها الرياض في الفترة بين 15 يناير (كانون الثاني) الحالي و8 فبراير (شباط) المقبل، تحت شعار «من حينٍ لآخر... متعة الرحلة في صِعابها»، وذلك بمشاركة 30 فناناً من 23 دولة حول العالم.

ويُقدّم الملتقى فرصة مشاهدة عملية النحت الحي، حيث ينشئ الفنانون أعمالاً فنية عامة، ويُمكِن للزوار التواصل والتفاعل المباشر معهم، وتبادل الثقافات، واكتشاف الأساليب والأدوات المستخدمة في عملهم.

وسيصاحب فترة النحت الحي برنامج الشراكة المجتمعية، الذي يضم 11 جلسة حوارية، و10 ورش عمل مُثرية، و6 برامج تدريبية، إلى جانب الزيارات المدرسية، وجولات إرشادية ستُمكِّن المشاركين والزوار من استكشاف مجالات فن النحت، وتعزيز التبادل الفني والثقافي، واكتساب خبرة إبداعية من مختلف الثقافات من أنحاء العالم.

وتركز الجلسات على الدور المحوري للفن العام في تحسين المساحات الحضرية، بينما ستستعرض ورش العمل الممارسات الفنية المستدامة، مثل الأصباغ الطبيعية. في حين تتناول البرامج التدريبية تقنيات النحت المتقدمة، مثل تصميم المنحوتات المتحركة.

من جانبها، قالت سارة الرويتع، مديرة الملتقى، إن نسخة هذا العام شهدت إقبالاً كبيراً، حيث تلقّت ما يزيد على 750 طلب مشاركة من 80 دولة حول العالم، مبيّنة أن ذلك يعكس مكانة الحدث بوصفه منصة حيوية للإبداع النحتي والتبادل الثقافي.

وأعربت الرويتع عن طموحها لتعزيز تجربة الزوار عبر البرامج التفاعلية التي تشمل ورش العمل والجلسات الحوارية والجولات الفنية، مشيرة إلى أن الزوار سيتمكنون من مشاهدة المنحوتات النهائية في المعرض المصاحب خلال الفترة بين 12 و24 فبراير.

تعود نسخة هذا العام بمشاركة نخبة من أبرز النحاتين السعوديين، وتحت إشراف القيمين سيباستيان بيتانكور مونتويا، والدكتورة منال الحربي، حيث يحتفي الملتقى بتجربة الفنان من خلال تسليط الضوء على تفاصيل رحلته الإبداعية، بدءاً من لحظة ابتكاره للفكرة، ووصولاً إلى مرحلة تجسيدها في منحوتة.

وفي سياق ذلك، قال مونتويا: «نسعى في نسخة هذا العام من المُلتقى إلى دعوة الزوار للمشاركة في هذه الرحلة الإبداعية، والتمتُّع بتفاصيل صناعة المنحوتات الفنية».

ويعدّ الملتقى أحد مشاريع برنامج «الرياض آرت» التي تهدف إلى تحويل مدينة الرياض لمعرض فني مفتوح عبر دمج الفن العام ضمن المشهد الحضري للعاصمة، وإتاحة المجال للتعبير الفني، وتعزيز المشاركات الإبداعية، بما يتماشى مع مستهدفات «رؤية السعودية 2030».