السودان وتشاد يتفقان على دعم جهود بسط الأمن في ليبيا

TT

السودان وتشاد يتفقان على دعم جهود بسط الأمن في ليبيا

اتفق كل من السودان وتشاد على دعم جهود بسط الأمن في دولة ليبيا المجاورة، بغية وقف الانفلات الأمني الذي تشهده البلاد منذ سقوط نظام الرئيس السابق معمر القذافي، كما اتفقتا على تشديد الإجراءات الأمنية على حدودهما المشتركة بينهما، وربط بلديهما بالطرق البرية.
جاء ذلك خلال زيارة الرئيس عمر البشير إلى العاصمة التشادية انجمينا، دامت يومين، وشارك خلالهما في احتفالات دولة تشاد باحتفالات أعياد الحرية والديمقراطية السابعة والعشرين، كما أجرى خلالها مباحثات مع رصيفه التشادي إدريس ديبي تناولت العلاقات الثنائية وقضايا دولية وإقليمية مشتركة.
ووصف وزير الدولة بالخارجية عطا المنان بخيت، الزيارة بـ«الناجحة»، وقال للصحافيين في مطار الخرطوم أمس عقب عودة البشير من انجمينا إن الزيارة «فتحت آفاقاً جديدة في التعاون بين البلدين، ونقلت علاقتهما من إطارها التقليدي إلى مرحلة التعاون الأمني والاقتصادي والتجاري والاجتماعي».
وأوضح بخيت أن البشير وديبي أجريا مباحثات رسمية تناولت العلاقات بين البلدين وجوانبها المختلفة، وسبل تطويرها، باعتبارها علاقات طويلة، فيما نقلت وسائل إعلام سودانية أن الرئيسين اتفقا على تشديد الإجراءات الأمنية على الحدود المشتركة بين الدولتين، وربطهما بشبكة طرق برية وحديدية.
ووفقاً للصحافة السودانية، فإن البشير وديبي بحثا الأوضاع في ليبيا التي تربطها حدود مشتركة مع الدولتين، واتفقا على دعم الجهود الدولية التي تهدف لبسط الأمن والاستقرار في الدولة المضطربة، وذلك لتلافي آثار حالة الانفلات الأمني، التي تشهدها منذ سقوط نظام الرئيس السابق معمر القذافي.
وأوضح بخيت أن الرجلين اتفقا أيضا على تطوير علاقات بلديهما عن طريق مبادرات أكبر وأساليب جديدة، لا سيما في مجالات التعليم والصحة والتبادل الاقتصادي والتجاري.
وتستخدم دولة تشاد جزءا من ميناء بورتسودان بشرق السودان في نقل وارداتها، وفي هذا السياق كشف البخيت عن اتفاق لتوسيع الجزء المخصص للتجارة التشادية، حال اكتمال الإجراءات والطرق البرية، التي تربط الخرطوم والجنينة في غرب السودان ومدينة أدري بشرق تشاد. ولتسريع الإجراءات وجه الرئيسان بتكوين آلية متابعة لتنفيذ ما اتفقا عليه، وطلبا من وزيري خارجية البلدين بتكوين لجنة تجتمع في الخرطوم فبراير (شباط) المقبل لتحديد آليات تنفيذ الاتفاقيات.
ومرت العلاقات السودانية بحالات من التوتر والشد بسبب اتهامات متبادلة بدعم كل منهما لمعارضة الأخرى، وذلك قبل توقيع اتفاقية الثالث من مايو (أيار) 2009، التي قضت بوقف الطرفين للتدخل في الشؤون الداخلية للآخر، وعدم استخدام القوة أو التهديد في علاقاتهما. وقد حدث تقارب أمني بين البلدين أدى لتوقيع بروتوكول تأمين الحدود في 2010، واتفقا على وقف أي دعم لحركات التمرد، وتشكيل قوات مشتركة لتأمين الحدود، ومنع عبور أي قوات معارضة على طرفي الحدود. وقد اتفق الطرفان في الخرطوم عام 2011 على تفعيل إنشاء القوات المشتركة، وتنشيط البروتوكول العسكري بين السودان وتشاد، وأشركت أفريقيا الوسطى في منظومة القوات المشتركة السودانية - التشادية. ومنذ ذلك الوقت تنتشر قوات مشتركة سودانية، تتم قيادتها بالتبادل، في نحو 20 موقعاً لتأمين الحدود، والحيلولة دون تسلل المتمردين ضد حكومتي الدولتين من عبور إلى داخلهما.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.