شيخ الأزهر يؤم المصلين في مسجد «الروضة» ويصف الإرهابيين بـ«الخوارج»

أهالي القرية تحدوا الخوف واحتشدوا للصلاة

شيخ الأزهر أحمد الطيب مغادراً مسجد الروضة أمس (رويترز)
شيخ الأزهر أحمد الطيب مغادراً مسجد الروضة أمس (رويترز)
TT

شيخ الأزهر يؤم المصلين في مسجد «الروضة» ويصف الإرهابيين بـ«الخوارج»

شيخ الأزهر أحمد الطيب مغادراً مسجد الروضة أمس (رويترز)
شيخ الأزهر أحمد الطيب مغادراً مسجد الروضة أمس (رويترز)

في بادرة لافتة، أمّ شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، المصلين في مسجد الروضة بمدينة بئر العبد (شمال سيناء)، الذي كان مسرحاً لمذبحة دامية أثناء صلاة الجمعة، قبل أسبوع، ما أسفر عن مقتل أكثر من 300 من المصلين وإصابة آخرين.
وقال الطيب لأهالي القرية الذين تحدوا الخوف واحتشدوا للصلاة فيها، إن «قتلة المصلين في مسجد الروضة ممن تهجموا على الله ورسوله، خوارج وبغاة ومفسدون في الأرض، وتاريخهم في قتل المسلمين وترويع الآمنين معروف».
وقال مراقبون إن زيارة شيخ الأزهر ومعه عدد من المسؤولين الحكوميين في مقدمتهم الدكتور شوقي علام مفتي مصر، والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، ونواب من البرلمان، وقيادات محافظة شمال سيناء، ومئات من رموز قبائل سيناء، «رسالة مهمة في شأن توحيد البلاد ضد الإرهاب والتأكيد على وقوف الشعب وكل المؤسسات صفاً واحداً في مواجهة الجماعات التي تستهدف أمن المصريين وحياتهم».
وأدى الدكتور عبد الفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين، خطبة الجمعة من مسجد «الروضة» أكد فيها أن «مصر لن تنكسر إرادتها أمام هذا العدوان الغاشم الذي يموله ويخطط له من شاء من إخوان الشياطين والله غالب على أمره».
وقال شيخ الأزهر في كلمة إلى أهالي قرية الروضة، عقب الصلاة، إن «النبي وصف من يسفكون الدماء بحداثة السن، إشارة إلى طيشهم واندفاعهم وجهلهم، ووصفهم بسفاهة العقل وسوء الفهم، وحذّر من الاغترار بمظهرهم وبكثرة عبادتهم وبحفظهم القرآن الكريم، فقراءتهم للقرآن، فيما يقول النبي صلى الله عليه وسلم، لا تجاوز أفواههم وشفاههم إلى قلوبهم وعقولهم، ووصفهم بالغلو في الدين والإسراع في تكفير المسلمين، تمهيداً لقتلهم وسلب أموالهم وهتك أعراضهم». وأضاف أن النبي أمر بقتلهم وتعقبهم ووعد من يقتلهم بالثواب يوم القيامة، مؤكداً أنه يتحتم على ولاة الأمور أن يسارعوا بتطبيق حكم الله تعالى بقتال هؤلاء المحاربين لله ورسوله والساعين في الأرض فساداً، حماية لأرواح الناس وأموالهم وأعراضهم.
وخاطب الطيب أهالي القرية، قائلاً: «إننا هنا لنؤكد أن مصر كلها تشعر بما تشعرون به، وتتألم مما تتألمون منه، وكذلك الأزهر الذي جاءكم بشيوخه وأبنائه وبناته ليعزيكم ويُخفف عنكم مصابكم، ويضع يده في أيديكم من أجل نهضة هذه القرية علمياً وصحياً واجتماعياً».
وكانت وزارة الأوقاف قد انتهت من تطوير وإعادة فرش المسجد الذي شهد الهجوم الإرهابي، لأداء الصلاة فيه. وقال محمد جرير، من أهالي قرية الروضة، إن «القرية خرجت جميعها (أمس) للصلاة في المسجد وخارجه، للتأكيد على أننا نواجه الإرهاب ولا نخاف من رصاص الإرهابيين»، لافتاً إلى أن «كثيراً من الآباء والأبناء الذين فقدوا ذويهم، تذكروا اللحظات العصيبة التي شهدها المسجد الأسبوع الماضي، خلال الصلاة (أمس)»، مؤكداً «أننا سوف نظل نصلي في المسجد ولن نتركه أبداً».
وأضاف أن شيخ الأزهر زار أهالي القرية أمس، وقدم لهم العزاء في ذويهم، وقرر صرف معاش شهري للأرامل والمحتاجين من بيت الزكاة، وإعفاء طلاب قرية الروضة من المصروفات الدراسية حتى الانتهاء من المرحلة الجامعية، وتوفير رحلات حج للأرامل العام المقبل على نفقة الأزهر، وإسكان طلاب وطالبات جامعة الأزهر من أهالي بئر العبد في المدن الجامعية، وتوجيه قوافل دعوية وطبية لأهالي شمال سيناء وخصوصاً بئر العبد.
وزار شيخ الأزهر أيضاً، يرافقه وفد نسائي من مشيخة الأزهر وجامعة الأزهر، أسر ضحايا الهجوم الإرهابي. وخلال زيارته أعرب الطيب عن خالص عزائه ومواساته لأسر «شهداء الحادث الإجرامي الغادر» بما في ذلك السيدة التي مات لها 12 فرداً من أفراد عائلتها.
من جانبه، استجاب وزير الأوقاف لمطالب أهالي قرية الروضة وقرر تغيير اسم مسجدها إلى «روضة الشهداء». وقال الوزير إنه ما كان للدولة المصرية أن تجازف بجميع قيادات مؤسساتها الدينية بذهابهم إلى بؤرة الحدث والصلاة في مسجد «الروضة» لولا ثقتها في الله تعالى وفي نفسها وقدرتها على بسط سيطرتها على الأرض. وقال: «اتضح لنا وللعالم وبما لا يدع مجالاً لأي شك، جبن هذه الجماعات الإرهابية الضالة المجرمة الخائنة العميلة، التي لا تقوى على مواجهة جنودنا... فهذه الجماعات لا تعمل إلا بأساليب الغدر والخسة والخيانة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.