أبو ردينة: أي حل عادل يجب أن يضمن القدس عاصمة لفلسطين

المتحدث باسم الرئاسة قال إن عباس لا يزال ملتزماً بسلام يقوم على أساس حل الدولتين

TT

أبو ردينة: أي حل عادل يجب أن يضمن القدس عاصمة لفلسطين

أثارت تسريبات إخبارية من البيت الأبيض، ادعت أن الرئيس دونالد ترمب ينوي الإعلان، اليوم (السبت)، عن الاعتراف بـ«القدس غير المقسمة عاصمة لإسرائيل»، ردود فعل غاضبة في السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، التي قالت إن هذا الاعتراف لا يساعد جهود التسوية، بل يشجع إسرائيل على سياسة التهويد والاستيطان التي تنسف فرص السلام، فيما أكدت الرئاسة الفلسطينية أن أي حل عادل للقضية الفلسطينية يجب أن يضمن القدس عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة.
وقال نبيل أبو ردينة، الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، إن عدم التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية سيبقي حالة التوتر والفوضى والعنف سائدة في المنطقة والعالم، مشدداً على أن «الشرعية الدولية، وعلى رأسها قرار الاعتراف بدولة فلسطين في الجمعية العامة سنة 2012 وعدم شرعية الاستيطان، هي التي ستخلق المناخ المناسب لحل مشكلات المنطقة وإعادة التوازن في العلاقات العربية - الأميركية، فالقدس الشرقية بمقدساتها هي البداية والنهاية لأي حل، ولأي مشروع ينقذ المنطقة من الدمار».
وأوضح أبو ردينة أن الرئيس محمود عباس ما زال ملتزماً بسلام عادل، قائم على أساس حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية والعربية، التي تعد مبادرة السلام العربية أساسها، مؤكداً أن «المنطقة أمام خيارات صعبة، وعلى شعوب المنطقة ودولها التمسك بالثوابت الوطنية والقومية أمام هذه التحديات الخطيرة، التي تمس جوهر الوجود العربي بأسره».
من جهته، قال تيسير خالد، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إن «موقفنا في ملف نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، أو الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، موقف واضح.
فإذا أقدمت الإدارة الأميركية الجديدة على خطوة كهذه، فإنها تضع نفسها خارج سياق الدور الذي يمكنها من أن تكون وسيطاً في تسوية الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وسوف نقابله برد قوي ومناسب»، مشيراً إلى إعلان الإدارة الأميركية قبل فترة عدم تجديدها لمكتب بعثة منظمة التحرير في واشنطن، الذي قوبل بردود فعل واسعة دفعت الإدارة الأميركية إلى التراجع عن قرارها، وتساءل عما سيكون عليه الوضع إذا «قررت هذه الإدارة، خلافاً للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية، نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس؟».
وأوضح خالد أن ردود الفعل اتجاه هذه الخطوة لن تقتصر حينها على الشعب الفلسطيني، بل ستكون أشمل وأوسع، لافتاً إلى أنه إذا لم تتخذ الحكومات موقفاً، فإن شعوب البلدان العربية والإسلامية لن تترك الأمر دون رد، بل ستضغط على حكوماتها لتتصرف بما يمليه عليها الواجب اتجاه هذه الخطوة الخطيرة، مشدداً على أن سياسة الإدارة الأميركية بهذا الخصوص غير متوازنة وتتطابق فقط مع المصالح الإسرائيلية، وأضاف موضحاً أنه «أمر مؤسف أن تتصرف دولة بحجم الولايات المتحدة بوزنها السياسي والاستراتيجي بهذه الطريقة، ليس فقط بسبب محاباتها لإسرائيل، بل لأنها توفر الحماية لها وتتعامل معها باعتبارها دولة استثنائية وفوق القانون، وتتعهد بتوفير الحماية لها من المساءلة والمحاسبة في المحافل الدولية»، وهو ما يشجعها، حسب تعبيره، على التمادي في انتهاكاتها لحقوق الشعب الفلسطيني، ومواصلة نشاطاتها الاستيطانية، وسياسة التهويد والتمييز العنصري والتطهير العرقي، التي تمارسها في القدس ومحيطها وفي الأغوار الفلسطينية ومناطق جنوب الخليل، وغيرها من مناطق الضفة الغربية، منوها بأن الإدارة الأميركية توفر الغطاء لإسرائيل لمواصلة تحديها للقانون الدولي.
وكانت مصادر إسرائيلية قالت إنه يُتوقع نقل السفارة الأميركية قبل يوم الأحد المقبل، موضحةً أن هذا القرار يأتي قبل أيام من قيام مايك بينس نائب الرئيس الأميركي بزيارة إلى المنطقة تشمل مصر والأراضي المحتلة. ونقلت عن مسؤول رفيع بالإدارة الأميركية قوله إن الرئيس دونالد ترمب سيرجئ على الأرجح نقل السفارة الأميركية في إسرائيل إلى القدس، لكنه يبحث خيارات أخرى تؤكد عزمه على فعل ذلك فيما بعد. ورجح المسؤول الأميركي أن يرجئ ترمب مجدداً تنفيذ هذا القرار خلال الأيام المقبلة، لكنه قال إنه يبحث خطوات أخرى، مثل إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، بحسب ما نقلت وكالة «رويترز».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».