قادة أفريقيا وأوروبا يلتزمون مكافحة الهجرة غير الشرعية

شددوا في قمة أبيدجان على أهمية التعاون الأمني والاستثمار في التعليم والتنمية المستدامة

جانب من المؤتمر الصحافي في ختام قمة أبيدجان أمس (رويترز)
جانب من المؤتمر الصحافي في ختام قمة أبيدجان أمس (رويترز)
TT

قادة أفريقيا وأوروبا يلتزمون مكافحة الهجرة غير الشرعية

جانب من المؤتمر الصحافي في ختام قمة أبيدجان أمس (رويترز)
جانب من المؤتمر الصحافي في ختام قمة أبيدجان أمس (رويترز)

تعهد قادة دول الاتحادين الأوروبي والأفريقي بتعزيز التعاون في عدة مجالات أمس خلال ختام فعاليات القمة الخامسة للاتحادين في أبيدجان. واتفق قادة أكثر من 80 دولة في البيان الختامي للقمة، التي استمرت يومين، على تعزيز التعاون في أربعة مجالات تشمل الهجرة والأمن، بالإضافة إلى الاستثمارات في التعليم والتنمية المستدامة.
وخرج القادة الأفارقة والأوروبيون بـ«التزام قوي» لقادة دول القارتين من أجل مكافحة الهجرة غير الشرعية، وما ينتج عنها مثل تجارة الرق في ليبيا. وقال الحسن وتارا، رئيس كوت ديفوار خلال الجلسة الختامية، إنه «لا بد من عمل إنساني عاجل» في ليبيا، مشددا على ضرورة «وضع حد لشبكات المهربين وفتح تحقيق دولي».
من جهته، طلب ألفا كوندي، رئيس غينيا كوناكري، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي، أن تكون لجنة التحقيق تحت إشراف لجنة حقوق الإنسان التابعة للاتحاد الأفريقي، وطالب بتشكل «قوات خاصة» لمحاربة مهربي البشر.
من جهته، أعلن موسى فقيه محمد، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، أمس، أنه يجب إجلاء نحو 3800 مهاجر أفريقي في ليبيا بشكل عاجل، مشيرا إلى أن العدد الإجمالي للمهاجرين في هذا البلد يتراوح بين «400 و700 ألف»، وقال إن هناك «42 مخيما للاجئين على الأقل» في ليبيا.
واتخذت قمة أبيدجان سلسلة تدابير استعجالية لوضع حد لممارسات استعباد المهاجرين في ليبيا، وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عقب اجتماع عقد مساء الأربعاء بالعاصمة الإيفوارية، إن الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة اتفقوا على إجراء «عمليات إجلاء طارئة في الأيام أو الأسابيع المقبلة» للمهاجرين الذين يقعون ضحايا لعمليات الاتجار بالبشر في ليبيا، مضيفا أن الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة قرروا تقديم دعم أكبر للمنظمة الدولية للهجرة من أجل المساعدة على عودة الأفارقة الراغبين في الرجوع إلى بلدهم الأم، وسيجري هذا العمل في الأيام المقبلة، بالتعاون مع البلدان المعنية.
وإلى جانب إجلاء عاجل للأفارقة الراغبين في الرحيل سريعا من ليبيا، أعلن ماكرون عن تشكيل «قوة تدخل» من الشرطة والاستخبارات، بالإضافة إلى حملة توعية لثني الشباب عن الهجرة.
وتأتي هذه القرارات بعد الفضيحة التي أثارها نشر تسجيل يظهر فيه مهاجرون أفارقة يتم بيعهم عبيدا، التي طغت على أعمال القمة التي شارك فيها أكثر من 80 رئيس دولة وحكومة، بالإضافة إلى 5 آلاف مندوب.
وشدد ماكرون على ضرورة «تفكيك الشبكات وسبل تمويلها» لأن «مهربي البشر» على علاقة وثيقة بـ«مهربي الأسلحة والمخدرات والحركات الإرهابية الناشطة في كل منطقة الساحل»، وتابع موضحا أنه «من الضروري إعادة تأسيس دولة قابلة للاستمرار» في ليبيا.
كما اتفق قادة دول أفريقيا وأوروبا المدركون ضرورة التدخل على المدى الطويل من أجل تأمين مستقبل للشباب في أفريقيا، على «تكثيف الجهود لتأمين تعليم على مستوى»، حسب ما قال الرئيس الإيفواري، مع بذل «جهود خاصة على صعيد تعليم البنات والتكنولوجيا والمعلوماتية».
كما دعا الرئيس واتارا إلى زيادة الاستثمارات من أجل تسريع النمو الاقتصادي بهدف تأمين وظائف للشباب.
وكان رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، قد أشار أول من أمس إلى أن «النمو الاقتصادي اللافت» في أفريقيا خلال العقد الأخير لم يكن «شاملا بما يكفي»، أي أن الفوارق في المداخيل لا تزال كبيرة، ما يحمل الشباب على السعي نحو الهجرة.
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد دعا الأربعاء إلى «صياغة خطة عمل أفريقية بشأن الهجرة»، التي وضع لبناتها الأولى في يوليو (تموز) 2017، وذلك أثناء مؤتمر القمة التاسع والعشرين لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي. وقال العاهل المغربي في رسالة للقمة: «إنني حريص كل الحرص على أن أقدم أثناء مؤتمر قمة الاتحاد الأفريقي المقبل، مجموعة من المقترحات إلى الإخوة والأخوات رؤساء الدول، وذلك من أجل صياغة خطة عمل أفريقية بشأن الهجرة»، مشددا على أنه «يتعين علينا أن نتخذ موقفا موحدا، ونتكلم بلسان واحد لإسماع صوت أفريقيا، بما يتماشى مع خطة العمل التي وضعناها بأنفسنا».
وسجل ملك المغرب أنه في ظل تسارع حركة الهجرة بوتيرة غير مسبوقة، أصبحت هذه الخطة تفرض نفسها بإلحاح شديد، وتقتضي تفعيلها على أربعة أصعدة: وطنيا وإقليميا وقاريا ودوليا.
كما دعا الملك محمد السادس أيضا إلى تصحيح أربع مغالطات، هي أن الهجرة الأفريقية لا تتم بين القارات في غالب الأحيان (من أصل 5 أفارقة مهاجرين 4 منهم يبقون في أفريقيا)، وأن الهجرة غير الشرعية لا تشكل النسبة الكبرى، إذ تمثل 20 في المائة فقط من الحجم الإجمالي للهجرة الدولية، وأن الهجرة لا تسبب الفقر لدول الاستقبال (85 في المائة من عائدات المهاجرين تصرف داخل هذه الدول)، وأخيرا وهو أن التمييز بين بلدان الهجرة وبلدان العبور وبلدان الاستقبال لم يعد قائما.
وأشار الملك محمد السادس إلى أن الدول الأفريقية مطالبة بالنهوض بمسؤولياتها في ضمان حقوق المهاجرين الأفارقة، وحفظ كرامتهم على أراضيهم، وفقا لالتزاماتها الدولية، وبعيدا عن الممارسات المخجلة واللاإنسانية الموروثة عن حقبة تاريخية عفا عنها الزمن، مؤكدا ضرورة «وضع تصور جديد لمسألة الهجرة، من خلال التعاطي معها كموضوع قابل للنقاش الهادئ والرصين، وكحافز على الحوار البناء والمثمر».
وأكد الملك محمد السادس أن دول المنطقة كانت ستكون أكثر قوة في مواجهة تحدي الهجرة، لو كان الاتحاد المغاربي موجودا حقا، مشيرا إلى أن «ساعة العمل قد دقت»، وأنه «ينبغي العمل على تطوير السياسة الأوروبية في هذا المجال».
في سياق ذلك، دعا العاهل المغربي إلى إيجاد حلول ناجعة لهذه الظاهرة، وقال إن «ساعة العمل قد دقت. ليس بإمكاننا أن نقوم بكل شيء، بل أكثر من ذلك لا يمكننا أن نحقق ذلك بمفردنا. لذا ينبغي العمل على تطوير السياسة الأوروبية في هذا المجال».
وخلص عاهل المغرب إلى القول: «حاليا لا بد من وضع تصور جديد لمسألة الهجرة، من خلال التعاطي معها كموضوع قابل للنقاش الهادئ والرصين، وكحافز على الحوار البناء والمثمر».
من جهته، قال ماريانو راخوي رئيس الحكومة الإسبانية بأبيدجان، إن التعاون بين المغرب وإسبانيا في مجال الهجرة يشكل «نموذجا للشراكة بين أوروبا وأفريقيا». وأكد ماريانو راخوي خلال جلسة حول موضوع «التنقل والهجرة» نظمت في إطار القمة أن «التعاون الوثيق في ميدان الهجرة بين المغرب وإسبانيا لا يمكن وصفه إلا بأنه جيد وممتاز ويشكل نموذجا حقيقيا للشراكة بين أوروبا وأفريقيا».
واعتبر رئيس الحكومة الإسبانية في عرضه أن التعاون بين المغرب وإسبانيا حول موضوع الهجرة «تعاون مثمر»، مشيرا إلى أنه يمتد ليشمل مجالات أخرى كمحاربة التهريب والمخدرات وغيرها.
وأعرب راخوي عن «امتنانه وتقديره» للمغرب «على الدور الأساسي والمحوري»، الذي تقوم به المملكة في هذه المجالات، مضيفا أن العلاقات بين أفريقيا وأوروبا تهم عدة ميادين وقطاعات أخرى غير الهجرة.



​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
TT

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

استعادت جماعة «بوكو حرام» الموالية لـ«تنظيم داعش» الإرهابي، قدرتها على المبادرة والهجوم في مناطق مختلفة بشمال نيجيريا، وشنّت هجوماً استهدف قاعدة عسكرية تابعة للجيش، قُتل فيه خمسة جنود على الأقل، وأُصيب عشرة جنود، فيما قال الجيش إنه قتل أكثر من خمسين من عناصر الجماعة الإرهابية.

وقالت قيادة الجيش النيجيري في بيان، إن الهجوم الإرهابي الذي شنّه فرع من جماعة «بوكو حرام»، في غرب أفريقيا، استهدف القوات المتمركزة بموقع عمليات التثبيت بقرية «كاريتو»، بولاية بورنو، في أقصى شمال شرقي نيجيريا، على الحدود مع دولة النيجر.

البيان الصادر عن مدير الإعلام العسكري، اللواء إدوارد بوبا، قال إن الهجوم الإرهابي وقع بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع، ووصفه بأنه «كان منسقاً»، قبل أن يؤكد «مقتل خمسة جنود وإصابة عشرة آخرين بجروح، بالإضافة إلى فقدان أربعة جنود آخرين».

من عملية ضد جماعة «بوكو حرام» (أرشيفية متداولة)

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم قيادة الجيش إن «القوات المسلحة نجحت في القضاء على عدد من الإرهابيين، واستعادة أسلحة كانت بحوزتهم»، مشيراً إلى تكبد الجيش خسائر مادية «فادحة»، حيث إن منفذي الهجوم الإرهابي أحرقوا بعض المعدات «بما في ذلك شاحنة محملة بالأسلحة، وثلاث مركبات تكتيكية، وجرافة».

وأطلق الجيش النيجيري عملية تعقب بقيادة وحدة من قوات الدعم مع غطاء جوي، وقال إن الهدف هو «استكشاف المنطقة بشكل عام، ومسارات انسحاب الإرهابيين»، وفق تعبير البيان.

وتسعى القوات النيجيرية إلى قطع الطريق أمام منفذي الهجوم الإرهابي، بهدف استعادة الجنود المفقودين، في ظل توقعات بأن الإرهابيين «اختطفوهم» ليكونوا دروعاً بشرية تحميهم من أي قصف جوي.

صورة أرشيفية لهجوم شنّته جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا (رويترز)

الهجوم الإرهابي استهدف قرية «كاريتو»، التي لا تبعد سوى 153 كيلومتراً عن العاصمة الإقليمية مايدوجوري، وهي المقر الرئيس لـ«الكتيبة 149» التابعة للجيش النيجيري، التي تشارك بنشاط في عمليات محاربة الإرهاب، كما استهدف معاقل فرعي جماعة «بوكو حرام»، الموالية لتنظيمي «داعش» و«القاعدة».

وقالت قيادة الجيش النيجيري إن «هذا الهجوم لن يثني القوات المسلحة النيجيرية عن القضاء على الإرهاب والتمرد والتحديات الأمنية الأخرى التي تواجه البلاد»، وأعربت عن تعويلها على تعاون السكان المحليين في ملاحقة الإرهابيين.

وأعلن حاكم ولاية بورنو، باباغانا زولوم، عن وقوفه إلى جانب القوات المسلحة النيجيرية، وأضاف في بيان صحافي أن الهجوم «يعيد إلى الأذهان مستوى وحشية العناصر الإرهابية لجماعة (بوكو حرام)».

وبينما أعلن عدد من كبار قادة الجيش في نيجيريا عن انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»، والاقتراب من القضاء عليها بشكل نهائي، بدأت الجماعة تعيد ترتيب صفوفها، وإظهار قدرات جديدة على المبادرة والهجوم.

ففي حادث منفصل، نصب مسلحون من «بوكو حرام»، الثلاثاء، كميناً لفريق مراقبة من قوات الأمن والدفاع المدني النيجيرية، كان يتفقد منشآت الشبكة الوطنية للكهرباء والطاقة في إقليم النيجر التابع لنيجيريا.

مسلحو «بوكو حرام» خلَّفوا الخراب والدمار في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم قوات الأمن والدفاع المدني أفولابي باباوالي، إن خطوط الشبكة الوطنية للطاقة تعرضت مؤخراً لهجمات إرهابية تخريبية، وقد أسفرت عن انقطاع واسع للتيار الكهربائي في أقاليم شمال نيجيريا.

وأوضح المتحدث أنه «حينما كانت فرق الأمن تتفقد خطوط الشبكة الوطنية، تعرضت لهجوم إرهابي نفذه أكثر من 200 مسلح نصَبوا كميناً من قمة أحد التلال»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن المواجهات بين الطرفين «أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين إرهابياً، فيما يوجد سبعة جنود في عداد المفقودين».

وتتزامن هذه الهجمات الإرهابية المتفرقة، مع معارك طاحنة تجري منذ أسابيع ما بين جيش تشاد ومقاتلي «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، التي تُوصف بأنها «العمق الاستراتيجي» للتنظيم الإرهابي، حيث توجد قواعده الخلفية وسط الغابات والجزر المترامية في واحدة من أكبر المناطق الرطبة في أفريقيا.