العراق يضبط 80 مليون حبة مخدرة في ميناء البصرة

اعتبرت أكبر كمية سعى المهربون لإدخالها في تاريخ البلاد

TT

العراق يضبط 80 مليون حبة مخدرة في ميناء البصرة

ضبطت قيادة عمليات البصرة، في ميناء أم قصر الجنوبي حاوية محملة بـ80 مليون حبة مخدرة وصفت بأنها الأكبر من نوعها في تاريخ العراق بالنسبة لتهريب المخدرات ومكافحتها في البلاد.
وقال بيان أوردته وزارة الدفاع العراقية على موقعها الرسمي على الإنترنت: «بناءً على ما ورد من معلومات استخبارية دقيقة وبمتابعة ميدانية وجهود مكثفة من قبل قيادة عمليات البصرة، تم العثور على حاوية في ميناء أم قصر الجنوبي تحتوي على مواد من الحبوب المخدرة». ولم يشر البيان إلى نوعية الحبوب، لكنه ذكر أن عددها يقدر بـ«ثمانين مليون حبة موضوعة في حقائب مدرسية صغيرة». ورجحت بعض المصادر أن تكون الحبوب من نوع «الكبتاجون».
وأكد البيان، الذي صدر أول من أمس، أن قيادة العمليات في البصرة «قامت بفتح تحقيق حول كيفية دخول هذه المواد إلى العراق، موجهة باتخاذ التدابير اللازمة، وإلقاء القبض على المجرمين والتحقيق مع الشركة المستوردة وعن كيفية استبدال الأوراق والتلاعب فيها من بعض الأشخاص العاملين في الميناء». وذكرت مصادر مطلعة من البصرة أن شحنة الحبوب المهربة قادمة من الهند عبر الموانئ الإماراتية، وتقول إن جهات ميليشياوية ونافذة في موانئ البصرة تسهّل عمليات تهريب لمختلف البضائع ومنها المخدرات مقابل مبالغ مالية كبيرة.
وتشير مصادر أخرى من محافظة البصرة إلى أن الأجهزة الأمنية المختصة في مكافحة المخدرات في المحافظات الجنوبية، سواء المختصة في الموانئ، أو الممرات المائية الأخرى كالأهوار إلى جانب المنافذ البرية، تعاني الكثير من المشكلات، ومنها الفساد وانخفاض عدد أفرادها قياساً بانتشار الجريمة والمتعاطين، وقلّة الخبرات المتخصصة في مجال مكافحة المخدرات، كما تعاني من قلّة عدد الدوريات وعدد السيطرات المختصة بالمخدرات خارج مراكز المحافظات الثلاث (البصرة، ذي قار، ميسان) وبالقرب من الحدود الدولية أو الممرات المائية، إلى جانب انعدام التعاون والتنسيق بين المحافظات الثلاث في تبادل المعلومات الأمنية، وفي مطاردة المطلوبين، إضافة إلى عدم وجود أبراج للمراقبة على الحدود العراقية الإيرانية التي تمر خلالها عمليات التهريب خصوصا مع وجود شريط حدودي يبلغ طوله (271 كم مع ميسان و220 مع البصرة). وتشكل التهديدات العشائرية لعناصر الشرطة إحدى المشكلات التي تواجه أجهزة الأمن المختصة بمكافحة المخدرات.
وتلقي الشحنة الأخيرة من الحبوب المهربة بقوة، الضوء على حجم التحدي الذي يواجه العراق عموما ومحافظات الجنوب خصوصا من موجة المخدرات التي ضربت البلاد في السنوات الأخيرة، ويميل أغلب المختصين في مجال المخدرات إلى أن العراق تحول من ممر للمخدرات لدول أخرى إلى متعاط ومصنّع لها.
وتشير مصادر مقربة من رئاسة الوزراء إلى أن الأخير، أصدر في شهر أبريل (نيسان) الماضي أمرا ديوانيا شكّل بموجبه لجنة من 8 أعضاء من أساتذة الجامعات والمتخصصين مهمتها «تقييم واقع المخدرات في الجنوب». وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن قرار مجلس الوزراء تم بناءً على طلب تقدم به علي دواي محافظ ميسان (360 كيلومترا) جنوب العاصمة بغداد، وطلب فيه من الحكومة الاتحادية التدخل لحل مشكلة الممرات المائية المرتبطة بإيران التي تتم عبرها عمليات تهريب واسعة النطاق للمخدرات.
ويقول الدكتور خالد حنتوش، وهو أحد أعضاء اللجنة المكلفة بتقييم واقع المخدرات، إن «موضوع المخدرات في الجنوب تصاعد بقوة عام 2013. وجاء متزامنا نوعا ما مع صعود (داعش) في المناطق الغربية، وكأن ثمة نوعا من التخطيط يهدف إلى إغراق أبناء المناطق الغربية بالعنف والمناطق الجنوبية بالمخدرات». ويشير حنتوش إلى أن الجولات التي قام بها أعضاء اللجنة اكتشفت الكثير من المعطيات بشأن مشكلة الإرهاب ومنها مثلا، تأثير حالة منع المشروبات الكحولية بعد 2003، في الجنوب على ازدهار تعاطي المخدرات، ويلفت إلى «وجود دالة ارتباط واضحة بين منع المشروبات وازدهار المخدرات». وبرأيه فإن الأرباح المتحققة من تجارة المخدرات أكثر بإضعاف مضاعفة من تجارة الخمور وذلك يمثل إغراءً آخر للتجار.
ويستبعد حنتوش وجود جهود رسمية إيرانية لنشر المخدرات في العراق، ويقول إن «دخول المخدرات إلى العراق يأتي عن طريق تجار ومهربين إيرانيين وعراقيين يستثمرون المنافذ المائية والبرية بين البلدين، كما يأتي عند طريق بعض المهربين والمتعاطين الذين يستغلون موسم الزيارات الدينية في العراق». ويقر حنتوش بأن عملية مكافحة المخدرات في العراق ما زالت ضعيفة على الرغم من بعض الإجراءات التي اتخذتها الحكومة وتصويت مجلس النواب العراقي على قانون حظر المخدرات في شهر مايو (أيار) الماضي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.