موسكو تنوّه بموقف دمشق وتنتقد المعارضة

دي ميستورا التقى «الهيئة التفاوضية العليا».... ووفد النظام يصل اليوم

دي ميستورا مستقبلاً وفد المعارضة برئاسة نصر الحريري في جنيف أمس (أ.ف.ب)
دي ميستورا مستقبلاً وفد المعارضة برئاسة نصر الحريري في جنيف أمس (أ.ف.ب)
TT

موسكو تنوّه بموقف دمشق وتنتقد المعارضة

دي ميستورا مستقبلاً وفد المعارضة برئاسة نصر الحريري في جنيف أمس (أ.ف.ب)
دي ميستورا مستقبلاً وفد المعارضة برئاسة نصر الحريري في جنيف أمس (أ.ف.ب)

أكد الكرملين، أمس، أن المفاوضات في جنيف أساسية لتسوية الأزمة السورية، ولا بد من مشاركة الجميع فيها، موجهاً بذلك رسالة واضحة إلى النظام السوري بضرورة المشاركة في مفاوضات جنيف، في وقت نوه فيه مندوب روسيا الدائم لدى مقر الأمم المتحدة بوفد النظام، بعد أن قالت مصادر إنه سينضم إلى المفاوضات اليوم (الأربعاء).
وفي سياق تعليقه، أمس، على إعلان دمشق تأجيل توجه وفدها التفاوضي إلى جنيف، قال دميتري بيسكوف، المتحدث الصحافي باسم الكرملين: «نحن نرى بطبيعة الحال أن عملية جنيف، التي تعد أساسية للتسوية السياسية للأزمة السورية، يجب أن تكون بمشاركة شاملة. وهذه المشاركة ضمان لصلاحية تلك الاتفاقيات التي يتعين التوصل إليها»، وأضاف: «هذه عملية معقدة جداً ومضنية، لذلك نراقب وننتظر».
كان النظام السوري قد أعلن تأجيل إيفاد وفده التفاوضي إلى جنيف. وأعلنت الخارجية السورية، أمس، أن الوفد سيصل جنيف اليوم للمشاركة في المفاوضات. وأكدت أليساندرا فيلوتشي، المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة في جنيف، أن السلطات السورية أبلغت المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا الذي التقى أمس وفد {الهيئة العليا التفاوضية} المعارضة، بأن الوفد سيصل إلى جنيف يوم الأربعاء 29 نوفمبر (تشرين الثاني). وأثنى أليكسي بورودافكين، مندوب روسيا الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف، على قرار النظام السوري إرسال وفده للمشاركة في «جنيف 8»، وقال إن «هذا قرار صائب»، مشيراً إلى أن «حضور وفد الحكومة أمر جيد لأن ذلك سيسمح لممثلي دمشق بالإفصاح عن رؤيتهم، وإعطاء التقييم المناسب»، وكرر: «هذا قرار جيد وصائب، على الأرجح».
على الجانب الآخر، عبر بورودافكين عن قلقه على الجولة الثامنة من المفاوضات في جنيف، بسبب مواقف المعارضة. وفي أول تعليق رسمي روسي، بعد صمت خلال اليومين السابقين، على نتائج اجتماع المعارضة السورية في الرياض، واتفاقها على تشكيل وفد موحد للمفاوضات، تماشياً مع القرار 2254، انتقد بورودافكين نص البيان الختامي الصادر عن «الرياض - 2»، وقال إنه طالب الأمم المتحدة والشركاء الغربيين بالعمل على إعادة المعارضين الذين تبنوا موقفاً غير بناء في الحوار مع دمشق «للعودة إلى الأرض»؛ أي أن يكونوا واقعين، بحسب تعبيره.
وعدّ البيان الصادر عن الاجتماع «متناقضاً في داخله»، وانتقد بصورة خاصة العبارة التي تشير فيه إلى رحيل الأسد في بداية المرحلة الانتقالية، ورأى في هذا الكلام شرطاً مسبقاً، وحذر من أن هذه العبارة ستثير حفيظة وفد النظام، وقد تعرقل المفاوضات، ولن تساعد على إطلاق حوار بناء بين الجانبين، داعياً المعارضة إلى إعادة النظر في موقفها. وعبر بورودافكين عن استيائه كذلك من فقرات بيان «الرياض - 2» التي تدين الدور الإيراني، ووصف ما جاء في تلك الفقرات بأنها «شرط آخر غير واقعي»، موضحاً أن الحديث يدور عن ضرورة انسحاب القوات الإيرانية، التي وصفها بأنها «شرطة» إيرانية.
إلى ذلك، لم يؤكد الكرملين ولم ينفِ المعلومات حول تأجيل مؤتمر الحوار السوري في سوتشي إلى العام المقبل. وقال دميتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الكرملين، إن الوضع بالنسبة لموعد مؤتمر الحوار السوري غير واضح بعد، وشدد على أنه «لا أحد يحاول توليف الموعد بموجب قبل أو بعد أعياد رأس السنة»، وشدد على أن أهم ما في الأمر ليس الموعد، وإنما التحضير للمؤتمر بالشكل المطلوب، وعلى أكمل وجه، والاتفاق على قوائم المشاركين، ووصف هذه النقطة بأنها «الجزء الأكثر تعقيداً» في سياق التحضيرات للمؤتمر.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.