بابا الفاتيكان ينادي بالتآخي في ميانمار ويتجنب تسمية الروهينغا

منظمات حقوقية تستنكر... وأكسفورد تسحب وساماً منحته لسو تشي بسبب صمتها

البابا يلقي خطابه وأونغ سان سو تشي الحاكمة المدنية الفعلية لميانمار تستمع (رويترز)
البابا يلقي خطابه وأونغ سان سو تشي الحاكمة المدنية الفعلية لميانمار تستمع (رويترز)
TT

بابا الفاتيكان ينادي بالتآخي في ميانمار ويتجنب تسمية الروهينغا

البابا يلقي خطابه وأونغ سان سو تشي الحاكمة المدنية الفعلية لميانمار تستمع (رويترز)
البابا يلقي خطابه وأونغ سان سو تشي الحاكمة المدنية الفعلية لميانمار تستمع (رويترز)

استغل بابا الفاتيكان فرانسيس، اليوم الثاني من زيارته التاريخية لميانمار، الدولة الواقعة في جنوب شرقي آسيا، والتي تصدرت أخبارها وسائل الإعلام خلال الأشهر الماضية بسبب مأساة مسلمي الروهينغا، للقاء زعماء بوذيين وهندوس ومسلمين ومسيحيين ويهود في يانجون. البابا فرنسيس تحدث عن الوحدة في التنوع، والسلام والتآخي بين الأقليات، إلا أنه لم يذكر الروهينغا بالاسم، مشيراً إلى أن هؤلاء الذين اجتمعوا معه هم إخوة ينبغي ألا يخافوا الخلافات.
وقال البابا لهم إنه في حالة وقوع جدالات بينهم فلا بد من أن يتصالحوا سريعاً.
ودعا البابا فرنسيس إلى «الالتزام بالعدالة واحترام حقوق الإنسان» في ميانمار، فيما كانت تقف إلى جواره زعيمة ميانمار أون سان سو تشي، التي تتعرض لإدانة دولية بسبب عملية عسكرية أجبرت أكثر من 600 ألف من الروهينغا على الفرار عبر الحدود إلى بنغلاديش نتيجة ما وصفته الأمم المتحدة والولايات المتحدة بأنه «تطهير عرقي».
لكن دبلوماسية البابا في التعاطي مع قضية الروهينغا أدانتها منظمات حقوق الإنسان.
واستنكر فيل روبرتسون، نائب مدير قسم آسيا في منظمة «هيومن رايتس ووتش»، عدم قيام البابا باستخدام الاسم، قائلاً: «إن التعرف على الذات مهم جداً لأنه في هذه المرحلة، تم تجريد الأقلية المسلمة من الكثير، لدرجة أنه لم يتبقَّ سوى القليل جداً». وقال ماثيو سميث من منظمة «فورتيفايي رايتس»، ومقرها بانكوك، لوكالة الأنباء الألمانية، إن «إنكار الهوية العرقية للروهينغا كان له تأثير لا إنساني، ولا ينبغي للمجتمع الدولي أن يشارك فيه». وأضاف سميث «إن الروهينغا تعرضوا لمجازر في الأسابيع الأخيرة، فكان أقل ما يمكن أن يفعله البابا هو ذكرهم بالاسم». وقال مارك فارمانر، من حملة ميانمار بالمملكة المتحدة، إن عدم استخدام كلمة الروهينغا سيشجع القوميين في ميانمار، وإن «هذا سيتم الاحتفال به كانتصار من قبل مشجعي عملية التطهير العرقي التي يتعرض لها الروهينغا». وكانت الكنيسة الكاثوليكية في ميانمار قد حثت البابا على احترام وجهة نظر غالبية سكان ميانمار التي لا تَعتبر الروهينغا مواطنين، وتطلق عليهم اسم «البنغال»، المستمدة من بنغلاديش.
من ناحية أخرى، استنكر رهبان بوذيون قوميون في ميانمار، زيارة البابا، وكذلك دعوة حكومة ميانمار له للزيارة. وأصدر «الاتحاد الوطني لرهبان ميانمار» بياناً وصف فيه الزيارة بأنها «قمع» لميانمار البوذية.
وفي كلمته التي ألقاها باللغة الإيطالية، دعا البابا إلى «احترام كل مجموعة عرقية وهويتها»، مضيفاً أن شعب ميانمار «عانى كثيراً، ولا يزال، من صراع أهليّ وعدائيات استمرت لفترات طويلة جداً، وأدت إلى انقسامات عميقة»، وحث البلاد على التعاون مع المجتمع الدولي. وعقد البابا مع أونغ سان سو تشي الحاكمة المدنية الفعلية لميانمار، لقاءً في القصر الرئاسي في نايبيداو، أمس (الثلاثاء).
وقد التقى قائد الجيش الجنرال مين أونغ هلينغ في اليوم الأول في زيارته، الذي أكد «عدم وجود تمييز ديني» في بلاده رغم اتهامه بممارسة «تطهير عرقي» بحق المسلمين الروهينغا. وأعلن قائد الجيش عبر حسابه على موقع «فيسبوك» أنه أكد للبابا فرنسيس خلال لقائهما «عدم وجود تمييز ديني» في بلاده، و«كذلك الأمر بالنسبة إلى جيشنا، فهو يسعى من أجل سلام واستقرار البلاد».
من جانب آخر أعلن المجلس البلدي لمدينة أوكسفورد عن سحب أعلى وسام تمنحه المدينة البريطانية من زعيمة ميانمار أونغ سان سو تشي، بسبب صمتها و«عدم تحركها» في إدارة أزمة أقلية الروهينغا المسلمة.
وقال المجلس البلدي للمدينة البريطانية، في بيان: «عندما تلقت أونغ سان سو تشي (وسام) حرية المدينة في 1997، كانت تجسد قيم التسامح والعالمية التي تتبناها أوكسفورد». وتابع: «اليوم اتخذنا قراراً غير مسبوق بسحب التكريم الأعلى في المدينة بسبب عدم تحركها أمام قمع أقلية الروهينغا»، وذلك في بيان نُشر غداة التصويت بالإجماع على هذا القرار مساء أول من أمس (الاثنين).
في آخر سبتمبر (أيلول)، قررت جامعة أوكسفورد المرموقة إزالة لوحة تمثل الزعيمة، الطالبة سابقاً في هذه المؤسسة. وتواجه أونغ سان سو تشي انتقادات حادة بسبب عدم تعاطفها مع أقلية الروهينغا المسلمة التي تعتبر من الأكثر عرضة للاضطهاد حول العالم وتواجه، حسب الأمم المتحدة «تطهيراً عرقياً».
ويقيم نحو 900 ألف شخص من هذه الأقلية العرقية في أضخم مخيم للاجئين في العالم في جنوب بنغلاديش. وفر مئات الآلاف منهم منذ أواخر أغسطس (آب) من قراهم في ولاية راخين (غرب ميانمار) هرباً من حملة عنف يخوضها الجيش ضدهم.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.