الجزائر: انتقادات غاضبة لإلغاء ضريبة الثروة

تعرض نواب «حزبي السلطة» في البرلمان الجزائري إلى انتقاد شديد من طرف أحزاب المعارضة والصحافة والناشطين السياسيين، بسبب وقوفهم ضد مادة في قانون الموازنة لسنة 2018، تفرض ضرائب عالية على نحو 3 آلاف من أصحاب الثروة في البلاد. والمثير في الموضوع أن الحكومة، التي تتكون من وزراء «حزبي السلطة»، كانت تعول على «الضريبة على الثروة» لسد جزء من عجز الخزينة العمومية التي تأثرت كثيراً بسبب تراجع إيرادات بيع النفط والغاز.
واتهم «حزب العمال» اليساري، الذي تقوده مرشحة انتخابات الرئاسة سابقاً لويزة حنون، برلمانيي «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي» (أغلبية كبيرة في غرفتي البرلمان) بـ«اتخاذ موقف ضد مصلحة الشعب» عندما وضعوا كل ثقلهم في «اللجنة القانونية للمجلس الشعبي الوطني» (الغرفة الأولى) لإلغاء الضريبة على الثروة، قبل 48 ساعة من المصادقة على قانون الموازنة الجديد.
واللافت، حسب مراقبين، أن الحكومة أبدت تسرعاً كبيراً في تمرير مشروعها الذي عرض على البرلمان، وتم تعديله والتصويت عليه، في وقت كانت فيه الطبقة السياسية ووسائل الإعلام منشغلون بالانتخابات البلدية التي جرت الخميس الماضي، والحجة التي تم تسويقها لإلغاء الضريبة هي أن الدولة «لا تتوفر على آليات تتيح إحصاء دقيقاً لعدد الأثرياء، وتقديراً صحيحاً لأملاكهم».
وفي هذا السياق، قال الطاهر حبشي، القيادي بحركة النهضة الإسلامية التي تمثل أقلية في البرلمان، لـ«الشرق الأوسط» إن 130 رجل أعمال في البرلمان ينتمون إلى حزبي السلطة «مارسوا ضغوطاً كبيرة لإلغاء الضريبة على الثروة، وكانوا مدفوعين في ذلك من طرف الحكومة التي حاولت خداع المواطنين بأنها تعتزم التشدد ضد آلاف الأثرياء، واتضح في النهاية أن الأمر لا يعدو أن يكون خطة ماكرة، مفادها أن إلغاء الضريبة تم بإرادة الأغلبية البرلمانية، مما يضفي جواً ديمقراطياً على عملية التصويت، حسب هذا المنطق، لكن الحقيقة أنها ديمقراطية مزيفة، إذ لا يعقل أن يزكي رجال أعمال البرلمان قراراً يقتطع حصصاً من ثروات ضخمة جمعوها خلال سنوات محاربة الإرهاب».
وينتمي كثير من رجال الأعمال البرلمانيين إلى «منتدى رؤساء الشركات الخاصة»، بقيادة المقاول علي حداد، المقرب من السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس وكبير مستشاريه. وكان حداد سبباً في تنحية رئيس الوزراء عبد المجيد تبون في أغسطس (آب) الماضي، بعد شهرين فقط من تعيينه في المنصب، وذلك بعد أن أعلن تبون الحرب على حداد ورفاقه من رجال الأعمال بحجة «التربح غير الشرعي» من مشروعات ضخمة تم إطلاقها بفضل قروض البنوك الحكومية.
وضجت شبكة التواصل الاجتماعي بانتقادات ضد البرلمانيين الموالين للحكومة، واتهمهم ناشطون بـ«العمل ضد مصلحة الشعب، فهم لم يكتفوا بإلغاء الضريبة على الثروة، وإنما صوتوا إيجاباً على إجراءات جاء بها قانون الموازنة، أبرزها رفع سعر الوقود الذي سينجر عنه زيادات في أسعار النقل وكثير من المنتجات والمواد الزراعية ونصف المصنَعة».