معصوم يدعو من كركوك إلى «فتح صفحة جديدة»

نيجرفان بارزاني يعتبر بغداد «غير مستعدة للحوار»

الرئيس العراقي فؤاد معصوم أثناء وصوله إلى كركوك أمس (أ.ف.ب)
الرئيس العراقي فؤاد معصوم أثناء وصوله إلى كركوك أمس (أ.ف.ب)
TT

معصوم يدعو من كركوك إلى «فتح صفحة جديدة»

الرئيس العراقي فؤاد معصوم أثناء وصوله إلى كركوك أمس (أ.ف.ب)
الرئيس العراقي فؤاد معصوم أثناء وصوله إلى كركوك أمس (أ.ف.ب)

دعا الرئيس العراقي فؤاد معصوم، أمس، خلال زيارة لمدينة كركوك، مكونات المدينة إلى «نسيان ما حدث وفتح صفحة جديدة من العلاقات» بينها. وشدد على ضرورة ألا يتأثر التعايش بمعارك استعادة الحكومة المحافظة من الأكراد الشهر الماضي.
وقال معصوم خلال مؤتمر صحافي: «ليس هناك مكون أفضل أو أكبر من الآخر... على مجلس المحافظة أن يجتمع بكل أطرافه لانتخاب محافظ جديد». وتمسك بتسوية النزاع على كركوك عبر المادة 140 من الدستور المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها.
وحين سُئل عن إرسال قوات من الحرس الرئاسي إلى كركوك، أجاب بأن «هناك اتفاقاً مبدئياً لإرسال فوج من الرئاسة لحماية الوضع الأمني الداخلي في كركوك، لكن الخطوة تأخرت بسبب بعض الإجراءات الفنية». وكشف أنه التقى بممثلين عن نازحي مدينة طوزخورماتو، وأكد ضرورة «حل مشكلتهم وضمان عودتهم إلى ديارهم».
ورغم تركيز تحركات معصوم التي بدأها أول من أمس في السليمانية ويستكملها في أربيل، على تهيئة الأجواء المناسبة لانطلاق المفاوضات المتعثرة بين بغداد وإقليم كردستان، فإن رئيس وزراء الإقليم نيجرفان بارزاني اعتبر أن بغداد لا تزال «غير مستعدة للحوار»، وإن شدد على احترام قرار المحكمة الاتحادية بـ«عدم دستورية» الاستفتاء الذي أجراه الإقليم على استقلاله.
وقال بارزاني خلال مؤتمر صحافي في أربيل، أمس، إن «الحكومة الاتحادية في بغداد ما زالت تخاطب الإقليم عبر وسائل الإعلام... ونعتقد أن المشكلات بين بغداد وأربيل يجب أن تحل بحوار جدي... المسؤولون العراقيون لغاية الآن غير مستعدين للحوار ويطالبوننا بتسليمهم المعابر الحدودية والمطارات ولا نعرف ماذا يقصدون بالتسليم». وتساءل، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية: «أليس الكردي الذي يداوم في المعابر الحدودية والمطارات عراقياً؟ أو هل يريدون أن يأتوا بموظفين يتحدثون اللغة العربية؟». وعلق على حكم المحكمة الاتحادية بإلغاء الاستفتاء، قائلاً: «نحترم قرارات المحكمة الاتحادية، ولكن أيضاً يجب إلغاء القرارات التي صدرت على خلفية الاستفتاء، كما ينص قرار المحكمة الاتحادية بإلغاء تبعاتها كافة»، في إشارة إلى العقوبات التي فرضتها بغداد على الإقليم.
يأتي ذلك في وقت تسعى فيه حكومة الإقليم إلى استئناف محادثاتها مع الأطراف الخمسة الرئيسية في كردستان، للتداول في تشكيل الوفد المشترك من الحكومة والبرلمان للتفاوض مع بغداد. ورغم أن بعض المصادر في أطراف المعارضة المتمثلة بـ«حركة التغيير» و«الجماعة الإسلامية» تتحفظ على هذه المبادرة باعتبارها «محاولة لكسب الوقت»، فإن قيادياً في «الاتحاد الوطني الكردستاني» يرى أن «الظروف تغيرت، والوقت الحالي يتطلب الإسراع بالتفاهم مع بغداد لإخراج الإقليم من أزماته السياسية والاقتصادية العاصفة... واستئناف المحادثات الخماسية أمر ضروري، على الأقل لتحقيق تفاهم بين جميع الأطراف والإسراع بتشكيل الوفد الكردي المفاوض مع بغداد».
وقال عضو المجلس القيادي لـ«الاتحاد الوطني» نصر الدين السورجي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأزمة المالية وصلت إلى حدود خطيرة جداً، فخروج مصادر التمويل من يد الحكومة أدى إلى اشتداد الأزمة المالية، ومن المتوقع أن تعجز حكومة الإقليم عن دفع ربع الرواتب الحالية للموظفين، ما يعني انهياراً شاملاً في الأحوال المعيشية للمواطنين، وعليه فإن الأولوية القصوى حالياً هي الذهاب إلى بغداد والاتفاق معها من أجل تأمين القوت اليومي للمواطنين».
وكشف وزير الزراعة في حكومة الإقليم عبد الستار مجيد لـ«الشرق الأوسط»، أنه طرح مقترحاً على حكومته يقضي بتقديم موعد الانتخابات «للمساعدة في استعادة الثقة بين القوى الكردية الرئيسية». وأكد أن «الشعب عموماً يعاني من وضع سيئ، والثقة تكاد تكون معدومة بين القوى السياسية، وعليه يفترض أولاً استعادة الثقة بين هذه القوى قبل الحديث عن أي اجتماعات خماسية أو غيرها».
وقال مجيد إن اقتراحه «يقضي بتنظيم انتخابات عاجلة وتشكيل حكومة جديدة وفقاً للاستحقاقات الانتخابية تأخذ على عاتقها قيادة المرحلة المقبلة، فالاجتماعات الخماسية لن تجدي ولا تعدو سوى تمضية للوقت، وهذا في وقت تتصاعد فيه الأزمات ويفقد الناس ثقتهم بالسلطة الحالية... كما أننا بحاجة إلى صياغة استراتيجية جديدة للتعامل سواء مع الحكومة الاتحادية أو مع المجتمع الدولي». وأشار إلى أن «هناك توجهاً داخل مجلس الوزراء لتبني هذا المقترح باعتباره الحل الواقعي للأزمات الحالية».



«الوزارية العربية الإسلامية» تبحث مع غوتيريش تفعيل الاعتراف بدولة فلسطين

جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
TT

«الوزارية العربية الإسلامية» تبحث مع غوتيريش تفعيل الاعتراف بدولة فلسطين

جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)

بحثت اللجنة الوزارية العربية الإسلامية بشأن تطورات غزة، الأربعاء، مع أنطونيو غوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، دعم الجهود الرامية إلى تفعيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والذي يكفل تلبية حقوق الشعب بتجسيد دولته المستقلة ذات السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس المحتلة.

وترأس الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، الاجتماع الذي حضره الأعضاء: الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، ومحمد مصطفى رئيس الوزراء وزير الخارجية الفلسطيني، وأيمن الصفدي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني، ووزراء الخارجية بدر عبد العاطي (مصر)، والدكتور عبد اللطيف الزياني (البحرين)، وهاكان فيدان (تركيا)، وريتنو مارسودي (إندونيسيا)، وأمينا جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ومنظمة التعاون الإسلامي حسين طه.

وناقش الاجتماع، الذي جاء على هامش أعمال الأسبوع رفيع المستوى للدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، التطورات الخطيرة في غزة، ومواصلة الاحتلال الإسرائيلي التصعيد العسكري ضد المدنيين العُزل، حيث جدّدت اللجنة موقف الدول العربية والإسلامية الموحَّد الرافض للعدوان، ودعوتها لضرورة الوقف الفوري والتام لإطلاق النار، وضمان حماية المدنيين وفق القانون الدولي الإنساني.

الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته في اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع غوتيريش (الأمم المتحدة)

وبحث أعضاء اللجنة أهمية دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» بوصفها ضرورة لا بديل عنها في جميع عمليات الاستجابة الإنسانية بغزة، مشددين على أهمية التصدي للحملات المُمنهجة التي تستهدف تقويض دورها، مع استمرار دعمها لضمان إيصال المساعدات الضرورية للمحتاجين.

وطالبوا بالتصدي لكل الانتهاكات الصارخة التي تُمارسها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، وتزيد المأساة الإنسانية، وعرقلتها دخول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى غزة، مؤكدين أهمية محاسبة إسرائيل على الانتهاكات المتواصلة في القطاع والضفة الغربية المحتلة، والتصدي لعمليات التهجير القسري التي يسعى الاحتلال لتنفيذها.

ونوّه الأعضاء بأهمية اتخاذ الخطوات الجادة والعاجلة لضمان تأمين الممرات الإغاثية لإيصال المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية الكافية والعاجلة لغزة، معبّرين عن رفضهم تقييد دخولها بشكلٍ سريع ومستدام وآمن، ومقدّرين جهود غوتيريش ومواقفه خلال الأزمة، خصوصاً فيما يتعلق بجهود حماية المدنيين، وتقديم المساعدات.

جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع غوتيريش في نيويورك (الأمم المتحدة)

من جانب آخر، أكد الأمير فيصل بن فرحان أن صناعة السلام تتطلب الشجاعة في اتخاذ القرارات الصعبة، «فخلف كل تعطيل لمسارات السلام والتسويات السياسية، نجد بعض القيادات السياسية تُغلِّب مصالحها الشخصية واعتباراتها الحزبية على المصالح الجامعة والسلم الإقليمي والدولي، وهو ما انعكس بشكل واضح على كفاءة المنظمات الدولية، ومجلس الأمن على وجه الخصوص، في أداء مهامها».

جاء ذلك خلال مشاركته في الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن تحت عنوان «القيادة في السلام»، وذلك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال وزير الخارجية السعودي إن «الاجتماع يأتي في فترة تتصاعد فيها وتيرة الصراعات والأزمات، وتتضاعف التحديات والتهديدات المشتركة، وتتنامى أزمة الثقة في النظام الدولي متعدد الأطراف، وقدرته على تحقيق آمال الشعوب بمستقبل يسوده السلام والتنمية».

وشدد على أن «هذه الظروف تُحتِّم علينا تقييم حالة العمل الدولي متعدد الأطراف، وأسباب تراجعه عن حلّ الأزمات ومعالجة التحديات المشتركة»، متابعاً: «ولعلّ النظر الجاد في الإسراع بعملية إصلاح مجلس الأمن أصبح ضرورة مُلحّة أكثر من أي وقت مضى»، ومنوهاً بأن «استعادة الاحترام للمواثيق والأعراف الدولية تأتي عبر تطبيق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ومحاسبة منتهكيه دون انتقائية».

وأوضح الأمير فيصل بن فرحان أن التحدي لا ينحصر في عجز منظومة السلم والأمن والمؤسسات الدولية عن الاستجابة للتحديات المشتركة، بل يتعداه ليشمل غياب «القيادة من أجل السلام»، مضيفاً: «للخروج من دائرة العنف والأزمات، يجب علينا تمكين القيادة الدولية المسؤولة، وإحباط محاولات تصدير المصالح السياسية الضيقة على حساب أمن الشعوب وتعايشها».

ولفت إلى أن «غياب التحرّك الدولي الجادّ لإيقاف التصعيد العسكري الإسرائيلي المستمر هو دليل قاطع على ما يعانيه النظام الدولي متعدد الأطراف من قصور وتضعضع في الإرادة السياسية الدولية».

وأبان وزير الخارجية السعودي أن بلاده تؤمن بأن السلام هو الأساس الذي يمهّد للتعاون والتنمية، وهو الحامي لديمومتهما، مؤكداً دعمها النظام الدولي متعدد الأطراف، وسعيها لتطويره وتمكين مقاصده، واستعادة الثقة بمؤسساته، والتزامها بتعزيز العمل الجماعي من أجل تحقيق الأمن والتنمية المشتركة.

وزير الخارجية السعودي يتحدث خلال جلسة مجلس الأمن حول «القيادة في السلام» (واس)

إلى ذلك، شارك الأمير فيصل بن فرحان في الاجتماع الوزاري بشأن السودان، على هامش أعمال الجمعية العامة، الذي تناول المستجدات، وأهمية تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وتخفيف المعاناة الإنسانية للشعب السوداني.

كما شارك في الاجتماع الوزاري المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي و«البينيولكس»، الذي استعرض فرص تعزيز التعاون بين الجانبين بمختلف المجالات، ومن بينها إمكانية زيادة التبادل التجاري، وتطوير العمل التنموي والاقتصادي. كما ناقش آخِر تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية؛ بما فيها حرب غزة، والجهود المبذولة بشأنها.

الأمير فيصل بن فرحان لدى مشاركته في الاجتماع الوزاري بشأن السودان (واس)

من ناحية أخرى، قال وزير الخارجية السعودي، إن بلاده تؤمن بضرورة تعزيز آليات التشاور بين مجلس الأمن والمنظمات الإقليمية، مثمّناً القرار التاريخي لسلوفينيا بالاعتراف بدولة فلسطين.

وشدّد خلال مشاركته في اجتماع ترويكا جامعة الدول العربية (السعودية، البحرين، العراق) مع الدول الأعضاء بمجلس الأمن، على دعم الرياض الكامل لجهود الوساطة التي تبذلها القاهرة والدوحة وواشنطن، ورفضها للإجراءات الإسرائيلية التي تعرقلها.

وجدّد الأمير فيصل بن فرحان دعم السعودية لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وتقديرها للجهود التي تبذلها في قطاع غزة.

وزير الخارجية السعودي خلال مشاركته في اجتماع الترويكا العربية مع مجلس الأمن (واس)

وأكد على أهمية تكثيف التعاون والتنسيق بين جامعة الدول العربية ومجلس الأمن والشركاء الدوليين من أجل إحراز تقدم ملموس بقضايا المنطقة، والمساهمة في تعزيز السلم والأمن الدوليين.

وشارك وزير الخارجية السعودي، في الفعالية السنوية لدعم أعمال (الأونروا)، حيث جرى بحث ضرورة توفير الدعم اللازم لها، لضمان استمرار تقديم خدماتها الحيوية للاجئين الفلسطينيين.