«النصرة» تخوض معركة وجود ضد «داعش» وتتحسّب وصوله إلى إدلب

سيطر على 20 قرية بموازاة معارك النظام ضد «الجبهة»

نازحون من ريف حماة الشرقي في أحد مخيمات ريف إدلب الشرقي (المكتب الإعلامي لقوى الثورة السورية)
نازحون من ريف حماة الشرقي في أحد مخيمات ريف إدلب الشرقي (المكتب الإعلامي لقوى الثورة السورية)
TT

«النصرة» تخوض معركة وجود ضد «داعش» وتتحسّب وصوله إلى إدلب

نازحون من ريف حماة الشرقي في أحد مخيمات ريف إدلب الشرقي (المكتب الإعلامي لقوى الثورة السورية)
نازحون من ريف حماة الشرقي في أحد مخيمات ريف إدلب الشرقي (المكتب الإعلامي لقوى الثورة السورية)

يخوض تشكيل «هيئة تحرير الشام» الذي تسيطر «جبهة النصرة» على قراره، معركة وجود ضد تنظيم داعش في ريف حماة الشرقي، بعد تمدد عناصر الأخير الهاربين من القصف الجوي النظامي، باتجاه الغرب، والسيطرة على 20 قرية، وسط مخاوف لدى «النصرة» من وصول «داعش» إلى ريف إدلب.
ووسع تنظيم داعش نفوذه في ريف حماة الشرقي باتجاه الغرب، على حساب تنظيم النصرة، في محاولة لإيجاد موطئ قدم له في المنطقة، فيما يخوض النظام عمليات عسكرية في النطاق الجغرافي نفسه ضد «هيئة تحرير الشام»، بالتزامن مع ضربات جوية روسية عنيفة.
وقالت مصادر في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يضغط على داعش عسكرياً من الجهة الشرقية في ريف حماة الشرقي لناحية الرهجان، وهو ما اضطره للبحث عن مركز نفوذ بديل قريب في المنطقة»، لافتة إلى أن «داعش» و«النصرة» كانا على اتفاق في وقت سابق يقضي بعدم التعرض لبعضهما، «وانكسر الاتفاق حين تراجع وجود داعش إلى مستويات كبيرة إثر معركة عسكرية خاضها مع النظام منذ مطلع العام الحالي»، ودفعت التنظيم إلى ريف دير الزور، فيما بقي التنظيم محاصراً في بقعة صغيرة، مفتوحة فقط على مناطق سيطرة النصرة الممتدة من ريف حماة الشرقي باتجاه ريف إدلب الشرقي عبر خط صحراوي.
وأشارت المصادر إلى أنه «إثر محاصرة التنظيم في المنطقة قبل شهرين، عقدت تسوية قضت بترحيل عائلات عناصر داعش ومدنيين آخرين إلى مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام»، لافتة إلى أن «النصرة» وضعت شرطاً يتمثل بمنع عناصر التنظيم من العبور إلى مناطق سيطرتها، حيث توجد عائلاتهم، و«هو الشرط الذي انتهى تخلف عنه داعش قبل أيام».
وكان النظام أعلن منطقة ريف حماة الشرقي خالية تماماً من «داعش»، بعد أن استعادت خلال الشهر الحالي السيطرة على قرى الحازم وربدة وسرحا القبلية والحسناوي وأبو الغر وبلدة قصر شاوي وحران وحردانة والحازم وربدة وقصر علي وعرفة بعد القضاء على آخر تجمعات التنظيم.
ويتحدث معارضون سوريون عن أن قوات النظام سمحت لعناصر «داعش» بالتسلل إلى مناطق سيطرة «النصرة». وقالت المصادر إن هؤلاء «تحركوا غرباً رغم سيطرة قوات النظام على البادية». وتعزز هذا الاعتقاد لدى دفع «داعش» بتعزيزات إلى المنطقة، «حيث استطاع التنظيم أن يسيطر على 20 قرية في المنطقة، فيما تحاول النصرة الدفع بتعزيزات أخرى لصد هجمات داعش ومنعه من التمدد باتجاه ريف إدلب الشرقي».
وسيطر التنظيم على قرى أبو حريق وأبو الكسور ومعصران والعطشانة وأبين وجب زريق والشيحة وسروج وعليا وأبو مرو وأبو الخنادق والوسطية وسميرية ورسم السكاف وجناة الصوارنة وطوال الدباغين وجديدة وأبو عجوة وعنبز وطلحان ونقاط ومواقع أخرى في المنطقة.
وأشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إلى أن قتالاً اندلع بشكل عنيف مجدداً بين «هيئة تحرير الشام» من جهة، وعناصر تنظيم داعش من جهة أخرى، على محاور واقعة في الريف الشمالي الشرقي لحماة، إثر هجوم معاكس هذه المرة من تحرير الشام، في محاولة لاستعادة المواقع والقرى التي خسرتها خلال الأيام الماضية، نتيجة الهجمات المتلاحقة للتنظيم منذ 6 أيام. وكان «داعش» عزز معركته بمئات العناصر مدججين بالعدة والعتاد من آليات ثقيلة وأسلحة ثقيلة وخفيفة وصلوا إلى ريف حماة الشمالي الشرقي خلال الـ5 أيام الماضية، وأبلغت مصادر أنهم وصلوا من البادية السورية التي تسيطر عليها قوات النظام، حيث عمدت هذه العناصر فور وصولها إلى تنفيذ هجوم موسع على مواقع هيئة تحرير الشام في المنطقة، لتدور على أثرها اشتباكات.
ويلقي بعض المعارضين باللوم على «تحرير الشام» كونها منعت في السابق أي فصيل من الوجود بفاعلية في منطقة الريف الشرقي وأخرجت «أحرار الشام» منها بقوة، لما يشكل «قطاع البادية» لهيئة تحرير الشام بعداً استراتيجياً كبيراً كانت وما زالت تعطيه اهتماماً وعناية خاصتين، بحسب ما ذكر موقع «الدرر الشامية»، لافتاً إلى أن «هيئة تحرير الشام» تسيطر بشكل كامل على جميع المنطقة الشرقية الممتدة من ريف حماة الشرقي حتى ريف حلب.
وبموازاة المعارك بين التنظيمين المتشددين في ريف حماة الشرقي، يواصل النظام على بعد كيلومترات قليلة في ريف حماة الشرقي معاركه ضد «جبهة النصرة». وتحدث ناشطون عن أن الطيران الروسي ومروحيات النظام استهدفا بعشرات الغارات قرى أبو دالي والشطيب وتل خنزير بريف حماة الشمالي الشرقي، فيما تحدث المرصد السوري عن استمرار قوات النظام في هجماتها العنيفة واليومية على المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل وهيئة تحرير الشام بالريف الحموي الشمالي الشرقي.
وأفادت وكالة «سانا» الرسمية للأنباء بتنفيذ وحدات من جيش النظام عمليات عسكرية ضد تجمعات «النصرة»، وسيطرت أمس على قرية المستريحة في ناحية الرهجان بريف حماة الشمالي الشرقي.
وكان النظام أعلن خلال الأسابيع الماضية عن إطلاق معركة ضد «النصرة» في المنطقة، وتركزت على محاور أبو دالي والحمرا وغرب أثريا، بعد سيطرته على معاقل «داعش» فيها، وسط توقعات بأنه يسعى للوصول إلى مطار أبو الظهور العسكري الواقع في البادية الممتدة بين ريفي إدلب وحماة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.