النظام «يستنفر» أمنيا عشية الانتخابات.. والقلق يسود الشارع السوري

شائعات عن ثقب البطاقة الشخصية لتحديد من لم يشارك.. والجربا يدعو للمقاطعة

شوارع دمشق تغص بصور الأسد عشية الانتخابات الرئاسية المقررة اليوم (رويترز)
شوارع دمشق تغص بصور الأسد عشية الانتخابات الرئاسية المقررة اليوم (رويترز)
TT

النظام «يستنفر» أمنيا عشية الانتخابات.. والقلق يسود الشارع السوري

شوارع دمشق تغص بصور الأسد عشية الانتخابات الرئاسية المقررة اليوم (رويترز)
شوارع دمشق تغص بصور الأسد عشية الانتخابات الرئاسية المقررة اليوم (رويترز)

بدت القوات النظامية والأجهزة الأمنية، أمس، في حالة استنفار تامة لتوفير الأمن للناخبين الذين سيشاركون في الانتخابات الرئاسية السورية المقرر إجراؤها اليوم. وفي حين دعا مفتي البلاد أحمد بدر الدين حسون إلى المشاركة في الانتخابات، وحث السوريين على اختيار «من يمثلنا ومن دافع وصمد في وجه أشرس هجمة تعرض لها وطننا»، حذر رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا «السوريين من الخروج من منازلهم (اليوم)»، مشيرا في كلمة متلفزة إلى أن «النظام السوري الذي اعتاد على الغوص في الدم يحضر في يوم الاستفتاء المشؤوم سلسلة تفجيرات وقصف على التجمعات ومراكز ما يسمى الاقتراع ويتوزع المهمات مع مرتزقته وعصاباته لتنفيذ وتبني هذه العمليات».
ونقلت تقارير رسمية سورية عن مصادر أمنية قولها إن «خطة متكاملة بدأت منذ أول من أمس في كل المدن السورية لحماية الناخبين والمراكز الانتخابية، وإن قوات الجيش السوري وقوى الأمن والأمن الداخلي في حالة استنفار تامة لتوفير الأمن للناخبين». ونقلت صحيفة «الوطن» المقربة من السلطات عن المصادر تأكيدها أن «كافة المراكز الانتخابية آمنة ولا يوجد أي داع للقلق».
وضمن الإجراءات الأمنية المتخذة في العاصمة، وزعت منشورات تحذير في الأيام الأخيرة في أحياء دمشق من استخدام الدراجات الهوائية والكهربائية والنارية في التنقل خلال يومي الانتخابات تحت طائلة المساءلة والحجز في حال عدم الالتزام. وشوهدت عند بعض الحواجز عدد من الدراجات المصادرة قبل أربعة أيام من الانتخابات.
ونتيجة الإجراءات الأمنية النظامية، سادت حالة من القلق العام في الشارع السوري حيث أقبل الناس بشكل غير اعتيادي على شراء موادهم التموينية والغذائية وازدحمت الأفران ومحلات بيع الأغذية، كما سارعت الغالبية من الناس لإنهاء أعمالهم قبل حلول موعد الانتخابات، مفترضين أنه سيكون يوم عطلة.
كما كثرت الشائعات في الشارع السوري عن احتمال انتقام النظام من الذين لا يشاركون في الانتخابات وعن إجراءات قد تتخذ بحقهم كثقب البطاقة الشخصية للمقترعين كي يحدد الذين لم يشاركوا، إضافة إلى أنباء عن قطع الطرقات بين مراكز المدن السورية وأريافها. لكن وزارة الداخلية السورية سارعت إلى نفي هذه الشائعات، موضحة في بيان لها، أنها «تهدف إلى التأثير على الجو الديمقراطي لانتخابات رئاسة الجمهورية».
وعلى الرغم من أن الدول الغربية تعتبر انتخابات الرئاسة السورية التي من المتوقع أن تمنح الأسد ولاية ثالثة تستمر سبع سنوات، «مهزلة ونسفا للحل السياسي الذي انطلق في جنيف»، فإن وزير الإعلام السوري عمران الزعبي وصفها بـ«الفرصة الحقيقية لكل السوريين للتعبير عن إرادتهم بكل شفافية في اختيار مرشحهم».
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) عن الزعبي قوله «إن قناعة الشريحة الأوسع من السوريين تتجه نحو أهمية المشاركة في الانتخابات انطلاقا من أن الشعب السوري يتوق إلى عودة الأمن والاستقرار إلى بلده». وأشار إلى أن «وفودا ستواكب هذه الانتخابات من دول كثيرة إضافة إلى أكثر من مائتي وسيلة إعلامية بما فيها الإعلام الوطني الرسمي والخاص الذي سيكون بالمرصاد لأي ظاهرة خاطئة».
وتأتي الاستعدادات الأمنية النظامية لمواكبة الانتخابات في ظل تهديد بعض كتائب المعارضة باستهداف المراكز الانتخابية وآخرها صدر أمس عن القيادة المشتركة لـ«فرقة 18 آذار»، التابعة للجيش السوري الحر في درعا، حيث طلبت من السكان الموجودين في الأحياء الخاضعة لسيطرة النظام السوري بدرعا المحطة عدم مغادرة منازلهم لمدة 24 ساعة. وبرّرت القيادة طلبها في بيان بأنها ستستهدف «المراكز الانتخابية» التابعة للقوات النظامية في أحياء درعا.
ودعا مفتي سوريا أحمد بدر الدين حسون السوريين إلى المشاركة في الانتخابات الرئاسية، مشيرا خلال لقائه مجموعة من طلاب الجامعات في دمشق، إلى أنه على السوريين «واجب المشاركة في الاستحقاق الدستوري حتى نعيد لسوريا الجديدة المتجددة أمنها وسلامها واستقرارها وسننتخب من يمثلنا ومن دافع وصمد في وجه أشرس هجمة تعرض لها وطننا ومن استطاع أن يحفظ وحدتنا الوطنية في وجه الفكر التكفيري الظلامي».
في المقابل، أطلق ناشطون معارضون حملات مدنية ضد الانتخابات تحت شعار «انتخابات الدم». ويظهر في شعار هذه الحملات برميل متفجر» تسقط فيه ورقة اقتراع ملطخة بالدم كتب عليها «سوريا». كما طبع على البرميل رمز السلاح الكيماوي الذي تتهم المعارضة ودول غربية النظام باستخدامه مرارا خلال النزاع.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن إحدى المشاركات في تنظيم هذه الحملات قولها إنه «لم يكن في إمكاننا أن نبقى صامتين بينما يستفيد الإعلام الرسمي من هذه الانتخابات لبث حملة بروباغندا تقول إن النظام شرعي». وأشارت إلى أن «ناشطين معارضين خاطروا بحياتهم لإيصال الحملة إلى مناطق سيطرة النظام لا سيما في دمشق وحماه (وسط)، حيث وزعوا منشورات ضد الرئيس السوري».
وبث ناشطون معارضون شريطا مصورا على موقع «يوتيوب» قالوا إنه لتوزيع منشورات في حماه. ويظهر الشريط من الخلف، امرأة محجبة تسير وتلصق منشورات باللونين الأحمر والأصفر على أبواب منازل وزجاج سيارات. وينافس الأسد في هذه الانتخابات مرشحان «صوريان» هما حسان النوري وماهر الحجار. ويرى ناشطون أن الانتخابات أداة لمنح «شرعية» لنظام يستخدم العنف وسلاح الطيران ضد مناطق مدنية. وقتل حوالي ألفي مدني منذ يناير (كانون الثاني) 2014 في قصف بالطيران على أحياء سيطرة المعارضة في مدينة حلب وريفها.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.