المصريون يودعون منصور قبيل تسليم الرئاسة للسيسي

وفود شعبية احتفت بالرئيس المؤقت حول القصر الجمهوري وميدان التحرير

المستشار عدلي منصور خلال مراسم أدائه اليمين الدستورية كرئيس انتقالي لمصر في 4 يوليو (تموز) الماضي (أ.ف.ب)
المستشار عدلي منصور خلال مراسم أدائه اليمين الدستورية كرئيس انتقالي لمصر في 4 يوليو (تموز) الماضي (أ.ف.ب)
TT

المصريون يودعون منصور قبيل تسليم الرئاسة للسيسي

المستشار عدلي منصور خلال مراسم أدائه اليمين الدستورية كرئيس انتقالي لمصر في 4 يوليو (تموز) الماضي (أ.ف.ب)
المستشار عدلي منصور خلال مراسم أدائه اليمين الدستورية كرئيس انتقالي لمصر في 4 يوليو (تموز) الماضي (أ.ف.ب)

في الطريق إلى القاهرة انطلقت عدة حافلات من بعض المحافظات المصرية تقل الآلاف من أعضاء حملات داعمة لخارطة الطريق والرئيس الجديد للبلاد المشير عبد الفتاح السيسي، لتقديم الشكر للرئيس المصري المؤقت المستشار عدلي منصور «على الدور الوطني الذي قام به في إدارة البلاد في مرحلة دقيقة وحساسة»، وذلك منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق محمد مرسي، حتى انتخاب رئيس جديد هو السيسي الذي سيدلي بالقسم الدستوري خلال اليومين المقبلين تمهيدا لتوليه مهام عمله بشكل رسمي.
لكن هل سيعود المستشار منصور لعمله الأصلي كرئيس للمحكمة الدستوري العليا، أم سيتقاعد، أم أن النية تتجه لتكليفه بموقع رفيع آخر مثل رئاسة البرلمان؟ كل هذه الأسئلة كانت تدور في أذهان الوفود القادمة للاحتفاء بالمستشار منصور. وتوقفت الحافلات التي تقل جماهير من عدة محافظات أمام مقر القصر في شرق العاصمة. وبدأ المحتفلون في التجمع وعقد الفعاليات، ومن بين هذه الحملات حملة «مستقبل وطن» من محافظة الدقهلية والتي بدأت في المساء في إقامة احتفال رمزي أمام قصر الرئاسة تحت شعار «شكرا سيادة الرئيس». وقال محمد بدران، منسق عام الحملة وعضو المكتب السياسي لحملة السيسي، إن الاحتفال يثمن الدور الوطني الذي قام به منصور خلال الفترة الماضية.
وأضاف البرلماني السابق المهندس، معتز محمود، نائب رئيس حزب المؤتمر أن «المستشار الجليل عدلي منصور أدار البلاد في ظروف صعبة كانت تستدعي رجلا متوازنا يمثل الأمة بشكل حقيقي». وتابع معلقا لـ«الشرق الأوسط»: «نعد أن المستشار منصور نجح نجاحا كبيرا في إدارة البلاد، وقاد المركب في ظل أمواج عاتية. ونجح في أن يصل لبر الأمان ليسلم البلاد للشعب من خلال الرئيس المنتخب والإرادة الشعبية». وأضاف عن توقعاته بشأن المستقبل المهني للرئيس منصور بعد تخليه عن منصبه: «أتوقع طبقا لشخصية المستشار منصور أن يعود لمنصة القضاء أو أن يتقاعد، لكن لا أتوقع أن يشغل أي موقع سياسي».
ومن الطرائف أن الأيام الأولى التي جرى فيها تكليف المستشار منصور بإدارة شؤون البلاد، أطلقت صفحات التواصل الاجتماعي الموالية للتيارات الإسلامية المتشددة ومن بينها صفحات تابعة لجماعة الإخوان، شائعات عن أن الرئيس منصور مسيحي، محاولة بذلك إثارة ما تعتقد أنه «فتنة» في البلاد، خصوصا بعد الإطاحة بحكم مرسي الذي كانت تلك الصفحات تصوره كرئيس يمثل الحكم الإسلامي. لكن غالبية القطاعات المصرية لم تقف أمام تلك الشائعات طويلا. وولد الرئيس، واسمه بالكامل، عدلي محمود منصور في ديسمبر (كانون الثاني) عام 1945. وتولى موقعه في وقت كانت فيه البلاد تعج بالفوضى، بينما كان آلاف الإسلاميين يعتصمون في الميادين والساحات احتجاجا على إنهاء حكم مرسي.
وجاء تولي المستشار منصور لموقعه في ظروف غريبة، حيث كان في ذلك الوقت، أي في أواخر يونيو (حزيران) قد جرى تعيينه من جانب الرئيس السابق مرسي، كرئيس جديد للمحكمة الدستورية العليا، وهي أكبر هيئة قضائية في مصر. وينص الدستور المصري على أن رئيس المحكمة الدستورية العليا هو من يتولى موقع رئيس الدولة في حال خلو هذا المنصب لأي سبب. وبعد إقصاء مرسي عن كرسي الرئاسة، أصبح يتوجب على منصور أن يقوم بمهامه الدستورية في رئاسة الدولة، واضطر إلى الإدلاء بقسمين في يوم واحد.. القسم الأول، يخص موقعه كرئيس للمحكمة، والقسم الثاني، يخص توليه موقع رئيس الدولة.
وأشادت الحملات أيضا برجال الجيش والشرطة على جهودهم المبذولة لتأمين عملية الانتخابات وحماية المواطنين وإخراج العملية الانتخابية بصورة حضارية. وبعد قليل وصلت مجموعة جديدة من الحافلات قادمة من محافظة كفر الشيخ. وقال عمرو السيد محمد، من حملة «كمل جميلك» بالمحافظة: «جئنا لتوجيه الشكر للرئيس منصور». ومن جانبه وجه الرئيس منصور، وفقا لمصادر الرئاسة، التحية للمصريين الذين التفوا حول القصر لوداعه، وركز في ذلك على دور المرأة والشباب في المرحلة المقبلة التي ستجري فيها انتخابات البرلمان.
وفي القصر الجمهوري قال السفير إيهاب بدوي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، إن «المستشار منصور توجه بخالص الشكر لجموع المواطنين الذين تجمعوا بالأمس أمام مقر رئاسة الجمهورية، للتعبير عن شكرهم وتقديرهم لسيادته، في ختام المرحلة الانتقالية». كما وجه الشكر والتقدير للمرأة المصرية لدورها الفاعل منذ ثورة 25 من يناير، وحتى الآن على مستوى كل الاستحقاقات الانتخابية ولا سيما الأخيرة منها، موضحا أن دورها لم يتوقف عند كونها أما وأختا أو زوجة وابنة، وإنما امتد ليشمل عطاءها من أجل الوطن من خلال مشاركة سياسية كثيفة وفاعلة واعية وناضجة.
ووفقا لبدوي، تحدث الرئيس منصور عن أن ما شهدته المرأة المصرية في عقود مضت من تهميش سياسي واقتصادي واجتماعي يتعين أن ينتهي، وينبغي أن تحصل على حقها العادل في المناصب التنفيذية والنيابية بما يتناسب مع كونها تشكل نصف المجتمع، ولا سيما في مجلس النواب الجديد، وبما يليق بحجم مشاركتها الفاعلة وتضحياتها المقدرة.
وفي الجانب الآخر من العاصمة كانت الألعاب النارية ترتفع أعلى ميدان التحرير، وسط أغان وطنية وأناشيد ولافتات عليها كلمات الشكر والعرفان للمستشار منصور. وشارك في فعاليات التحرير الكثير من ممثلي الأحزاب والائتلافات الشبابية والثورية، بينما كانت أبواق السيارات تنطلق بالتحية من الشوارع المحيطة بالميدان. وقال ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل الديمقراطي والمنسق العام للتيار المدني الاجتماعي، موجها حديثه للرئيس منصور: «لقد سجلت اسمكم سيادة الرئيس في كشوف الخالدين من أبناء الوطن العظام من البنائين والأبطال الذين تواكبوا على قيادته على مر التاريخ، وذلك عندما قبلتم تكليف الشعب لكم برئاسة الجمهورية في فترة من أصعب وأحلك فترات الوطن ولم تترددوا لحظة واحدة بل تقدمتم مقدمة الصفوف بشجاعة نادرة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.