المواجهات تشتعل بين الجيش وعناصر متطرفة غرب تونس

تأجيل جلسة الحوار الوطني بسبب خلافات حادة

المواجهات تشتعل بين الجيش وعناصر متطرفة غرب تونس
TT

المواجهات تشتعل بين الجيش وعناصر متطرفة غرب تونس

المواجهات تشتعل بين الجيش وعناصر متطرفة غرب تونس

تتعقب قوات الحرس والجيش التونسي أثر 13 عنصرا إرهابيا، ذكرت تقارير أمنية أنهم اتصلوا بإحدى العائلات في منطقة «الفوازعية» (شمال غربي تونس)، وطلبوا مساعدة غذائية. وعلى إثر ذلك شنت قوات الأمن عمليات تمشيط واسعة في المناطق الجبلية القريبة من «الفوازعية» في محاولة لتضييق الخناق عليهم، وتحديد العدد التقريبي لهذه العناصر المتحصنة منذ أشهر في المناطق الغابية.
ويرجح أن تكون هذه العناصر على صلة بالمجموعات الإرهابية، المنتشرة بدورها في جبال الشعانبي في القصرين المجاورة، وقد تكون قررت، حسب مصادر أمنية، التحرك لتخفيف الحصار المضروب على بقية العناصر الإرهابية في المنطقة العسكرية المغلقة بالقصرين.
في غضون ذلك، تواصلت المواجهات المسلحة بين قوات الأمن التونسية ومجموعة إرهابية، لم يكشف عن هويتها، طوال ليلتي السبت والأحد في نفس المنطقة التي تقع بولاية (محافظة) جندوبة شمال غربي تونس.
ولم تخمد أصوات إطلاق الرصاص صباح أمس، واستنجدت قوات الحرس والجيش بطائرتي هيلوكبتر لملاحقة العناصر الإرهابية، التي قدرتها مصادر أمنية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» بنحو 13 عنصرا، ثلاثة منهم اتصلوا بإحدى العائلات لطلب الأكل والماء، وعشرة آخرون أمنوا المكان خشية الوقوع في قبضة الأمن والجيش. وأشارت نفس المصادر إلى أن المجموعة الإرهابية استعملت القنابل اليدوية لأول مرة في مواجهة رجال الأمن، فاضطرت السلطات إلى إجلاء بعض العائلات القريبة من مسرح العمليات المسلحة تحسبا لاتساع رقعة المواجهات.
واضطرت قوات الأمن إلى اقتفاء الآثار لتتبع العناصر الإرهابية بعد نزول الأمطار في منطقة «فرنانة» خلال فترة المواجهات. كما شهدت منطقة «الفوازعية» عمليات تمشيط أمني وعسكري واسعة النطاق، إثر ورود معلومات منذ يوم السبت الماضي بشأن تحركات مشبوهة لأربعة عناصر طلبت من إحدى العائلات تمكينها من الطعام. واعتمدت قوات الأمن والجيش على آليات عسكرية وسيارات رباعية الدفع لتعقب أثرها. وكانت منطقة «جندوبة» مسرحا لمواجهات مسلحة مع عناصر إرهابية في مناسبات سابقة، من بينها اشتباكات 20 ديسمبر (كانون الأول) 2012 التي لم تسفر عن ضحايا. لكن العملية الإرهابية التي شهدتها منطقة «أولاد مناع» يوم 16 فبراير (شباط) الماضي كانت دموية، وأسفرت عن مقتل ثلاثة أمنيين ومدني وجرح أربعة آخرين.
من ناحية أخرى، قال بوعلي المباركي الرئيس المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) إن جلسة الحوار الوطني بين الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان أجلت إلى الأربعاء لتقريب وجهات النظر. وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الجلسة فشلت في التوصل إلى اتفاق بشأن التزامن أو الفصل بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وأيهما يسبق الآخر.
على صعيد آخر، كشف علي العريض رئيس الحكومة التونسية وزير الداخلية السابق في برنامج تلفزيوني بث الليلة قبل الماضية، حقائق جديدة حول أسباب سماحه بهروب سيف الله بن حسين، زعيم تنظيم أنصار الشريعة المحظور والمعروف «أبو عياض» من جامع الفتح بالعاصمة، واتخاذ القرار بمحاولة القبض عليه في مكان آخر خارج الجامع. وخلف هذا التصريح جدلا سياسيا وأمنيا واسعا بشأن السماح لأحد أخطر العناصر الإرهابية بالهروب، ثم تعقب آثاره لاحقا لإلقاء القبض عليه.
وقال العريض إنه أعطى أوامره بالقبض على «أبو عياض» باعتباره وزيرا للداخلية. لكن القيادات الأمنية التونسية ارتأت عدم مداهمة الجامع لتجنب وقوع خسائر في الأرواح وبسبب وجوده وسط مؤسسات عمومية ومناطق سكنية. وأضاف أن قرار خروج «أبو عياض» لم يكن خاطئا وهو مسؤول عن قرار عدم اعتقاله، وأن السلطات التونسية لديها ما يكفي من القرائن حول ثبوت تورط «أبو عياض» في أحداث السفارة الأميركية التي وقعت يوم 14 سبتمبر (أيلول) 2012.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.