بعد كشفهم فضائح تحرش في عالم السينما... أهل الصحافة تحت المجهر

شخصيات إعلامية تضطر للاعتراف ببقع سوداء في ماضيها

بعد كشفهم فضائح تحرش في عالم السينما... أهل الصحافة تحت المجهر
TT

بعد كشفهم فضائح تحرش في عالم السينما... أهل الصحافة تحت المجهر

بعد كشفهم فضائح تحرش في عالم السينما... أهل الصحافة تحت المجهر

أعلنت شبكات تلفزيون «سي بي إس» و«بي بي إس» و«بلومبيرغ» الأسبوع الماضي، تجميد عمل شارلي روز (75 عاماً)، واحد من أشهر مقدمي برامج المقابلات التلفزيونية الأميركية، وذلك بعد أن نشرت صحيفة «واشنطن بوست» أن 8 نساء اتهمنه بالتحرش الجنسي.
لم تنتظر هذه الشبكات صدور عدد الصحيفة الورقي الذي كان يحمل الخبر، بل تحركت بعد ساعات قليلة من نشر الخبر في موقع الصحيفة في الإنترنت.
وفي الصيف الماضي، سقط نجم مقابلات تلفزيونية آخر، هو بيل أورايلي (68 عاماً)، بعد أن فصلته شبكة «فوكس»، ليس فقط بسبب تحرشات جنسية، ولكن، أيضاً، لأنه دفع ملايين الدولارات تعويضات لنساء ليسكتهن عن نشر تحرشاته الجنسية بهن.
وشملت اتهامات التحرش الجنسي مارك هالبرين، مذيع شبكة تلفزيون «إن بي سي» (جمدت الشبكة عمله بعد نشر الاتهامات).
ورد هالبِرين على الاتهامات قائلاً: «خلال تلك الفترة (عمله في تلفزيون «إن بي سي») سعيت إلى علاقات مع نساء عملت معهن. لكن، الآن، أفهم أن سلوكي كان غير مناسب. وسبب أذى لآخرين. لهذا، أنا آسف جداً. وأعتذر».
وأضاف: «في هذه الظروف، سأتراجع قليلاً عن عملي اليومي، كي أتعامل بشكل مناسب مع هذا الوضع».
كان هالبِرين (52 عاماً) يعمل محللاً سياسياً في تلفزيون «إن بي سي»، وأيضاً في تلفزيون «إم إس إن بي سي»، وتولى مناصب هامة في مؤسسات إعلامية هامة. وشارك في تأليف كتاب عن الانتخابات الأميركية، تحول فيما بعد إلى فيلم سينمائي عرضه تلفزيون «إتش بي أو».
وفي الأسبوع الماضي، انضم إلى القائمة غلين ثرش، صحافي في صحيفة «نيويورك تايمز» نفسها، التي كشفت كثيراً من اتهامات التحرش الجنسي ضد آخرين. هذه المرة، كشفت الاتهامات صحيفة غير «نيويورك تايمز»، وهي «فوكس» (غير تلفزيون فوكس) مدونة صحافية. ولم تنس هذه الصحيفة أن تتهكم على «نيويورك تايمز»، على طريقة «باب النجار مخلع».
عن الاتهامات ضد روز، مقدم المقابلات التلفزيونية، قالت صحيفة «واشنطن بوست» إن 8 نساء تحدثن إلى الصحيفة. لكن طلبت 5 منهن عدم نشر اسم كل واحدة. اختلفت الاتهامات واختلفت أوقات هذه الأفعال: قبل 25 عاماً، قبل 15 عاماً، وقبل 6 أعوام، وغير ذلك. واختلفت أعمار النساء.
علق روز على الخبر، وقال: «خلال 45 عاماً في العمل الصحافي، ظللت أفتخر بأنني أشجع النساء اللائي يعملن معي... الآن (بعد نشر الاتهامات)، أحس بالخجل. أحياناً، تصرفت تصرفات غير لائقة، وأعلن هنا تحمل مسؤولية ذلك».
وأضاف: «أؤمن أن بعض الاتهامات غير صحيحة. وبأن المشاعر كانت متبادلة في بعضها. لكن أؤمن الآن أنني أخطأت في اعتقاد ذلك».
في الأسبوع الماضي، لاحظت دورية «كولومبيا جورناليزم ريفيو» (تصدرها كلية الصحافة في جامعة كولومبيا، في نيويورك) أن اتهامات التحرش الجنسي وصلت إلى الصحافيين بعد قرابة عام كان الصحافيون، وكأنهم تخصصوا في كشف تحرشات الآخرين، خصوصاً السياسيين، ونجوم التلفزيون والسينما والرياضة.
في الصيف، كانت أشهر فضيحة تحرش جنسي هي التي كشفتها صحيفة «نيويورك تايمز»، في هوليوود، وعن واحد من عمالقة الإنتاج والإخراج السينمائي في العالم: هارفي واينستين. وأضافت الدورية: «لكن، ليس التحرش الجنسي في العمل حكراً على قطاع السينما. إنه يشمل كل المجالات المهنية تقريباً».
وقالت آن فرومهولز، محامية متخصصة في هذه المواضيع: «تظل السينما والتلفزيون مجالين خصبين، وذلك بسبب وجود كثير من الشباب والشابات الذين يريدون دخول هذين المجالين. وذلك لأن النجاح فيهما يعتمد كثيراً على معارف، وأصدقاء، ومظاهر». وأضافت: «لكن، عندي سجلات طويلة عن تحرشات جنسية في مجالات أخرى. مثل مطاعم، ومزارع، وأعمال تنظيف». وأشارت إلى أن كثيراً من المهاجرات، أو الموجودات في الولايات المتحدة بطرق غير قانونية يتعرضن لتحرشات جنسية، لكن لا يقدرن على إبلاغ الشرطة خوفاً من إبعادهن من البلاد».
لكن، طبعاً، اتهامات المشاهير تنتشر أكثر، وتثير ضجات أكبر. بما في ذلك، مشاهير الإعلاميين. ولا تذكر هذه إلا ويذكر روجر أيلز، مؤسس ورئيس تلفزيون «فوكس نيوز» (أخبار فوكس) التابع لشركة «فوكس القرن الحادي والعشرين»، التابعة لمجموعة شركات «نيوز كوربوريشن» التي أسسها ويملكها روبرت ميردوخ، ملياردير الصحافة الأميركي الأسترالي، والتي تملك أكثر من مائتي صحيفة ومحطة تلفزيون في أكثر من خمسين دولة.
في عام 2016، عندما سقط بسبب اتهامات جنسية، وصفته صحيفة «واشنطن بوست» بأنه «واحد من أقوى الشخصيات الإعلامية الأميركية، وهو الذي أسس تلفزيون (فوكس)، وطوره، وجعله ركيزة الإعلام المحافظ. وحوله، ليس فقط إلى رائد ذي نكهة خاصة وسط بقية القنوات التلفزيونية، ولكن، أيضاً، إلى منافس تفوق ربما عليها كلها».
هزت اتهامات التحرش الجنسي ضد أيلز، التي قدمتها في قضايا في محاكم بعض مذيعات «فوكس»، صديقه القديم روبرت ميردوخ، رئيس مجموعة شركات «فوكس القرن الحادي والعشرين»، وضغط سراً وعلناً عليه ليقدم استقالته.
في الوقت ذلك، ما كان سراً أن ولدي روبرت ميردوخ (85 عاماً): لاشيان (44 عاماً)، الرئيس التنفيذي، وجيمس (42 عاماً)، المدير التنفيذي، ظلا يريدان الاستغناء عن أيلز منذ سنوات. وأنهما، رغم اعترافهما بأنه هو الذي أسس تلفزيون «فوكس»، وقاده إلى نجاح لم يسبق له مثيل، صارا يقولان أنه كبر في السن. وأن لا بد من دماء جديدة.
في الوقت ذلك، نشرت صحيفة «بيست» الإلكترونية، أن واحدة من «محاسن» و«مشاكل» إيلز، في الوقت نفسه هو «حبه للنساء الشقراوات». وأن تلفزيون «فوكس»، وخصوصاً «فوكس نيوز» (أخبار فوكس) ما كان سينجح لولا تركيزه على المذيعات الشقراوات. هذا بالإضافة إلى تأسيس برامج، ومسلسلات، ومنافسات تلفزيونية يكاد يغيب عنها الممثلون والممثلات غير الشقراوات.
منذ الوقت ذلك، صار صحافيون ومعلقون وخبراء إعلاميون يطلقون على تلفزيون «فوكس» أوصافاً مثل: «بلوندز فوكس» (فوكس الشقراوات)، و«وايتز فوكس» (فوكس البيض). وصار أيلز يلقب بصاحب «السلاح الشقراوي». لهذا، يبدو أن سلاحه هو الذي قضى عليه.


مقالات ذات صلة

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

يوميات الشرق مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو» (تصوير: عبد الفتاح فرج)

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

أثار إعلان «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي تساؤلات بشأن دوافع هذا القرار.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا الكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام (موقع الهيئة)

مصر: «الوطنية للإعلام» تحظر استضافة «العرّافين»

بعد تكرار ظهور بعض «العرّافين» على شاشات مصرية خلال الآونة الأخيرة، حظرت «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر استضافتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» أثارت جدلاً (تصوير: عبد الفتاح فرج)

​مصر: ضوابط جديدة للبرامج الدينية تثير جدلاً

أثارت قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» بمصر المتعلقة بالبرامج الدينية جدلاً في الأوساط الإعلامية

محمد الكفراوي (القاهرة )
الولايات المتحدة​ ديبورا والدة تايس وبجانبها صورة لابنها الصحافي المختفي في سوريا منذ عام 2012 (رويترز)

فقد أثره في سوريا عام 2012... تقارير تفيد بأن الصحافي أوستن تايس «على قيد الحياة»

قالت منظمة «هوستيدج إيد وورلدوايد» الأميركية غير الحكومية إنها على ثقة بأن الصحافي أوستن تايس الذي فقد أثره في سوريا العام 2012 ما زال على قيد الحياة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي شخص يلوّح بعلم تبنته المعارضة السورية وسط الألعاب النارية للاحتفال بإطاحة الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (رويترز)

فور سقوطه... الإعلام السوري ينزع عباءة الأسد ويرتدي ثوب «الثورة»

مع تغيّر السلطة الحاكمة في دمشق، وجد الإعلام السوري نفسه مربكاً في التعاطي مع الأحداث المتلاحقة، لكنه سرعان ما نزع عباءة النظام الذي قمعه لعقود.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

رئيسة «منتدى مصر للإعلام» تُحذر من دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار

نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)
نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)
TT

رئيسة «منتدى مصر للإعلام» تُحذر من دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار

نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)
نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)

في ظل صراعات وحروب إقليمية متصاعدة وتطورات ميدانية متسارعة، لعب الإعلام أدواراً عدة، سبقت في بعض الأحيان مهمات القوات العسكرية على الأرض؛ ما ألقى بظلال كثيفة على وسائل الإعلام الدولية. تزامن ذلك مع زيادة الاعتماد على «المؤثرين» ونجوم مواقع التواصل الاجتماعي كمصادر للأخبار؛ ما دفع رئيسة «منتدى مصر للإعلام»، نهى النحاس، إلى التحذير من دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار.

وفي حوارها مع «الشرق الأوسط»، عدّت نهى دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار «خطأً مهنياً»، وقالت إن «صُناع المحتوى و(المؤثرين) على منصات التواصل الاجتماعي يقدمون مواد دون التزام بمعايير مهنية. ودمجهم في غرف الأخبار كارثة مهنية».

وأشار تقرير نشره «معهد رويترز لدراسات الصحافة»، أخيراً، إلى «نمو في الاعتماد على مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي كمصادر للأخبار». ومع هذا النمو باتت هناك مطالبات بإدماج صناع المحتوى في غرف الأخبار. لكن نهى تؤكد أن الحل ليس بدمج المؤثرين، وتقول: «يمكن تدريب الصحافيين على إنتاج أنواع من المحتوى تجذب الأجيال الجديدة، لكن يجب أن يكون صانع المحتوى الإعلامي صحافياً يمتلك الأدوات والمعايير المهنية».

وتعد نهى «الإعلام المؤسسي أحد أبرز ضحايا الحروب الأخيرة»، وتقول إن «الإعلام استُخدم باحة خلفية للصراع، وفي بعض الأحيان تَقدمَ القوات العسكرية، وأدى مهمات في الحروب الأخيرة، بدءاً من الحرب الروسية - الأوكرانية وصولاً إلى حرب غزة».

وتبدي نهى دهشتها من الأدوار التي لعبها الإعلام في الصراعات الأخيرة بعد «سنوات طويلة من تراكم النقاشات المهنية ورسوخ القيم والمبادئ التحريرية».

وتاريخياً، لعب الإعلام دوراً في تغطية الحروب والنزاعات، وهو دور وثّقته دراسات عدة، لكنه في الحروب الأخيرة «أصبح عنصراً فاعلاً في الحرب؛ ما جعله يدفع الثمن مرتين؛ أمام جمهوره وأمام الصحافيين العاملين به»، بحسب نهى التي تشير إلى «قتل واغتيال عدد كبير من الصحافيين، واستهداف مقرات عملهم في مناطق الصراع دون محاسبة للمسؤول عن ذلك، في سابقة لم تحدث تاريخياً، وتثبت عدم وجود إرادة دولية للدفاع عن الصحافيين».

وتقول نهى: «على الجانب الآخر، أدت ممارسات مؤسسات إعلامية دولية، كانت تعد نماذج في المهنية، إلى زعزعة الثقة في استقلالية الإعلام»، مشيرة إلى أن «دور الإعلام في الحروب والصراعات هو الإخبار ونقل معاناة المدنيين بحيادية قدر المستطاع، لا أن يصبح جزءاً من الحرب وينحاز لأحد طرفيها».

نهى النحاس

وترفض نهى «الصحافة المرافقة للقوات العسكرية»، وتعدها «صحافة مطعوناً في صدقيتها»، موضحة أن «الصحافي أو الإعلامي المرافق للقوات ينظر للمعركة بعين القوات العسكرية التي يرافقها؛ ما يعني أنه منحاز لأحد طرفَي الصراع». وتقول: «عندما ينخرط الصحافي مع جبهة من الجبهات لا يعود قادراً على نقل الحقائق».

وضعت الحروب الأخيرة الصحافيين في غرف الأخبار «أمام واقع جديد جعل أصواتهم غير مسموعة في مؤسساتهم، في بعض الأحيان»، وتوضح نهى ضاربة المثل بالرسالة المفتوحة التي وقّعها عدد من الصحافيين في صحيفة «لوس أنجليس تايمز» الأميركية ضد تغطية حرب غزة وتجاهل قتل عدد كبير من الصحافيين، والتي أدت في النهاية إلى إيقافهم عن تغطية حرب غزة.

زعزعت الانحيازات الإعلامية في التغطية، الثقة في استقلالية الإعلام، وأفقدت مؤسسات إعلامية كبرى مصداقيتها، بعد أن كانت حتى وقت قريب نماذج للالتزام بالمعايير المهنية. ورغم ما فقدته مؤسسات الإعلام الدولية من رصيد لدى الجمهور، لا تتوقع نهى أن «تقدم على تغيير سياستها؛ لأن ما حدث ليس مجرد خطأ مهني، بل أمر مرتبط بتشابك مصالح معقد في التمويل والملكية». ولفتت إلى أن «الحروب عطّلت مشروعات التطوير في غرف الأخبار، وأرهقت الصحافيين نفسياً ومهنياً».

وترى أن تراجع الثقة في نماذج الإعلام الدولية، يستدعي العمل على بناء مدارس إعلامية محلية تعكس الواقع في المجتمعات العربية، مشيرة إلى وجود مدارس صحافية مميزة في مصر ولبنان ودول الخليج لا بد من العمل على تطويرها وترسيخها بعيداً عن الاعتماد على استلهام الأفكار من نماذج غربية.

بناء تلك المدارس الإعلامية ليس بالأمر السهل؛ فهو بحسب نهى «يحتاج إلى نقاش وجهد كبير في التعليم وبناء الكوادر وترسيخ الإيمان بالإعلام المستقل». وهنا تؤكد أن «استقلالية الإعلام لا تعني بالضرورة تمويله من جهات مستقلة، بل أن تكون إدارته التحريرية مستقلة عن التمويل قدر الإمكان»، مشددة على أن «التمويل العام لوسائل الإعلام مهم ومرحّب به، لا سيما في لحظات الاستقطاب السياسي؛ حتى لا يلعب المال السياسي دوراً في تخريب مصداقية المؤسسة».

غيّرت الحروب غرف الأخبار وألقت بظلالها على طريقة عملها، لتعيد النقاشات الإعلامية إلى «الأسس والمعايير والأخلاقيات»، تزامناً مع تطورات تكنولوجية متسارعة، ترى نهى أنها «ضرورية لكن كأدوات لإيصال الرسالة الإعلامية بفاعلية».

من هذا المنطلق، ترفض نهى التوسع في مناقشة قضايا الذكاء الاصطناعي على حساب القضايا المهنية، وتقول: «نحتاج إلى إعادة تثبيت وترسيخ القواعد المهنية، ومن ثم الاهتمام بالأدوات التي تسهل وتطور الأداء، ومن بينها الذكاء الاصطناعي الذي لا يمكن إنكار أهميته».

وتضيف: «إذا كان الأساس به خلل، فإن الأداة لن تعالجه؛ لذلك لا بد من مناقشات في غرف الأخبار حول الأسس المهنية لاستعادة الجمهور الذي انصرف عن الأخبار».

وبالفعل، تشير دراسات عدة إلى تراجع الاهتمام بالأخبار بشكل مطرد، تزامناً مع تراجع الثقة في الإعلام منذ جائحة «كوفيد-19»، وتزايد ذلك مع الحرب الروسية - الأوكرانية. ووفقاً لمعهد «رويترز لدراسات الصحافة»، فإن «نحو 39 في المائة من الجمهور أصبحوا يتجنبون الأخبار».

وهنا تقول نهى إن «الثقة تتراجع في الإعلام بشكل مطرد؛ لأن الجمهور يشعر أن صوته لم يعد مسموعاً، إضافة إلى تشبع نسبة كبيرة من الجمهور بأخبار الحرب، إلى حد مطالبة البعض بنشر أخبار إيجابية». وتضيف أن «هذا التراجع امتزج مع صعود منصات التواصل التي أصبحت يُخلط بينها وبين الإعلام المؤسسي، لا سيما مع ما قدمته من متابعات للحروب والصراعات الأخيرة».

وتشير رئيسة «منتدى مصر للإعلام» إلى أن «الحروب الأخيرة في أوكرانيا وغزة وضعت أعباء مالية، وفرضت محتوى مختلفاً على المؤسسات الإعلامية أدى إلى زيادة تجنب الجمهور للأخبار»، بحسب ما جاء في دراسة نشرها معهد «رويترز لدراسات الصحافة»؛ ما يستلزم البحث عن وسائل لإعادة جذبه، أو لـ«غرفة أخبار ثالثة» كما فعلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، مستهدفة «جذب مزيد من القراء وزيادة الموارد».

وتستهدف «غرفة الأخبار الثالثة» إنشاء محتوى خاص لمنصات التواصل الاجتماعي، ومقاطع فيديو قصيرة تتناول موضوعات متنوعة لجذب الأجيال المرتبطة بالهواتف الذكية.

ويعد التدريب واحداً من أدوار المنتديات الإعلامية، ومن بينها «منتدى مصر للإعلام». وأوضحت نهى، في هذا المجال، أن «المنتديات الإعلامية هي تعبير عن الواقع الإعلامي لدولةٍ أو منطقةٍ ما، ونقطة تلاقٍ لمناقشة قضايا ومعارف مهنية، وملاحقة التطورات التكنولوجية».

وكان من المقرر عقد النسخة الثالثة من «منتدى مصر للإعلام» نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لكن تم تأجيلها «بسبب الأحداث المتلاحقة والمتسارعة في المنطقة والتي كانت ستؤثر على حضور بعض ضيوف (المنتدى)»، بحسب نهى التي تشير إلى أنه «سيتم عقد النسخة الثالثة من (المنتدى) منتصف 2025».

وتوضح أنه «يجري حالياً مراجعة أجندة (المنتدى) وتحديثها وتغييرها استعداداً للإعلان عنها في الربع الأول من العام المقبل»، مشيرة إلى أنه لم يتم الاستقرار بعدُ على عنوان النسخة الثالثة، وإن كان هناك احتمال للإبقاء على عنوان النسخة المؤجلة «يمين قليلاً... يسار قليلاً!».

وتقول نهى إن «منتدى مصر للإعلام» سيركز كعادته على المناقشات المهنية والتدريبات العملية، لا سيما «منصة سنة أولى صحافة» المخصصة لتقديم ورش تدريبية لطلاب الإعلام تتناول الأساسيات والمعايير المهنية.

وتختتم حديثها بالتأكيد على أن الالتزام بالمعايير المهنية هو الأساس لبقاء الإعلام المؤسسي، مجددة الدعوة لفتح نقاشات جادة بشأن مأسسة نماذج إعلام محلية في المنطقة العربية.