المعارضة السورية تشارك في المحادثات بوفد موحد والنظام يقصف الغوطة الشرقية

19 حصيلة القتلى وهي مرشحة للارتفاع

طفل سوري يتلقى العلاج بأحد المستشفيات السورية بعد غارة جوية لقوات النظام على الغوطة الشرقية (أ.ف.ب)
طفل سوري يتلقى العلاج بأحد المستشفيات السورية بعد غارة جوية لقوات النظام على الغوطة الشرقية (أ.ف.ب)
TT

المعارضة السورية تشارك في المحادثات بوفد موحد والنظام يقصف الغوطة الشرقية

طفل سوري يتلقى العلاج بأحد المستشفيات السورية بعد غارة جوية لقوات النظام على الغوطة الشرقية (أ.ف.ب)
طفل سوري يتلقى العلاج بأحد المستشفيات السورية بعد غارة جوية لقوات النظام على الغوطة الشرقية (أ.ف.ب)

قتل 19 مدنياً على الأقل اليوم (الأحد)، نتيجة قصف لقوات النظام السوري استهدف مناطق في الغوطة الشرقية المحاصرة، آخر معقل للفصائل المعارضة قرب دمشق والمشمول باتفاق خفض التوتر، حسبما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
ووثق المرصد مقتل «17 مدنياً في قصف جوي لقوات النظام على بلدتي مسرابا ومديرا، واثنين آخرين في قصف صاروخي على مدينة دوما».
وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد، إن «حصيلة القتلى مرشحة للارتفاع لوجود عدد كبير من الجرحى المصابين بجروح خطرة».
وارتفعت حصيلة القتلى نتيجة قصف قوات النظام للغوطة الشرقية خلال الأسبوعين الماضيين لتبلغ «123 قتيلاً مدنياً بينهم 26 طفلاً»، وفق المرصد.
وصعدت قوات النظام منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي قصفها لمناطق في الغوطة الشرقية، رغم كونها منطقة خفض توتر، بموجب اتفاق توصلت إليه موسكو وطهران حليفتا دمشق، وأنقرة الداعمة للمعارضة في آستانة في مايو (أيار) الماضي. وبدأ سريانه عملياً في الغوطة بيوليو (تموز) الماضي.
ورداً على هذا التصعيد، قصفت الفصائل المعارضة بالقذائف مناطق في دمشق، ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى. وتعاني الغوطة الشرقية، التي يعيش فيها نحو 400 ألف نسمة، من حصار خانق منذ عام 2013، ما أدى إلى نقص فادح في المواد الغذائية والمستلزمات الطبية.
وعلى وقع غارات النظام، تستأنف في جنيف يوم الثلاثاء المقبل المفاوضات حول النزاع السوري، وتأمل الأمم المتحدة بأن يشكل وجود وفد موحد للمعارضة السورية للمرة الأولى، فرصة لإنجاح هذه المفاوضات التي سبق أن أخفقت في التوصل إلى تسوية.
ولم تحقق المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة لحل الأزمة التي تسببت بمقتل أكثر من 340 ألف شخص منذ عام 2011 الكثير خلال سبع جولات سابقة، فطغت عليها إثر ذلك تحركات دبلوماسية منفصلة تقودها روسيا وتركيا وإيران.
وأعرب موفد الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا الذي يصف نفسه بأنه «متفائل دائما»، إذ يشير إلى وجود تقدم تدريجي حتى حينما يتحدث آخرون عن طريق مسدود، عن أمله بأن تشكل الجولة الثامنة التي تبدأ الثلاثاء أول «مفاوضات حقيقية».
وسيتعين على طرفي النزاع تجاوز العقبة التي أدت إلى خروج محادثات سابقة عن مسارها وهي مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد.
وقال دي ميستورا، وهو دبلوماسي حذر بطبعه، للهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطراف واسعة من المعارضة السورية إن مطلبها برحيل الأسد قد لا يكون أمرا ممكنا. وأشار في سبتمبر (أيلول) إلى أن على الهيئة العليا للمفاوضات أن تكون «واقعية» وتدرك بأنها «لم تربح الحرب»، في تصريحات أثارت حفيظة المعارضة.
وخلال لقاء عقد في العاصمة السعودية هذا الأسبوع، اتفقت تيارات متباينة من المعارضة السورية على إرسال وفد موحد إلى جنيف.
وانضمت مجموعات من المعارضة تتخذ من موسكو والقاهرة مقرات لها ولديها نهج أقل تشددا حيال مستقبل الأسد إلى الهيئة العليا للمفاوضات.
واستبقت شخصيات معارضة بارزة انطلاق مؤتمر الرياض بإعلان استقالتها من الهيئة العليا للمفاوضات، في مقدمها منسقها العام رياض حجاب الذي استقال «أمام محاولات خفض سقف الثورة وإطالة أمد نظام بشار الأسد».
واختارت الهيئة الجمعة نصر الحريري لترؤس وفدها المكون من 36 عضوا إلى جنيف.
وأصر الحريري الذي كان المفاوض الرئيسي عن الهيئة خلال جولات سابقة على ضرورة تنحية الأسد، في حين لم تظهر أي إشارات فورية إلى أن تكتل المعارضة الجديد سيتراجع عن موقفه حيال الرئيس.
وطغت على الجهود الأممية خلال الأشهر الأخيرة مبادرات منفصلة تولتها روسيا في الغالب.
ورعت روسيا وإيران حليفتا دمشق، وتركيا التي تدعم فصائل معارضة سورية، مفاوضات جرت في آستانه وأثمرت عن إقامة أربع مناطق «خفض توتر» ساعدت في تراجع العنف ميدانياً، رغم استمرار القصف الجوي والمعارك في بعض المناطق.
وهذا الأسبوع، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى عقد «مؤتمر وطني سوري» يضم ممثلين عن النظام السوري والمعارضة، وهو اقتراح دعمته أنقرة وطهران.
وتؤكد الأمم المتحدة من جهتها أن محادثات آستانه تتكامل مع مفاوضات جنيف.
واعتبر بوتين أن المؤتمر الذي اقترحه سيشكل «حافزا» لجنيف.
وبالنسبة لرئيس مجلس السياسة الخارجية والدفاعية الروسي فيودور لوكيانوف، ستكون جهود موسكو الدبلوماسية بشأن سوريا بلا معنى «ما لم يتم إقرارها من قبل المنظمات الدولية، بدءا من الأمم المتحدة». وأصر على أنه «لا شيء سينجح» إلا إذا حصل على الموافقة في جنيف.
وكان جون كيري، وزير خارجية الرئيس السابق باراك أوباما، أجرى زيارات متكررة إلى المدينة السويسرية لدعم المفاوضات الأممية.
أما وزير الخارجية الحالي ريكس تيلرسون فأجرى زيارته الأولى إلى جنيف الشهر الماضي، حيث أعلن عقب لقائه دي ميستورا أن «حكم عائلة الأسد اقترب من نهايته».
ورغم أن التصريح يشي بتشدد في لهجة واشنطن حيال النظام السوري، فإنه من غير الواضح إلى أي درجة ستسعى الولايات المتحدة للتأثير على شكل المفاوضات المقبلة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.