أفريقيا... هل حان وقت التغيير؟

تساؤلات حول الحكام المسنين في القارة السمراء بعد الإطاحة بموغابي

احتفالات في شوارع جنوب أفريقيا بعد إعلان روبرت موغابي استقالته (رويترز)
احتفالات في شوارع جنوب أفريقيا بعد إعلان روبرت موغابي استقالته (رويترز)
TT

أفريقيا... هل حان وقت التغيير؟

احتفالات في شوارع جنوب أفريقيا بعد إعلان روبرت موغابي استقالته (رويترز)
احتفالات في شوارع جنوب أفريقيا بعد إعلان روبرت موغابي استقالته (رويترز)

لا يبدو أن معظم الزعماء والرؤساء الأفارقة الذين رأوا مشهد الإطاحة بزميلهم السابق روبرت موغابي من السلطة في زيمبابوي بعد 37 عاماً أمضاها على مقاعد الحكم، يستوعبون المشهد تماماً.
في نيجيريا، يواجه الرئيس محمد بخاري تمرداً داخل حزب «مؤتمر كل التقدميين» الحاكم، الذي استقال منه أول من أمس، نائبه وحليفه السابق عتيق أبو بكر، معلناً أن الحزب خذل الشعب، وأنه يعتزم خوض الانتخابات الرئاسية المقررة في فبراير (شباط) 2019.
لكن ناصر الرفاعي حاكم ولاية كادونا الواقعة في شمال نيجيريا، قال في المقابل، إن غالبية حكام الولايات في البلاد المنتمين للحزب الحاكم سيدعمون أي محاولة من بخاري للترشح لولاية جديدة، معرباً، بعد اجتماع مع بخاري في العاصمة أبوجا، عن أمل الحزب في أن يكون بخاري مرشحه في الانتخابات المقبلة.
الثلاثاء المقبل، سوف يناقش البرلمان الأوغندي مجدداً تعديلاً دستورياً لتمديد حكم الرئيس يورى موسيفيني الذي ما زال يتربع منفرداً على السلطة منذ عام 1986، بينما لا يسمح الدستور بأن يكون الرئيس أكبر من 75 عاماً لدى ترشحه، فإن موسيفيني إذا ما قرر الترشح للانتخابات المقبلة عام 2021، سيبلغ 76 عاماً. الحل دائماً يسيرٌ لدى هؤلاء الذين لا يمنحون الاهتمام الكافي للدستور. ووصف موسيفيني سلوك نواب حزبه الحاكم الذين اعترضوا على رفع الحد الأدنى لسن الرئاسة، بأنه «التطفل» قبل أن يقول أحد مؤيديه نصاً: «أرسل الرئيس موسيفيني من قبل الله لتحرير أوغندا، والبلاد في خطر وستصبح غير مستقرة إذا ترك السلطة». ووصف موسيفيني 4 أعضاء في البرلمان تمردوا على توليه السلطة مجدداً، بأنهم مجرد «طفيليات» لم تسهم في الآيديولوجية الوطنية وتحرير البلاد واستعادة الاقتصاد وتوطيد والسلام أو ما يصفه بـ«التنمية العظيمة التي حققتها البلاد». لكن النواب وهم مونيكا أمودينغ، وثيودور سيكيكوبو، وبارناباس تينكاسيميير، ومبواتيكاموا فاغا، وصفوا في المقابل تعليقات الرئيس بأنها «مسيئة». من أجل إتاحة الفرصة لموسيفيني للترشح مجدداً، وافقت ربيكا كاداجا رئيسة البرلمان، على إجراء مزيد من المشاورات بشأن مشروع قانون التعديل الدستوري الذي يسعى، في جملة أمور، إلى رفع حد السن الرئاسي. وتم منح النواب أكثر من 20 يوماً لدراسة مشروع القانون، بينما نقلت تقارير صحافية محلية أنه سيتم منح المشرعين فرصة للسفر خارج البلاد للتشاور.
وتقوم لجنة برلمانية حالياً ببحث مشروع التعديل الدستوري رقم 2 الذي يسعى، في جملة أمور، إلى تعديل المادة 102 لرفع حد السن الرئاسي، بينما اتفق أعضاء اللجنة على أن الاجتماع يكون أولاً بالرئيس موسيفيني بصفته مرشحاً رئاسياً سابقاً قبل أن يبدأوا في تجميع تقريرهم. ورفض أوكيلو أورييم وزير الدولة الأوغندي للشؤون الخارجية عقد أي مقارنات مع زيمبابوي، قائلاً إن الإطاحة بموغابي تمت نتيجة تدخل غربي. وقال لـ«رويترز»: «أجهزة المخابرات الغربية عملت ليلاً ونهاراً لإسقاط زيمبابوي... ضغط المواطنين في زيمبابوي لن يفلح إلا عندما يسمح به الجيش».
لكن زعيماً آخر للمعارضة في أوغندا هو أسومان باساليروا حذر من أن زعماء الدول الذين يرفضون التنحي يجازفون بإسقاط بلدانهم في هوة الصراعات. وأضاف أن التدخل العسكري لإنهاء الديكتاتوريات لا يفضي في النهاية سوى لمزيد من القمع، وهو أمر يخشى كثيرون أن يكون بانتظار زيمبابوي. وقال باساليروا: «حان الوقت لإرساء قواعد الديمقراطية في القارة. من لم يختبروا ما حدث في مصر وتونس وليبيا والآن زيمبابوي عليهم فقط انتظار دورهم، لأن الدور حتماً سيأتي عليهم». ومع ذلك، وبعد ساعات فقط من إجبار رئيس زيمبابوي روبرت موغابي على التنحي عن السلطة، كان موسيفيني وهو زعيم ميليشيا سابق آخر يجلس على كرسي السلطة منذ أكثر من 3 عقود، يكتب تغريدات على موقع «تويتر» تتحدث عن زيادة أجور الموظفين العموميين، وآفاق مشرقة للطواقم التي تشغل الدبابات في الجيش. في المجمل، يرفض أنصار الزعماء الأفارقة الذين يشغلون مناصبهم منذ فترات طويلة عقد مقارنات مع زيمبابوي حيث يوشك النائب السابق للرئيس، الذي أقيل في صراع على السلطة مع زوجة موغابي، أن يتولى السلطة بدعم من الجيش والشعب. لكن «تغريدات» موسيفيني البالغ من العمر 73 عاماً، التي جاءت في ظل تزايد الغضب من محاولاته إطالة أمد حكمه، توحي بأنه واحد من عدة زعماء أفارقة يتساءلون عن استقرار أوضاعهم.
وموسيفيني هو واحد من أطول حكام أفريقيا بقاء في السلطة. ومن بين هؤلاء رئيس غينيا الاستوائية تيودورو أوبيانج الذي يشغل منصبه منذ 38 عاماً، والرئيس الكاميروني بول بيا الذي يحكم بلاده منذ 35 عاماً، ورئيس الكونغو دينيس ساسو نجيسو الذي يحكم البلاد لفترتين مجموعهما 33 عاماً.
وتحكم أسرة جناسينجبي إياديما توغو منذ نصف قرن، كما تدير أسرة كابيلا جمهورية الكونغو الديمقراطية منذ أن وصل لوران كابيلا إلى السلطة في عام 1997. وخلفه ابنه جوزيف في 2001.
وفي الكاميرون ألغى بيا القيود على فترات الولاية وشن حملة ضد المعارضة. وفي الكونغو سجن نجيسو زعيماً للمعارضة هذا العام لاحتجاجه على إزالة القيود عن فترات الرئاسة.
ونقلت «رويترز» عن فرانك إيسي الأمين العام لحزب الشعب الكاميروني المعارض، أن حركات المعارضة تراقب عن كثب الأحداث في زيمبابوي، وقال: «على الزعماء أن يطبقوا آليات لتحول ديمقراطي وسلمي يسمح بوجود قيادة جديدة. إذا لم يفعلوا ذلك فآجلاً أو عاجلاً سيستيقظ الناس الذين يشعرون بالاختناق». وشهدت بعض الدول تغييراً بالفعل، فقد أطيح برئيس بوركينا فاسو بليز كومباوري في احتجاجات في 2014، بينما كان يحاول تغيير الدستور لتمديد حكمه المستمر منذ عقود.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي هرب حاكم غامبيا يحيى جامع، بعد الضغط عليه لإنهاء حكمه الذي استمر 22 عاماً. وتنحى رئيس أنغولا خوسيه إدواردو دوس سانتوس هذا العام بعد 4 عقود في السلطة. وأبعد خليفته الذي اختاره بنفسه بعضاً من أهم حلفاء دوس سانتوس. وبالنسبة لكثير من الدول، فإن تحول ولاء القوات المسلحة على غرار ما حدث في زيمبابوي أو حدوث انشقاق في الدوائر القريبة، يمثل واحداً من عدد قليل من السبل التي يمكن بها الإطاحة بالحكام من السلطة. وخرج مئات الآلاف في احتجاجات بتوغو هذا العام، داعين إلى نهاية حكم أسرة إياديما المستمر منذ نصف قرن، لكن الاحتجاجات لم تفضِ إلى شيء.
وتقول بريجيت أدجاماجبو جونسون، وهي مسؤولة كبيرة بالمعارضة في توغو، إنهم كانوا يأملون في تغيير في السلطة على غرار زيمبابوي، حيث ينحاز الجيش إلى جانبهم. وقالت: «كنا نود من جيش توغو أن يحارب بجانبنا. تأثرنا عندما شاهدنا جيش زيمبابوي وشعبها في الشوارع يرقصون. هذا ما نريده في توغو. سيكون هناك تغيير في زيمبابوي هذا العام، وسيحدث في توغو كذلك». وفي وسط أفريقيا، أرجأ كابيلا رئيس الكونغو، الانتخابات مراراً بعد أن رفض التنحي في نهاية فترة ولايته العام الماضي، الأمر الذي فجر احتجاجات مميتة. وكتب جان بيير كامبيلا نائب مدير مكتب كابيلا على «تويتر» يقول إن احتجاجات زيمبابوي هي خيال استعماري، مضيفاً: «مظاهرة مفبركة من وحي خيال من لا يقبلون تحرير أفريقيا. سيولد أكثر من موغابي. لا شيء يدعو للقلق».



​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
TT

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

استعادت جماعة «بوكو حرام» الموالية لـ«تنظيم داعش» الإرهابي، قدرتها على المبادرة والهجوم في مناطق مختلفة بشمال نيجيريا، وشنّت هجوماً استهدف قاعدة عسكرية تابعة للجيش، قُتل فيه خمسة جنود على الأقل، وأُصيب عشرة جنود، فيما قال الجيش إنه قتل أكثر من خمسين من عناصر الجماعة الإرهابية.

وقالت قيادة الجيش النيجيري في بيان، إن الهجوم الإرهابي الذي شنّه فرع من جماعة «بوكو حرام»، في غرب أفريقيا، استهدف القوات المتمركزة بموقع عمليات التثبيت بقرية «كاريتو»، بولاية بورنو، في أقصى شمال شرقي نيجيريا، على الحدود مع دولة النيجر.

البيان الصادر عن مدير الإعلام العسكري، اللواء إدوارد بوبا، قال إن الهجوم الإرهابي وقع بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع، ووصفه بأنه «كان منسقاً»، قبل أن يؤكد «مقتل خمسة جنود وإصابة عشرة آخرين بجروح، بالإضافة إلى فقدان أربعة جنود آخرين».

من عملية ضد جماعة «بوكو حرام» (أرشيفية متداولة)

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم قيادة الجيش إن «القوات المسلحة نجحت في القضاء على عدد من الإرهابيين، واستعادة أسلحة كانت بحوزتهم»، مشيراً إلى تكبد الجيش خسائر مادية «فادحة»، حيث إن منفذي الهجوم الإرهابي أحرقوا بعض المعدات «بما في ذلك شاحنة محملة بالأسلحة، وثلاث مركبات تكتيكية، وجرافة».

وأطلق الجيش النيجيري عملية تعقب بقيادة وحدة من قوات الدعم مع غطاء جوي، وقال إن الهدف هو «استكشاف المنطقة بشكل عام، ومسارات انسحاب الإرهابيين»، وفق تعبير البيان.

وتسعى القوات النيجيرية إلى قطع الطريق أمام منفذي الهجوم الإرهابي، بهدف استعادة الجنود المفقودين، في ظل توقعات بأن الإرهابيين «اختطفوهم» ليكونوا دروعاً بشرية تحميهم من أي قصف جوي.

صورة أرشيفية لهجوم شنّته جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا (رويترز)

الهجوم الإرهابي استهدف قرية «كاريتو»، التي لا تبعد سوى 153 كيلومتراً عن العاصمة الإقليمية مايدوجوري، وهي المقر الرئيس لـ«الكتيبة 149» التابعة للجيش النيجيري، التي تشارك بنشاط في عمليات محاربة الإرهاب، كما استهدف معاقل فرعي جماعة «بوكو حرام»، الموالية لتنظيمي «داعش» و«القاعدة».

وقالت قيادة الجيش النيجيري إن «هذا الهجوم لن يثني القوات المسلحة النيجيرية عن القضاء على الإرهاب والتمرد والتحديات الأمنية الأخرى التي تواجه البلاد»، وأعربت عن تعويلها على تعاون السكان المحليين في ملاحقة الإرهابيين.

وأعلن حاكم ولاية بورنو، باباغانا زولوم، عن وقوفه إلى جانب القوات المسلحة النيجيرية، وأضاف في بيان صحافي أن الهجوم «يعيد إلى الأذهان مستوى وحشية العناصر الإرهابية لجماعة (بوكو حرام)».

وبينما أعلن عدد من كبار قادة الجيش في نيجيريا عن انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»، والاقتراب من القضاء عليها بشكل نهائي، بدأت الجماعة تعيد ترتيب صفوفها، وإظهار قدرات جديدة على المبادرة والهجوم.

ففي حادث منفصل، نصب مسلحون من «بوكو حرام»، الثلاثاء، كميناً لفريق مراقبة من قوات الأمن والدفاع المدني النيجيرية، كان يتفقد منشآت الشبكة الوطنية للكهرباء والطاقة في إقليم النيجر التابع لنيجيريا.

مسلحو «بوكو حرام» خلَّفوا الخراب والدمار في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم قوات الأمن والدفاع المدني أفولابي باباوالي، إن خطوط الشبكة الوطنية للطاقة تعرضت مؤخراً لهجمات إرهابية تخريبية، وقد أسفرت عن انقطاع واسع للتيار الكهربائي في أقاليم شمال نيجيريا.

وأوضح المتحدث أنه «حينما كانت فرق الأمن تتفقد خطوط الشبكة الوطنية، تعرضت لهجوم إرهابي نفذه أكثر من 200 مسلح نصَبوا كميناً من قمة أحد التلال»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن المواجهات بين الطرفين «أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين إرهابياً، فيما يوجد سبعة جنود في عداد المفقودين».

وتتزامن هذه الهجمات الإرهابية المتفرقة، مع معارك طاحنة تجري منذ أسابيع ما بين جيش تشاد ومقاتلي «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، التي تُوصف بأنها «العمق الاستراتيجي» للتنظيم الإرهابي، حيث توجد قواعده الخلفية وسط الغابات والجزر المترامية في واحدة من أكبر المناطق الرطبة في أفريقيا.