أجواء الحرب تعود إلى دمشق... وسمائها

TT

أجواء الحرب تعود إلى دمشق... وسمائها

عادت أجواء الحرب إلى دمشق، حيث استفاق سكانها، صباح أمس، على أصوات قصف مدفعي وجوي عنيف على جوبر وحرستا شرق دمشق، حيث تدور «حرب أبنية»، مع تحليق للطيران الحربي في ساعات مبكرة من صباح أمس؛ وذلك وسط أنباء عن تواصل سقوط قذائف على أنحاء متفرقة وسط المدينة وفي محيطها منذ أكثر من أسبوع.
وعادت الحكومة إلى تطبيق برنامج التقنين الكهربائي لساعات طويلة بعد توقف دام لأكثر من شهرين كانت خلالها وزارة الكهرباء تبشر السوريين بانتهاء برنامج التقنين بسبب وفرة الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء، كواحدة من نتائج ما يروجه النظام بانتهاء الحرب و«الانتصار» على الإرهاب.
وقالت مصادر إعلامية معارضة إن «اشتباكات بين الثوار وقوات النظام جرت فجر السبت على جبهة جوبر لدى محاولة قوات النظام اقتحام المنطقة، بالتزامن مع قصف مدفعي وجوي كثيف». فيما أفاد الناشط الإعلامي المعارض إبراهيم الشامي «بصد مقاتلي المعارضة في جوبر اقتحام لقوات النظام مدعومة بالدبابات والمشاة».
من جانبها ذكرت صفحة «دمشق الآن» الموالية للنظام على موقع «فيسبوك» أن قوات النظام فرضت سيطرتها «على عدد من كتل الأبنية في جوبر» شرق دمشق.
وترددت أصوات الاشتباكات في الأحياء الشرقية، فيما استفاق سكان المدينة على صوت تحليق الطيران الحربي والقصف المدفعي المنطلق من جبل قاسيون مع أصوات سيارات الإسعاف، في تجدد لأجواء الحرب المشابهة خلال عامي 2012 و2013.
وعزز ذلك انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة بالتزامن مع موجة برد قارس، زادت الحمولات على شبكات الكهرباء. ويأتي ذلك بعد نحو شهرين من حالة انتعاش كهربائي ترافقت بتصريحات متفائلة للحكومة، ووعود بشتاء دافئ مع انتهاء برامج التقنين وذكريات التقشف المريرة. لكن مع أول منخفض جوي في موسم الشتاء الحالي، عادت وزارة الكهرباء لتطبيق برنامج التقنين لساعات طويلة وصلت في بعض مناطق ريف دمشق إلى أكثر من 18 ساعة. وبررت وزارة الكهرباء ذلك الارتباك بأنها تقوم بترميم مخازنها من الفيول «استعداداً للشتاء»، ولكن «الكميات المتوفرة حالياً لا تزال غير كافية لتغطية الذروة الشتوية، لذا قد تضطر الوزارة خلال فصل الشتاء إلى تطبيق برامج تقنين»، وإن سبب ارتباك ساعات التقنين هو «الارتفاع الكبير في الطلب على طاقة الكهرباء، واستجرار كميات كبيرة تفوق طاقة التوليد اليومية وكميات الغاز والفيول الموردة، إلى محطات التوليد».
وكان وزير الكهرباء محمد زهير خربوطلي وقع مع نظيره العراقي قاسم محمد الفهداوي، اتفاقية أولية لدراسة ربط الطاقة الكهربائية بين العراق وسوريا وإيران.
واتفق الجانبان خلال اجتماعهما في مبنى وزارة الكهرباء العراقية الخميس الماضي، على أن تقوم اللجان الفنية المختصة في البلدين بالاجتماع وتحديد المتطلبات اللازمة لغرض تنفيذ ما تم الاتفاق عليه واستكمال النقاشات مع الجانب الإيراني لوضع الصيغ النهائية لتبادل الطاقة، على أن يتم التوقيع النهائي للاتفاقية الشهر القادم بمدينة دمشق بين الوزارات الثلاث السورية والإيرانية والعراقية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.