إردوغان: سنؤسس نقاط مراقبة في عفرين... والاتصالات مع الأسد واردة

ناقش مع ترمب تسليح «الوحدات» الكردية

TT

إردوغان: سنؤسس نقاط مراقبة في عفرين... والاتصالات مع الأسد واردة

كشف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن اتفاق مع موسكو وطهران خلال قمة سوتشي التي عُقِدت في روسيا، الأربعاء الماضي، على نشر نقاط مراقبة في عفرين شمال حلب على غرار منطقة خفض التصعيد في إدلب، ولَمّح في الوقت نفسه إلى تغيير موقف تركيا من رئيس النظام السوري بشار الأسد، وإمكانية إجراء اتصالات معه في الفترة المقبلة.
ونقلت وسائل الإعلام التركية، أمس، تصريحات أدلى بها إردوغان للصحافيين خلال رحلة عودته من سوتشي، الأربعاء الماضي، بأن تركيا ستؤسس نقاط مراقبة في منطقة عفرين شمال غربي حلب، وأن «الاجتماع الذي عقدناه في سوتشي كان مهماً بالنسبة لنا من حيث معرفة موقف روسيا وإيران حول مدينة عفرين، وزملاؤنا سيواصلون عملهم لتأسيس نقاط مراقبة في عفرين أيضاً بعد أن عرفنا موقفهم أما نحن فسنواصل مسارنا بعزم».
وأوضح إردوغان أن البنية الديموغرافية في عفرين بدأت تعود إلى طبيعتها بعد عودة السكان الأصليين إلى المدينة، لافتاً إلى أن 50 في المائة من سكان عفرين عرب و30 في المائة أكراد، أما البقية فهم من التركمان والمجموعات الأخرى، وعندما يبدأ السوريون بالعودة من مخيمات اللجوء إلى هناك فستعود المدن إلى أصحابها الحقيقيين، وهذا الأمر ينطبق على إدلب أيضاً حيث ستعود البنية الديموغرافية فيها إلى ما كانت عليه سابقاً مع عودة سكان إدلب المقيمين في تركيا إلى هناك.
وسبق أن طرحت تركيا موضوع إقامة منطقة خفض توتر في عفرين على غرار المناطق الأربع الأخرى في سوريا كأحد البدائل لمنع تمدد النفوذ الكردي في شمال سوريا، كما أبقت خيار العمل العسكري مفتوحاً.
وعن الموقف الذي ستتخذه تركيا حال إشراك حزب الاتحاد الديمقراطي في العملية السياسية في سوريا، وعما إذا كان لديها خطة «ب» في هذه الحالة، قال إردوغان إن «خطة (ب) هي عدم جلوس ما سماه (المنظمات الإرهابية) على طاولة الحوار، وهذا ما أكدناه في سوتشي بوضوح، فنحن لن نجلس على طاولة يجلس عليها (تنظيم إرهابي)، وموقفنا واضح بهذا الشأن».
وتابع: «كما أننا لا نرحب بكيان قد يهدد بلادنا، ماذا سيفعل حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردية: ما نيتهم؟ نيتهم تأسيس كيان كردي شمال سوريا، ولا يمكننا نحن أن نقول لهم: (تفضلوا افعلوا ذلك... مبروك). وكما رأينا فإن الأسد أيضاً يعارض احتمال إقامة كيان في شمال سوريا».
ونفى الرئيس التركي حدوث أي اتصال مباشر أو غير مباشر بين بلاده والنظام السوري، حتى الآن، لكنه ترك الباب مفتوحاً أمام احتمال حدوثه في المستقبل، فيما يتعلق بحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
ورداً على سؤال حول إمكانية إجراء اتصال بين بلاده والنظام السوري فيما يتعلق بالموقف من الاتحاد الديمقراطي، قال إن «كل شيء يعتمد على الظروف. من غير المناسب القول (أبداً) بشكل عام، وزراء بن علي يلأبواب السياسة مفتوحة دائما حتى آخر لحظة».
وكان رئيس الوزراء بن علي يلدريم أعلن، بعد نحو شهرين من توليه رئاسة الحكومة في مايو (أيار) 2016 أن بلاده ستعمل على صيغة جديدة لتطبيع العلاقات مع الدول التي وقعت معها خلافات، ومنها مصر وسوريا والعراق، على غرار ما فعلت مع روسيا وإسرائيل.
وقال إردوغان إن نظيره الروسي فلاديمير بوتين نقل إليه وجهة نظر رئيس النظام السوري بشار الأسد حول حزب الاتحاد الديمقراطي، مؤكداً أن الأسد هو الآخر لا يرغب في مشاركة «هذا التنظيم» في مؤتمر الحوار الوطني السوري المزمع عقده قريباً في سوتشي.
وأشار إردوغان إلى أن أولوية الدول الثلاث (روسيا وتركيا وإيران) هي وقف إراقة الدماء في سوريا والانتقال إلى الحل السياسي، وجمع الأطراف في مؤتمر الحوار الوطني.
وعن احتمال مشاركة الولايات المتحدة كدولة ضامنة إلى جانب روسيا وتركيا وإيران في المرحلة المقبلة، قال إردوغان إن روسيا وتركيا وإيران «هي التي ستقرر ذلك في حال جاء طلب كهذا من واشنطن، ونحن متفقون على اتخاذ قرار مشترك حول إشراك أي دولة أو مؤسسة في العملية».
وعبر الرئيس التركي عن رغبته في بحث موضوع استمرار الولايات المتحدة بإرسال السلاح إلى الميليشيات الكردية في سوريا رغم زوال تنظيم داعش الإرهابي مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قائلاً: «من غير الممكن تحديد موعد لإسكات السلاح والإعلان عن انتهاء الحرب في هذه المرحلة، حيث أحرزنا تقدماً مع روسيا وإيران في (عملية آستانة) وينبغي أن نترقب ما تفعله وستفعله الولايات المتحدة وشركاؤها في التحالف الدولي للحرب على (داعش) خلال هذه المرحلة؛ فهي تواصل إرسال السلاح إلى سوريا بينما يتم اتخاذ خطوات محددة تجاه الحل».
وأضاف: «هناك مسألة إقامة قاعدة عسكرية في الرقة، وستكون هي القاعدة الرابعة عشرة التي تملكها أميركا في المنطقة، خمس منها قواعد جوية والبقية قواعد عسكرية عادية، وأرغب في مناقشة كل هذه المواضيع مع ترمب».
وناقش إردوغان وترمب في اتصال هاتفي أمس تطورات الملف السوري ونتائج قمة سوتشي الثلاثية التي عقدت الأربعاء الماضي في مدينة سوتشي الروسية بين الرؤساء التركي والروسي والإيراني. وقالت مصادر دبلوماسية تركية لـ«الشرق الأوسط» إن الاتصال تناول، إلى جانب العلاقات الثنائية، مسألة الدعم الأميركي للميليشيات الكردية في سوريا وتسليح وحدات حماية الشعب الكردية (الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري) والتعهدات الأميركية بوقف التسليح بعد انتهاء عملية الرقة والقضاء على وجود «داعش» فيها والنتائج التي تم التوصل إليها في قمة سوتشي والاتفاق على عقد مؤتمر الحوار الوطني السوري كخطوة على طريق الانتقال السياسي.
في السياق ذاته، اتهم وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو وحدات حماية الشعب الكردية (الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري) بممارسة «تطهير عرقي» في سوريا.
وقال جاويش أوغلو، عقب مشاركته في ندوة حول التحديات الأمنية في البحر المتوسط، عُقِدَت بالعاصمة الإيطالية روما، مساء أول من أمس، إن «هؤلاء ليسوا مع وحدة البلاد، ويسعون إلى تقسيم سوريا، إذ يهجّرون السكان من المدن العربية».
وأكد الوزير التركي ضرورة التفريق بين حزب الاتحاد الديمقراطي وذراعه العسكرية والأكراد السوريين، مبيناً أن الادعاء بأن الحزب يمثل الأكراد هو ادعاء خاطئ. ولفت إلى وجود عدة مجموعات تمثل أكراد سوريا، وشدّد على ضرورة عدم إشراك الاتحاد الديمقراطي في مؤتمر الحوار الوطني السوري المزمع عقده في روسيا. وقال نائب رئيس الوزراء التركي رجب أكداغ إن حل الأزمة السورية سيتم من خلال تغيير الدستور وإجراء الانتخابات وإحلال الديمقراطية. وقال في تصريحات للصحافيين في مدينة أرضروم شمال شرقي تركيا، أمس، إن نتائج «قمة سوتشي» الثلاثية تتوافق مع ما طرحته تركيا منذ بداية الأزمة السورية، مشدداً على أن تركيا مع وحدة الأراضي السورية، مضيفاً: «بتغيير الدستور، وترشح الأشخاص الأكفاء للانتخابات، وبإحلال الديمقراطية، نعتقد أن المسألة السورية ستُحلّ».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.