أزمة ائتلافية تعصف بحكومة نتنياهو بسبب خلافات مع اليمين المتشدد

TT

أزمة ائتلافية تعصف بحكومة نتنياهو بسبب خلافات مع اليمين المتشدد

انفجرت أزمة ائتلافية بحكومة إسرائيل اليمينية، أمس الجمعة، تمثلت بإعلان وزير الصحة، يعقوب ليتسمان، استقالته احتجاجاً على إصدار تصريح عمل في تصليح قطارات يوم السبت. وقال ليتسمان إنه التقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في ديوانه في القدس الغربية وأبلغه استقالته من منصبه، لأنه ليس مستعداً للجلوس في حكومة لا تحترم حرمة يوم السبت، الذي يعتبره المتدينون اليهود المتزمتون يوم عطلة إجبارية لا يجوز فيها لليهودي القيام بأي عمل غير اضطراري.
وقال رئيس كتل الائتلاف، ديفيد بيتان، إن الأزمة هذه المرة جدية وقد تؤدي فعلاً إلى انفجار الحكومة، «ولكن نحن لا نخاف من هذه الحركات وإذا احتجنا فسنتوجه إلى انتخابات مبكرة، وكلنا ثقة بأن نتنياهو سوف يركب الحكومة القادمة أيضاً».
وكانت هذه الأزمة قد بدأت تغلي منذ عدة شهور، إذ طلب وزير المواصلات السماح لمصلحة القطارات بإجراء أعمال التصليح الكبيرة في أيام السبت، حتى لا تضطر إلى إجرائها في أيام الدوام وتتسبب في أزمات ازدحام. وعلل طلبه بالقول إن تصليح الأعطال في أيام الدوام يضر بعشرات ألوف الجنود الذين يعودون من العطلة لأداء مهامهم في خدمة الأمن. لكن الحزبين الدينيين المتزمتين، «يهدوت هتوراه» و«شاس»، المشاركين في الائتلاف الحكومي رفضا هذا الموقف وهددا بالانسحاب من الائتلاف وإسقاط الحكومة في حال تنفيذه. وعللوا موقفهما بأن «العمل يوم السبت يغضب الله، وهذا أخطر من الخوف على الجنود من الازدحام».
وحاول وزير المواصلات، يسرائيل كاتس، تسوية الأزمة بجلب عمال عرب لإجراء التصليحات، ففي هذه الحالة لا يخرق اليهود حرمة السبت. لكنهم رفضوا. وقد أعلن وزير العمل والرفاه، حاييم كاتس، وهو أيضاً من الليكود، صباح أمس، أنه أعطى الإذن باستئناف العمل في تصليح القطارات السبت (اليوم)، وقال إنه «بعد دراسة معمقة، أذنت بإجراء الأعمال الأساسية، لضمان سلامة حركة السكك الحديدية». وأضاف أن «القرار جاء بعد الأخذ بعين الاعتبار مشاعر المتدينين من جهة والحفاظ على روتين مستخدمي القطار يوم الأحد من جهة أخرى».
وعندها أعلن ليتسمان، الوزير الممثل لحزب اليهود الأشكناز المتدينين، أنه سيتقدم باستقالته بشكل رسمي، غداً الأحد. وقال: «تحويل يوم السبت إلى يوم الترميمات القومي لقطارات إسرائيل، مناقص للاتفاقيات بيننا، ويشكّل استهدافاً خطيراً لتقاليد إسرائيل ومساساً فظيعاً بقيمة قدسيّة السبت».
وقد أعلن حزب الليكود، أمس، أنه يحاول التوصل إلى حل وسط مع ليتسمان، بحيث يستقيل الوزير من الحكومة، على أن يستمر حزبه ضمن الائتلاف. وأبدى ليتسمان استعداداً لمثل هذه الإمكانية بشرط أن تكون مؤقتة، ويتم لاحقاً منع العمل أيام السبت. وهكذا، بقيت القضية متفجرة.
ومن جهة نتنياهو، فقد باشر مساعدوه بث إشاعات تقول إنه لا يخاف الانتخابات المبكرة في حال تفاقم الأزمة. وقد فهمت الأحزاب الدينية من هذا أنه يفتعل هذه الأزمة بالذات لكي يبكر موعد الانتخابات. وقال أحد النواب البرلمانيين من حزب ديني: «أخشى ما أخشاه أن يكون نتنياهو يسعى لتقديم موعد الانتخابات، باعتبار أن هذه أفضل وسيلة تجعله يتهرب من استمرار التحقيقات في قضايا الفساد المتورط فيها».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.