رحيل خفاجي... ‏رمز الأغنية الوطنية ومؤلف النشيد الوطني السعودي

شاعر الوطن إبراهيم خفاجي في مناسبة خاصة مع فنان العرب محمد عبده (تصوير: غازي مهدي)
شاعر الوطن إبراهيم خفاجي في مناسبة خاصة مع فنان العرب محمد عبده (تصوير: غازي مهدي)
TT

رحيل خفاجي... ‏رمز الأغنية الوطنية ومؤلف النشيد الوطني السعودي

شاعر الوطن إبراهيم خفاجي في مناسبة خاصة مع فنان العرب محمد عبده (تصوير: غازي مهدي)
شاعر الوطن إبراهيم خفاجي في مناسبة خاصة مع فنان العرب محمد عبده (تصوير: غازي مهدي)

ودعت السعودية شاعر الوطن إبراهيم خفاجي أمس بعد صراع مع المرض لم يمهله طويلاً. حيث ووري ثرى مقبرة المعلاة في مكة بعد صلاة الجمعة بالحرم الملكي، عن عمر يناهز 91 عاماً.
الخفاجي الذي ولد في مكة المكرمة عام 1926، بدأت موهبته الشعرية منذ وقت مبكر قبل أن يرحل تاركاً إرثاً فنياً ستردده الأجيال لسنوات طويلة، حيث كان أول نص شعري له «يا ناعس الجفن»، فيما بدأ حياته التعليمية بمدرسة الفلاح بمكة المكرمة قبل التحاقه بمدرسة اللاسلكي وتنقله في كثير من الوظائف، قبل أن يحال للتقاعد بعد 25 عاماً من العمل الحكومي.
وشيعت الأوساط الثقافية من شعراء ومسرحيين وفنانين وإعلاميين ونخب ثقافية، الشاعر الذي كتب النشيد الوطني السعودي ومجموعة من القصائد الوطنية والغنائية التي تغنى بها كبار الفنانين في الوطن العربي، وسط حالة من الحزن خيمت على رفاق دربه الذين قدموا أيضاً من مدينتي جدة والطائف لتقديم واجب العزاء لأسرته.
بدوره، قال الدكتور عبد الله بن رفود السفيان، نائب رئيس اللجنة الثقافية والإعلامية في مجلس الشورى السعودي، إن الوطن فقد برحيل خفاجي أحد أبنائه البررة الذين قدموا برهم للوطن في كلمات غنيناها صغاراً ونحضر بها الآن في المحافل الدولية كباراً.
وأضاف: «نشيدنا الوطني الذي صاغته أنامل الروح في أعماق الشاعر الكبير إبراهيم خفاجي ظلت لوحة من كلمات وترانيم تشكل هويتنا وننظر من خلالها للسماء مرددين (سارعي للمجد والعلياء)»، وأضاف: «رحم الله فقيدنا الغالي وعظم أجر الوطن فيه وألهم محبيه وذويه الصبر والاحتساب».
وأفاد السفياني بأن خفاجي نال وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى تكريماً له وتخليداً لذكراه، مؤكداً أنها فرصة مناسبة أن تتولى جمعيات الثقافة والفنون تكريماً ثقافياً فنياً للراحل بابتكار جائزة تحمل اسمه يتم خلال فعالياتها إطلاق موسم ثقافي فني لتطوير الشعر الغنائي والارتقاء بالكلمة فنياً ولغوياً، ولا نقول في نهاية هذا المطاف إلا أصدق الدعوات بأن يتغمد الله الفقيد بواسع رحمته وعظيم مغفرته وأن يفتح له أبواب الجنان ويلحقه بالصالحين الأخيار».
بدوره، قال الفنان حسن إسكندراني بصوت حزين إن نبأ وفاة فقيد الوطن، وفقيد الأسرة الفنية، والأدب السعودي ورحيل شاعر الوطن إبراهيم خفاجي، هو رحيل مؤلم لكل الفنانين، مؤكداً أن مشاعر الحزن خيم عليها ألم الوداع في مقبرة المعلاة.
وأضاف: «الراحل كان مخلصاً ومعطاءً لوطنه، وكان قريباً من أصدقائه وداعماً لهم، مشيراً إلى أنه كان مدرسة شعرية وفنية مستقلة وكان يدعم الشباب من خلال فسح المجال لهم، وكنا كل أسبوع نلتقي في أحدية الفنان جميل محمود، وكان آخر الأعمال التي غنيت بها من قصائده في سوق عكاظ، وعملت له كثيراً من الأغاني الوطنية مثل (حبيب الشعب) في الملك عبد الله، وأغاني عاطفيةً مثل أغنية (خليل وخليله)، وتغنى بأشعاره كبار الفنانين في الوطن العربي».
وأشار إسكندراني أن «خفاجي شاعر كبير، مهندس للكلمة والحرف، ودعنا فيه الشاعر الإنسان وكان يرفض أخذ أي مقابل كعائد من الأغاني التي من كلماته، وكان يقول إن ريع هذه الأعمال يجب أن يذهب للفقراء والمحتاجين».
من جانبه، قال الشاعر خالد قماش إن الوطن فقد شاعراً شكّل الوجدان الشعبي الغنائي ورسم خريطة طريق للأغنية المحلية، كتب للوطن بأنفاس حياته وللعشاق بنبضات روحه ورحل بهدوء دون ضجيج كعادة العظماء من الشعراء والنبلاء.
وأضاف: «رحل شاعر السلام والغمام والحمام... الشاعر الذي تردد ملايين الحناجر نشيده الوطني كل صباح... وشكل ثنائيات غنائية بأعمال خالدة مع عمالقة الطرب ومن أشهرهم الفنان الراحل طلال مداح».
واستطرد قماش: «رحل الخفاجي وبقيت ذكراه عاطرة وفاخرة، وما نرجوه ألا يمر رحيله مرور الغمام ويتحول إلى رقم عابر في ذاكرة التاريخ، بل أطالب وزارة الإعلام بتوجيه الجهات المعنية بتسمية شارع رئيسي أو ميدان كبير أو قاعة في أحد فروع جمعية الثقافة والفنون باسمه تكريماً له ولعطاءاته الجليلة».
خفاجي الذي تغنى دوماً بحب وطنه بكثير من القصائد، لتتغنى به ألسنة السعوديين طوال تسعة عقود، حيث كانت أبرز قصائده النشيد الوطني الذي يردد كل صباح في المدراس التعليمية وفي المحافل الرسمية، بينما لم يتوقف مداد قلمه عن الكتابة حتى آخر أيامه.
وتعود قصة النشيد الوطني «سارعي للمجد والعليا»، وفقاً للقاءات سابقة للشاعر الراحل لزيارة رسمية قام بها الملك خالد بن عبد العزيز «رحمه الله» إلى مصر، واستقبله وقتها الرئيس محمد أنور السادات، وأثناء ذلك أعجب الملك خالد بكلمات النشيد الوطني المصري، وحينها لم يكن هناك نشيد وطني متعارف عليه للمملكة، فسأل الملك خالد وزير إعلامه المرافق له في الزيارة محمد يماني: «لماذا لا يصاحب السلام الملكي السعودي نشيداً وطنياً؟ لتبدأ ولادة الفكرة والبحث عن مؤلف له».
وكان الأمير عبد الله الفيصل (يرحمه الله) هو من اقترح على القيادة السعودية آنذاك تكليفَ الشاعر المكي إبراهيم خفاجي بكتابة النشيد، لمعرفته الشخصية بقدرة خفاجي على ذلك، فيما صادف أن خفاجي كان يقضي إجازته في القاهرة، فبحث عنه السفير السعودي لدى مصر آنذاك أسعد أبو النصر، وعندما اهتدى إلى عنوانه ترك له إشعاراً بمراجعة السفارة السعودية في القاهرة لأمر مهم، وما إن علم خفاجي بالرغبة الكريمة وتشريفه بهذه المهمة الوطنية، حتى استعد لها، ولكن شاءت إرادة الله تعالى أن ينتقل الملك خالد إلى رحمة الله فتأخر تنفيذ الفكرة.
يقول الشاعر الراحل خفاجي أنه أبلغ عن رغبة الملك فهد بن عبد العزيز (يرحمه الله) الشروع في تنفيذ الفكرة، وبلّغه اشتراط الملك فهد أن يكون النشيد خالياً من اسم الملك، وألا تخرج كلمات النشيد عن الدين والعادات والتقاليد.
مكث خفاجي بعدها ستة أشهر في إعداد نص النشيد، ثم سلّم النص للموسيقار السعودي سراج عمر، الذي كُلّف بتركيب نص النشيد وتوزيعه على موسيقى السلام الملكي، وقد كان «علي الشاعر» قد أصبح وزيراً للإعلام السعودي خلفاً للدكتور يماني، فقدم له نص النشيد في صورته النهائية، فقام بدوره وقدمه للملك فهد بن عبد العزيز الذي أجازه بعد سماعه له وإعجابه به، وأمر بتوزيع نسخ منه على جميع سفارات السعودية، وإثر ذلك منح الملك فهد، الشاعر إبراهيم خفاجي، شهادة البراءة والوسام الملكي الخاص بذلك.
ومن اللافت أن يوم الجمعة أول أيام عيد الفطر المبارك 1404هـ كان هو يوم ميلاد نشيدنا الوطني الحالي، وقد سمعه الشعب السعودي والعالم بعد أن بثته إذاعة وتلفزيون المملكة في افتتاحية برامجهما ذلك اليوم.



لماذا نحتاج إلى التوقف عن شراء الملابس؟

عارضة أزياء تعرض إبداعات المصممة الإسبانية أجاثا رويز دي لا برادا خلال  أسبوع كيتو للموضة (إ.ب.أ)
عارضة أزياء تعرض إبداعات المصممة الإسبانية أجاثا رويز دي لا برادا خلال أسبوع كيتو للموضة (إ.ب.أ)
TT

لماذا نحتاج إلى التوقف عن شراء الملابس؟

عارضة أزياء تعرض إبداعات المصممة الإسبانية أجاثا رويز دي لا برادا خلال  أسبوع كيتو للموضة (إ.ب.أ)
عارضة أزياء تعرض إبداعات المصممة الإسبانية أجاثا رويز دي لا برادا خلال أسبوع كيتو للموضة (إ.ب.أ)

في الشهر الماضي، تصدرت مقدمة برنامج «بلو بيتر» السابقة وكاتبة قصص الأطفال البريطانية، كوني هوك، عناوين الأخبار عندما كشفت أنها لم تشتر أي ملابس منذ 20 عاماً.

وقالت هوك، أثناء الترويج لكتاب جديد عن العمل المناخي للأطفال: «كلما تقدمت في العمر، شعرت براحة أكبر في بشرتي، لقد أصبحت أكثر سعادة عندما اخترت الخروج من هذه الدائرة»، حسب موقع (الإندبندنت) البريطانية.

وكان السبب في جذب هذا الاهتمام لذلك التصرف هو أنه بالنسبة لمعظم الناس، فإن فكرة الامتناع عن شراء الملابس تعد شيئاً غير مألوف على الإطلاق، إذ إنه في ثقافتنا الحالية التي تتسم بالإفراط الكبير في الاستهلاك، لا يتم النظر إلى التوقف عن شراء الملابس باعتباره مجرد اختيار لأسلوب حياة، بل هو فعل تمرد جريء ومناهض للثقافة السائدة. وفيما يتعلق بالأزياء السريعة، وقد وصلنا الآن إلى النقطة التي باتت فيها جميع الأزياء تقريباً سريعة، بفضل التحول من مجموعات الأزياء الموسمية إلى الإصدارات المستمرة من العناصر الجديدة، فالأرقام كافية لجعل رأسك يدور، إذ إنه بحسب التقديرات، تنتج شركة «إتش أند إم» 25 ألف موديل جديد سنوياً، وتنتج شركة «زارا» 36 ألفاً، فيما تنتج شركة «شي إن» الرائدة في الصناعة 1.3 مليون، كما أنه وفقاً لأحد التقديرات، فإن الأخيرة تضيف بين 2000 و10 آلاف موديل جديد إلى موقعها الإلكتروني يومياً (للتوضيح، هذا هو عدد التصاميم فقط، وليس إجمالي العناصر).

ولذلك فإن حجم الملابس المُنتَجة الآن بات مذهلاً، فعلى مستوى العالم، يتم إنتاج نحو 100 مليار قطعة ملابس كل عام، ولنضع هذا في سياقه الصحيح، فإن عدد سكان كوكب الأرض لا يتجاوز 8 مليارات نسمة.

ويقول توم كريسب، وهو مدير برنامج الماجستير الخاص بالموضة المستدامة بجامعة فالموث، إن صناعة الأزياء، وما يرتبط بها من عادات شرائية وعلاقتنا بالملابس، شهدت تحولات سريعة في السنوات العشر إلى الخمس عشرة الماضية.

وقد أدى هذا النمو المستمر إلى تزايد حاجة لا تشبع إلى كل ما هو «جديد»، فقد ظهرت اتجاهات قصيرة الأمد لا تدوم سوى أيام معدودة فقط، وليس شهوراً، وأصبحت الملابس في الوقت نفسه رخيصة جداً لدرجة أن المستهلكين لم يعودوا يشترون قطعة واحدة ويتوقعون الاحتفاظ بها لعشر سنوات، بل يشترون خمس قطع للتخلص منها بعد ارتدائها مرتين أو ثلاثاً فقط.

وتشير تقديرات برامج الأمم المتحدة للبيئة إلى أنه في الفترة ما بين عامي 2000 و2014، بدأ الناس في شراء الملابس بنسبة 60 في المائة أكثر من ذي قبل، بينما ارتدوها لمدة نصف المدة التي كانوا يرتدونها فيها وفق معدل الاستهلاك السابق.