الأمم المتحدة تحذّر من تفاقم الوضع في غوطة دمشق

بعد غارة على عربين في غوطة دمشق أمس (أ.ف.ب)
بعد غارة على عربين في غوطة دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة تحذّر من تفاقم الوضع في غوطة دمشق

بعد غارة على عربين في غوطة دمشق أمس (أ.ف.ب)
بعد غارة على عربين في غوطة دمشق أمس (أ.ف.ب)

أعلن «برنامج الأغذية العالمي»، أمس، أن الوضع المأساوي الذي يعاني منه أهالي الغوطة الشرقية المحاصرة دفعهم إلى إطعام أطفالهم من القمامة، فيما رصدت حالات تسمم لمواطنين؛ بينهم أطفال ونساء، بمادة غذائية مجهولة، في مدينة زملكا. وقال «برنامج الأغذية» التابع للأمم المتحدة في تقرير له إن السوريين في منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة يعانون من نقص شديد في الغذاء لدرجة أنهم يأكلون القمامة ويجبرون أطفالهم على التناوب على تناول الطعام.
وجاء في التقرير أنه منذ سبتمبر (أيلول) الماضي اضطر نحو 174500 شخص في بلدة دوما بالمنطقة المحاصرة إلى اتباع «استراتيجيات تكيف» على الوضع الطارئ، موضحا: «يشمل ذلك تناول الطعام الذي انتهت صلاحيته وعلف الحيوانات والنفايات، والبقاء لأيام دون طعام، والتسول، والقيام بأنشطة شديدة الخطورة للحصول على طعام. وإلى جانب ذلك وردت تقارير عن وقوع كثير من حالات الإغماء بسبب الجوع بين أطفال المدارس والمدرسين».
وذكر التقرير أن 4 أشخاص على الأقل لقوا حتفهم من الجوع؛ بمن في ذلك طفل في دوما انتحر بسبب الجوع. واستند التقرير على مسح عبر الهواتف الجوالة ومعلومات من مصادر على الأرض.
وتحاصر قوات النظام منطقة الغوطة الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة منذ 2012 ولم تدخل أي قافلة إغاثة تحمل طعاما لدوما منذ حصلت على حصص من دقيق القمح في أغسطس (آب) الماضي.
ويقول التقرير إنه رغم أن المنطقة زراعية، فإن الأراضي التي تصلح للزراعة على مشارف الغوطة الشرقية إما على خطوط القتال أو يستهدفها قناصة، لافتا إلى أن معارك وقعت الأسبوع الماضي دمرت حصصا تم توزيعها في الآونة الأخيرة في أحد المخازن؛ الأمر الذي أدى لتفاقم أزمة نقص الغذاء. ورغم أن دمشق على بعد 15 كيلومترا فحسب؛ فإن 700 غرام من الخبز أغلى بخمس وثمانين مرة في الغوطة الشرقية.
وحذّر التقرير من تفاقم الوضع أكثر في الأسابيع المقبلة، متوقعا أن «ينفد مخزون الغذاء تماما وتتقلص استراتيجيات التكيف في المنازل بشدة نتيجة لذلك».
وتؤدي القيود التي يفرضها النظام إلى عدم قدرة «برنامج الأغذية العالمي» على توفير جزء من الغذاء المطلوب. وقال التقرير إن سلال الغذاء الأسرية تقسم على 6 أسر وإنها تشكّل المصدر الوحيد للطعام في منازل ربات البيوت المحتاجة. وأضاف: «بعض المنازل تلجأ إلى سياسة التناوب؛ حيث لا يتناول الأطفال الذين أكلوا الطعام أمس طعام اليوم، والعكس صحيح». ونسب التقرير إلى إحدى الأمهات في دوما القول إنها اضطرت إلى توزيع حصص الغذاء بالتناوب بين ابنتها البالغة من العمر 13 عاما وحفيديها اليتيمين اللذين يبلغان من العمر عامين وثلاثة أعوام. وتقول المرأة: «ابنتي تبكي كل مرة أغلق عليها بابها لأنها تعلم أن اليوم ليس دورها وستنام على معدة خاوية». وأمس وثّق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» وفاة طفلتين من عائلة واحدة، وإصابة نحو 25 آخرين بحالات تسمم متفاوتة الخطورة.
ونقل «المرصد» عن مصادر طبية وأهالي، قولهم إن التسمم حدث «نتيجة تناول مادة شبيهة بملح الطعام، كانت تباع في أسواق غوطة دمشق الشرقية على أنها ملح طعام، بينما لا تزال عمليات إسعاف بقية المصابين مستمرة من قبل الفرق الطبية في النقاط التي جرى نقل المصابين إليها».
ويأتي هذا بعد 7 أشهر من وقوع حادثة تسمم في الغوطة الشرقية أيضا بريف دمشق في منتصف أبريل (نيسان) الماضي.
من جهة أخرى، وفي خطوة من شأنها تنظيم الخدمات في درعا، وقع مجلس محافظة «درعا الحرة» جنوب سوريا مذكرة تفاهم مع «برنامج تطوير» الذي يديره مكتب «التمنية الدولية» البريطاني، بهدف تنسيق وإدارة المشروعات الخدمية التي ينفذها البرنامج في المحافظة.
وقال نائب رئيس المجلس عماد البطين في تصريح لموقع «سمارت» المعارض، إن الهدف من المذكرة هو ضبط العمل والتعاون بين الطرفين، خصوصا الشق المالي، حيث اتفقا على تمويل المشروعات من خلال المكتب المالي للمحافظة. وأضاف البطين أن مجلس المحافظة يشرف على تنفيذ جميع المشروعات التي ينفذها البرنامج بما في ذلك المشروعات التي يتم تنفيذها عبر المجالس المحلية للمدن والبلدات.
وأشار إلى أن المشروعات المحلية التي سينفذها البرنامج تأتي تلبية لمقترحات السكان من خلال عقد مؤتمرات أو لقاءات شعبية لتحديد احتياجاتهم، إضافة للمشروعات المركزية التي يقترحها مجلس المحافظة.
وينشط «برنامج تطوير» في مدن وبلدات طفس وجاسم ونوى في محافظة درعا، إضافة لنشاطه في مدن وبلدات بالقنيطرة وريف دمشق، بحسب البطين. وأنشأ مجلس محافظة «درعا الحرة» خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي مكتبا لتسيير شؤون المنظمات الإنسانية العاملة في المحافظة.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».