سنوات السينما

بيرت رينولدز لجانب قتيله في «خلاص»
بيرت رينولدز لجانب قتيله في «خلاص»
TT

سنوات السينما

بيرت رينولدز لجانب قتيله في «خلاص»
بيرت رينولدز لجانب قتيله في «خلاص»

Deliverance (1972)
لقاء أنطونيوني ـ نيكولسون في الصحراء العربية
في العام 1971 اختارت شركة وورنر المخرج البريطاني جون بورمان، لمهمة نقل رواية وضعها قبل عام واحد الشاعر الأميركي جيمس ديكي، (كانت روايته الأولى) إلى السينما. حكاية أربعة رجال من المدينة يصلون إلى واحدة من البلدات الصغيرة في ولاية جورجيا بسيارتين وفي البال خوض مغامرة اجتياز بعض أصعب أجزاء نهر تشاتوغا المدفون بين جبال عملاقة، والذي يلتوي بينها هادئاً ثم يهوى شلالاً عنيفاً إلى قعر سحيق. في بالهم أنّها الرحلة الأخيرة الممكنة لهم قبل أن يطمر السد المنوي إقامته هذا النهر اللغزي العميق.
يحمل الرجال الأربعة قوارب الكانو المستخدمة في الإبحار النهري وينطلقون. لكن قبل انطلاقهم، يتعرفون على أشخاص من قرية على ضفاف النهر منسية. يعزف صبي غريب المنظر على الطنبور ويبادله أحدهم العزف على الغيتار. بعد ذلك هم في الماء، حيث يعيشون مغامرتين متجانستين: واحدة مع النهر، وأخرى مع بعض رجال القرية الذين يريدون صيدهم.
في البداية كل شيء هادئ تماماً. والمخرج بورمان ينقل بصمت لا تقطعه سوى العبارات القليلة المتبادلة بين الرجال الأربعة. صمت ساحر لطبيعة ساكنة إلّا من صوت التجديف وبعض الطيور. هذا الصمت سينقلب إلى صخب لاحقاً. والرحلة الهادئة الوديعة في أحضان الطبيعة سيتخلّلها الرعب والقتل. وكل هذا يبدأ عندما يبتعد اثنان من الرجال هما إد (جون فويت) وبوبي (ند بيتي) بمركبهما عن المركب الآخر الذي يقوده لويس (بيرت رينولدز) وصديقه درو (روني كوكس).
فجأة يلتف حول إد وبوبي رجال غير متحضرين يهدّدون سلامتهما. وأحدهم (بل ماكيني) يغتصب بوبي. عند هذه اللحظة يصل لويس ويطلق سهماً قاتلاً باتجاه لويس. الباقون يهربون، لكنّهم يتوزعون بانتظار الفرصة السانحة للانقضاض.
هناك مشهد يلخص الحبكة القائمة على المجابهة بين أبناء المدينة وأبناء الجبال. درو يريد التوجه إلى البوليس للكشف عمّا حدث. لويس، أقوى الرجال بأساً، يرفض. درو يقول له: «لكنّه القانون»، فيصيح لويس، في وسط هذه المجاهل: «أين هو القانون؟!». وكل ذلك متبوع بتطورات لا أود الإفصاح عنها حتى لا أفسد الفيلم لمن يرغب.
إلى اليوم، ليس هناك من فيلم مغامراتي مشابه. «خلاص» مركّـب لا من مشاهد الخطر وحدها، بل من عناصر درامية تطرح وجدانيات وتضع الأخلاقيات على المحك. وبورمان يعزز ذلك بإدارة رائعة للشخصيات وللمكان وللإدارة البصرية.
بعد أعوام من تحقيق هذا الفيلم الذي أحبه النقاد معجبن، كشف كريستوفر ديكي (ابن الكاتب)، عن أن والده اقترح على وورنر إسناد الفيلم إلى المخرج سام بكنباه، متوخياً أنّه شاعر العنف الذي يستطيع معالجة هذا الموضوع على نحو صحيح. لكنّ وورنر أرادت جون بورمان بناءً على تحقيقه فيلمين جيدين سابقين، هما «بوينت بلانك» (1967)، و«جحيم في الباسيفيك» (1968).
خلاف طرأ بين المخرج وبين الكاتب خلال التصوير. الأخير (كونه المؤلف) أخذ يتدخل وبعد أيام تسبب في كهربة الجو، وفي النهاية استجاب لطلب المخرج في ترك موقع التصوير.
على ذلك، نرى المؤلف في نهاية الفيلم لاعباً شخصية «الشريف» الذي يحقق في الموضوع.
كل الممثلين الأربعة رائعون، والفيلم منحهم موقع قدم في أدوار رئيسية لاحقة، لكنّ القيادة هي لبيرت رينولدز في أحد أفضل أدواره. رينولدز قام ببعض مشاهد الخطر فكسر وركاً وضرب عنقه وكاد أن يغرق ثم كتب لاحقاً أنّه ندم على ذلك.
التصوير للراحل فيلموس زيغموند الذي عرف كيف يلتقط سمات الحياة البعيدة المنعزلة بكادرات تواكب، وبل تعزز، التشويق والغموض الناتج من المكان.


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
TT

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)

نظراً للزخم العالمي الذي يحظى به مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة، اختارت «استديوهات كتارا»، ومقرها الدوحة، أن تكشف خلاله الستار عن أول فيلم روائي قطري طويل تستعد لإنتاجه، وهو «سعود وينه؟»، وذلك في مؤتمر صحافي ضمن الدورة الرابعة من المهرجان، مبينة أن هذا العمل «يشكل فصلاً جديداً في تاريخ السينما القطرية».

ويأتي هذا الفيلم بمشاركة طاقم تمثيل قطري بالكامل؛ مما يمزج بين المواهب المحلية وقصة ذات بُعد عالمي، كما تدور أحداثه حول خدعة سحرية تخرج عن السيطرة عندما يحاول شقيقان إعادة تنفيذها بعد سنوات من تعلمها من والدهما، وهذا الفيلم من إخراج محمد الإبراهيم، وبطولة كل من: مشعل الدوسري، وعبد العزيز الدوراني، وسعد النعيمي.

قصة مؤسس «صخر»

كما أعلنت «استديوهات كتارا» عن أحدث مشاريعها السينمائية الأخرى، كأول عرض رسمي لأعمالها القادمة، أولها «صخر»، وهو فيلم سيرة ذاتية، يقدم قصة ملهمة عن الشخصية العربية الاستثنائية الراحل الكويتي محمد الشارخ، وهو مبتكر حواسيب «صخر» التي تركت بصمة واضحة في عالم التكنولوجيا، باعتبارها أول أجهزة تتيح استخدام اللغة العربية، وأفصح فريق الفيلم أن هذا العمل ستتم معالجته سينمائياً ليحمل كماً مكثفاً من الدراما والتشويق.

«ساري وأميرة»

والفيلم الثالث هو الروائي الطويل «ساري وأميرة»، وهو عمل فنتازي يتناول الحب والمثابرة، يتم تصويره في صحراء قطر، وتدور أحداثه حول حياة قُطّاع الطرق «ساري وأميرة» أثناء بحثهما عن كنز أسطوري في وادي «سخيمة» الخيالي، في رحلة محفوفة بالمخاطر، حيث يواجهان الوحوش الخرافية ويتعاملان مع علاقتهما المعقدة، وهو فيلم من بطولة: العراقي أليكس علوم، والبحرينية حلا ترك، والنجم السعودي عبد المحسن النمر.

رحلة إنسانية

يضاف لذلك، الفيلم الوثائقي «Anne Everlasting» الذي يستكشف عمق الروابط الإنسانية، ويقدم رؤى حول التجارب البشرية المشتركة؛ إذ تدور قصته حول المسنّة آن لوريمور التي تقرر مع بلوغها عامها الـ89، أن تتسلق جبل كليمنجارو وتستعيد لقبها كأكبر شخص يتسلق الجبل، ويروي هذا الفيلم الوثائقي رحلة صمودها والتحديات التي واجهتها في حياتها.

وخلال المؤتمر الصحافي، أكد حسين فخري الرئيس التنفيذي التجاري والمنتج التنفيذي بـ«استديوهات كتارا»، الالتزام بتقديم محتوى ذي تأثير عالمي، قائلاً: «ملتزمون بتحفيز الإبداع العربي وتعزيز الروابط الثقافية بين الشعوب، هذه المشاريع هي خطوة مهمة نحو تقديم قصص تنبض بالحياة وتصل إلى جمهور عالمي، ونحن فخورون بعرض أعمالنا لأول مرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؛ مما يعكس رؤيتنا في تشكيل مستقبل المحتوى العربي في المنطقة».