تحذيرات من استمرار وصف المسكنات القوية للأطفال

أدوية الكودايين تتحول إلى مورفين بمستويات أعلى مما لدى الكبار

تحذيرات من استمرار  وصف المسكنات القوية للأطفال
TT

تحذيرات من استمرار وصف المسكنات القوية للأطفال

تحذيرات من استمرار  وصف المسكنات القوية للأطفال

على الرغم من أن توصيات الجمعية الأميركية لطب الأطفال AAP وأيضاً إدارة الغذاء والدواء FDA أشارت إلى ضرورة عدم استخدام المسكنات القوية مثل «كودايين» على وجه التحديد، و«ترامادول» في علاج الأطفال، فإن الأطباء ما زالوا يستخدمون الكودايين في علاج الأم ما بعد العمليات الجراحية التي يتم إجراؤها للأطفال. وأشهر هذه العمليات هي استئصال اللوزتين.
ولمتابعة معدل الاستخدام قام فريق بحثي بنشر دراسة حديثة في منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الجاري في النسخة الإلكترونية من مجلة طب الأطفال Pediatrics، التي لاحظت أن الأطباء ما زالوا يستخدمون الكودايين. وعلى الرغم من الدراسة أشارت إلى تراجع معدلات الاستخدام، إلا أن التوصيات أكدت على ضرورة عدم الاستخدام التام، وليس تناقص المعدلات فقط.
مسكنات قوية
من المعروف أن الكودايين يدخل في تركيب عدد من الأدوية مثل أدوية نزلات البرد، خاصة المستحضرات الخاصة بتثبيط السعال. ولكن منذ فترة طويلة قدمت التوصيات بتجنب وصف هذه المستحضرات للأطفال، وذلك رغم فاعليتها في تثبيط السعال، حيث يقوم الدواء بتثبيط مركز السعال في المخ. وجاء هذا نظراً للأعراض الجانبية التي يمكن أن تحدث جراء تناولها وأهمها تثبيط الجهاز التنفسي بشكل كامل، وهو الأمر الذي تم الالتزام به بالفعل.
وأصبحت أدوية السعال التي تحتوى على الكودايين توصف للبالغين فقط، وبموجب وصفة طبية حتى لا يساء استخدامها، خاصة من قبل الأفراد الذين يتعاطون الأدوية المخدرة، حيث يلجأ هؤلاء الأشخاص إلى تناول جرعات كبيرة جدا لحدوث الأثر. وبعيداً عن أدوية السعال، يتم استخدام الكودايين كمسكن قوي لتخفيف الآلام الشديدة، وهو الأمر الذي يصعب على الأطباء تجنب استخدامه حتى الآن.
وأوضح الباحثون أن خطورة الكودايين تتضاعف في الأطفال ليس للمكون الدوائي نفسه حيث إن الكودايين في حد ذاته خامل ولا يسبب الأعراض الجانبية، ولكن تكمن المشكلة أنه يتحول بعد تناوله إلى مورفين في الجسم، ونظرا لسرعة التمثيل الغذائي الخاص به وتكسيره، أي تحلله، بشكل سريع، فإنه يكون موجوداً في الدم بتركيز أكبر من البالغين، وهو الأمر الذي يجعله فعالاً جداً في تأثيره وأيضاً يزيد من آثاره الجانبية التي من أهمها تثبيط عملية التنفس.
وأشارت الدراسة إلى أن نسبة الأطفال التي يتم إعطاؤهم الكودايين بعد عملية استئصال اللوزتين هي 5 في المائة، وقد تبدو هذه النسبة قليلة مقارنة بالنسب المستخدمة قبل تحذير FDA، ولكنها غير مقبولة بالنسبة للباحثين، ويجب أن يتم منع الاستخدام بشكل كامل، خاصة أن هناك بدائل آمنة الاستخدام في الأطفال مثل الاسيتامينوفين acetaminophen والايبيبروفين.
وصفات «شخصية»
وأشارت الدراسة إلى أن هناك فروقا شخصية تتعلق بأسباب جينية تجعل عملية تكسير الكودايين وتمثيله الغذائي تختلف من شخص إلى آخر، حيث إن هناك أشخاصا لديهم قابلية أعلى للتكسير أو عملية الإيض أكثر من غيرهم ultra - metabolizers مما يعنى أن تركيز المورفين في دم هؤلاء الأطفال سوف يكون أكبر كثيرا من الآخرين، مما يعرضهم لخطر مضاعف.
وليست هناك طريقة معينة لمعرفة إذا كان الطفل من هذه الفئة الأعلى تكسيرا من عدمه، ولذلك يجب تجنب العقار من الأساس، وهو ما انعكس فعليا على نسب استخدامه، حيث كانت نسب استخدام الكودايين بعد إجراء استئصال اللوزتين تصل إلى 31 في المائة في عام 2010، وانخفضت إلى 5 في المائة فقط بعد عام 2015. ويأمل الباحثون أن تنخفض هذه النسبة إلى الصفر. ولكن ما يعوق الوصول إلى التوقف التام هو أن بعض الأطباء ليس لديهم ثقة كبيرة في المسكنات العادية في معالجة الآلام القوية التي تصاحب العمليات الجراحية، مما يدفعهم مرغمين إلى استخدام الكودايين على الرغم من معرفتهم بخطورته.
وحذرت الدراسة من ضرورة التعامل مع الكودايين بحرص، وأنه حتى في حالة وصف عقار يحتوي عليه سواء كمسكن أو كمثبط للسعال يجب استخدامه حسب الجرعة المقررة وليس كالمعتاد، بمعنى أن استخدام أدوية السعال التي تحتوى على الكودايين يمكن أن تكون مرة أو مرتين فقط في اليوم، ويتم إيقافه في المدة المحددة من الطبيب وليس فجأة. ويجب على الأم ألا تعيد تكرار العلاج إذا تكرر العرض نفسه، كما يجب على الأم أن تقوم برج الزجاجة جيدا قبل كل استعمال وليس لمرة واحدة فقط، كما يجب أن تقوم باستخدام الملعقة الخاصة بالعقار والتي تكون محددة الجرعات بالمليلتر، ولا تستخدم الملاعق العادية الموجودة بالمنزل لتفادي زيادة الجرعة حتى ولو بمقدار بسيط.
ويجب على الأم أن تخبر الطبيب في حالة حدوث دوار للطفل أو إذا زاد معدل نوم الطفل أكثر من المعتاد أثناء تناول الكودايين أو في حالة ملاحظة أن التنفس أصبح بطيئا بشكل يمكنها ملاحظته، كما يجب على الأمهات أنفسهن عدم تناول الأدوية التي تحتوى على الكودايين أثناء الرضاعة الطبيعية، حيث إنه حتى الجرعة الصغيرة التي يمكن أن تصل إلى الطفل أثناء الرضاعة ربما تتسبب في بعض الأعراض الجانبية.
وأيضا يجب إخبار الطبيب في حالة بعض الأطفال الذين يعانون من حدوث اختناق أثناء النوم جراء توقف التنفس sleep apnea، حيث إن تناول الكودايين في هذه الحالة يكون شديد الخطورة. وفي النهاية شددت الدراسة على حتمية الاستغناء عن استخدام الكودايين في الأطفال خاصة أن النتائج التي يحققها في العلاج يمكن تعويضها، سواء قدرته كمسكن أو كمثبط للسعال.
* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك تمارين النهوض بالرأس من التمارين المنزلية المعروفة لتقوية عضلات البطن

لماذا قد تُغير ممارسة التمارين الرياضية لساعتين في الأسبوع حياتك؟

نصح أستاذ أمراض قلب بجامعة ليدز البريطانية بممارسة التمارين الرياضية، حتى لو لفترات قصيرة، حيث أكدت الأبحاث أنه حتى الفترات الصغيرة لها تأثيرات قوية على الصحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

خلصت دراسة إلى أن عادات العمل قد تهدد نوم العاملين، حيث وجدت أن الأشخاص الذين تتطلب وظائفهم الجلوس لفترات طويلة يواجهون خطراً أعلى للإصابة بأعراض الأرق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل يحضّر فنجانين من القهوة بمقهى في كولومبيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

ما أفضل وقت لتناول القهوة لحياة أطول؟... دراسة تجيب

أشارت دراسة جديدة إلى أن تحديد توقيت تناول القهوة يومياً قد يؤثر بشكل كبير على فوائدها الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

دراسة: التوتر النفسي يزيد من حساسية الجلد

التوتر النفسي يحد من قدرة الخلايا المناعية المتخصصة  (أرشيفية)
التوتر النفسي يحد من قدرة الخلايا المناعية المتخصصة (أرشيفية)
TT

دراسة: التوتر النفسي يزيد من حساسية الجلد

التوتر النفسي يحد من قدرة الخلايا المناعية المتخصصة  (أرشيفية)
التوتر النفسي يحد من قدرة الخلايا المناعية المتخصصة (أرشيفية)

اكتشف باحثون أدلة جديدة تساعد في فهم كيف يمكن للتوتر والضغط النفسي أن يزيدا من حساسية الجلد. ووجد الباحثون في دراسة منشورة بدورية (جورنال أوف أليرجي آند كلينيكال إيميونولوجي) أن التوتر يعمل على تعطيل الوظائف المناعية والتدخل في استجابة الجسم للالتهاب.

الدراسة التي أجريت على الفئران أظهرت أن التوتر النفسي يحد من قدرة الخلايا المناعية المتخصصة التي تسمى الخلايا البلعمية المضادة للالتهابات على إزالة الخلايا الميتة في موقع الحساسية. وقال الباحثون إن تراكم الخلايا الميتة في الأنسجة يزيد من تسلل الخلايا المناعية المسماة الخلايا الحمضية، مما يرفع مستوى الاستجابة التحسسية، ومن ثم يؤدي إلى زيادة الشعور بالحساسية.

ذاكرة الضغط النفسي

وقال الدكتور سويشيرو يوشيكاوا، كبير الباحثين في الدراسة والاستاذ بكلية الطب بجامعة جونتيندو في اليابان، في بيان «هذه أول دراسة في العالم تثبت أن التوتر... يعطل وظيفة الخلايا البلعمية، والتي تساعد عادة في كبح ردود الفعل التحسسية، وبالتالي زيادة الاستجابة التحسسية». كما وجد الباحثون أن تأثير الضغط النفسي على الخلايا المناعية يبدو طويل الأمد ويمكن أن يؤثر على الخلايا البلعمية التي ينتجها الجهاز المناعي في وقت لاحق.

وقال يوشيكاوا «هذه الظاهرة، التي يشار إليها باسم 'ذاكرة الضغط النفسي'، تعني أن الضغط والتوتر الشديدين يتركان بصمة باقية على الخلايا المناعية، مما يؤثر على وظيفتها ويساهم في تطور المرض». وأشار الباحثون إلى أن تجنب الضغط النفسي تماما سيكون الحل الأمثل لمنع خلل وظائف الخلايا المناعية. ونظرا لأن هذا ليس ممكنا دائما، فإن فهم الآليات الجزيئية وراء «ذاكرة الضغط النفسي» قد يمهد الطريق لسبل علاج لحساسية الجلد.