موظفو «حماس» يتخوفون من التضحية بمصالحهم لتحقيق المصالحة

الغندور: أي انتقاص من حقوقهم ينذر بمخاطر كبيرة

TT

موظفو «حماس» يتخوفون من التضحية بمصالحهم لتحقيق المصالحة

يعيش الموظفون الذين عينتهم حركة حماس عقب سيطرتها على قطاع غزة في يونيو (حزيران) 2007 حالة من الترقب والتخوف من أن يتم تهميشهم والتضحية بهم خلال لقاءات المصالحة بين حركتي فتح وحماس في القاهرة، وما يجري من بحث للملفات الكبيرة، ومن أبرزها إعادة بناء منظمة التحرير، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، والتوجه لانتخابات عامة.
ويتخوف الموظفون أكثر من أن تبنى المصالحة على حسابهم في ظل حالة الشد والجذب بين حركتي فتح وحماس بشأن مصير هؤلاء الموظفين، على الرغم من صدور تصريحات مختلفة تطمئنهم على مصيرهم، لكنهم يعتبرونها غير كافية، بحجة أنه لا توجد نيات واضحة لتقرير مستقبلهم، خصوصا في ظل التصريحات المتضاربة من قبل بعض المسؤولين عن ملفهم.
ورفض عدد من الموظفين الفلسطينيين في قطاع غزة الحديث لـ«الشرق الأوسط»، خشية تعرضهم لأي مساءلة قانونية. إلا أنهم أكدوا في المقابل أن هناك مخاوف حقيقية على مصيرهم المجهول حتى اللحظة. وفي هذا السياق قال أحدهم، مفضلا عدم ذكر اسمه: «من حقنا أن نعيش كباقي الموظفين، وأن نضمن حقوقنا بعيدا عن الخلافات السياسية، فمنذ 10 سنوات ونحن نعمل ونقدم الخدمات للمواطنين، ولذلك فإن إهدار حقوقنا ظلم لن نقبل به».
ويبلغ عدد موظفي حماس، الذين عينوا عقب سيطرتها العسكرية على غزة نحو 38 ألفا، وكانوا يتلقون رواتب بشكل غير منتظم وبنسب متفاوتة طوال تلك السنوات.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إنه تم تثبيت أعضاء اللجنة الإدارية القانونية الخاصة بمعالجة ملف الموظفين في الضفة والقطاع، موضحة أن من بين أعضاء اللجنة ممثلين عن حكومة حماس سابقا، وأن مراقبين عن المخابرات المصرية سيتابعون عمل اللجنة أيضا.
وطالب يعقوب الغندور، نقيب موظفي حكومة حماس، الفصائل الفلسطينية بطرح ملفهم بقوة خلال محادثات القاهرة، والتأكيد على ضرورة إيجاد حلول عادلة تضمن حقوقهم، مشددا على أن نجاح هذا الملف مرتبط بنجاح خطوات المصالحة، وأن أي انتقاص من حقوق هؤلاء الموظفين أو المساس بها ينذر بمخاطر كبيرة.
وشدد الغندور، خلال مؤتمر صحافي في غزة، على ضرورة سرعة إنجاز اللجان الإدارية والقانونية والأمنية المختصة بدمج وإسكان الموظفين، على قاعدة الحفاظ على الأمان الوظيفي، والحقوق المكتسبة للموظفين، المتمثلة في المركز المهني والدرجة الوظيفية وسنوات الخدمة، معتبرا أن التأخير في إنهاء عمل هذه اللجان سيلقي بمزيد من المخاوف في نفوس الموظفين، على اعتبار أن الاستقرار الوظيفي ينعكس إيجابا على أداء الموظف.
وعبر الغندور عن رفض النقابة لبيان حكومة التوافق خلال جلستها الطارئة الأحد الماضي، الذي جاء فيه أنه لم يتم بعد تسلم الوزارات والدوائر الحكومية في غزة بشكل فاعل، معتبرا أن ذلك يثير المخاوف والقلق الشديد، وينم عن عدم وجود نيات لتنفيذ بنود المصالحة والتهرب من استحقاقاتها فيما يتعلق بملف الموظفين.
وكانت الحكومة الفلسطينية قد أكدت في بيانها أنها ستكون ذراعا تنفيذية لما ستتفق عليه الفصائل في اجتماعات القاهرة، وأن نجاحها في تنفيذ مهامها واضطلاعها بمسؤولياتها يستدعي بسط سيطرتها وولايتها القانونية الكاملة في قطاع غزة، وبإيجاد حلول جذرية واضحة للقضايا الأمنية والمالية والمدنية والإدارية الناجمة عن الانقسام، وأن تسلم المؤسسات والمعابر سيبقى منقوصا، ما لم يتم تمكين الحكومة بشكل فعلي وتسلمها لمهامها كاملة. كما جاء في بيانها.
كما أثارت الحكومة في وقت سابق قضية تسليم موظفي حماس أراضي حكومية بديلة لمستحقاتهم، وطالبت بإلغاء سندات تخصيص تلك الأراضي على اعتبار أنها تمت خلافا للقانون، ودون أن تصدر عن الجهات القانونية المختصة، وعدم تخصيص تلك الأراضي لمنفعة عامة، إلى جانب قضايا تتعلق بالجباية والأعمال الإدارية المختلفة في الوزارات.
وفي هذا السياق، قال نقيب موظفي حكومة حماس سابقا، إن «تخصيص الأراضي تم بمقابل ثمنها وليس بالمجان، وبالتالي لا يجوز إلغاء آلاف السندات نتيجة للتجاذبات السياسية، ونحن نرفض الكيل بمكيالين، وعلى الحكومة إنصاف الموظفين وعدم المساس بأي حق من حقوقهم المكتسبة»، مشددا على أن «حقوق الموظفين المكتسبة والمكفولة بالقانون هي حقوق ثابتة، ولا تقبل المساومة أو المساس بها أو الانتقاض منها، ولا يمكن تجاوز أي منها تحت أي مبرر من المبررات، وفي حال تنكرت الحكومة ولجانها لأي حق من الحقوق المذكورة فإن ذلك من شأنه نسف كل الجهود التي بذلت في إنجاح المصالحة».
وطالب الغندور الحكومة ووزارة المالية بالالتزام بصرف رواتب الموظفين عن شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي في بداية شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل مع موعد استحقاق رواتب موظفي السلطة الفلسطينية، كما تم الاتفاق على ذلك في القاهرة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، معبرا عن رفض النقابة لأي محاولات تسويف ومماطلة في تأخير صرفها، وقال بهذا الخصوص: «لن نبقى مكتوفي الأيدي، وسوف تتحمل الحكومة والفصائل المسؤولية عن ذلك، ونحن نطالب الجانب المصري، راعي اتفاق المصالحة، بإلزام الأطراف لتنفيذ بنود المصالحة».
ومع قرب انتهاء شهر نوفمبر الحالي، يتوقع مراقبون في بداية الشهر المقبل ظهور خلافات جديدة حول صرف رواتب موظفي حماس سابقا، بعد أن تعهدت حركة فتح خلال تفاهمات القاهرة بصرفها بنسبة لا تقل عن 50 في المائة، كما كان الموظفون يتسلمونها من حكومتهم لحين انتهاء عمل اللجان المختصة بحل ملف الموظفين.
وحسب مصادر لـ«الشرق الأوسط»، فإن حماس رفضت التدخل للبحث عن جهة تستطيع توفير مبالغ مالية للموظفين، وألقت بالمسؤولية على عاتق الحكومة في توفير رواتبهم، وفقا لتفاهمات القاهرة الأخيرة.
ووفقا للمصادر ذاتها، فإن تخلي حماس عن المساهمة في إيجاد حل لصرف رواتب الموظفين جاء بعد فشل قيادتها في إقناع طرف ثالث بالمساهمة في ذلك.
وبينما أبدت سويسرا استعدادها لمساعدة مصر والأطراف الفلسطينية في العمل وفق خريطة الطريق، التي طرحتها منذ أكثر من عامين لحل أزمة الموظفين بغزة ودمجهم، ورحبت باتفاق المصالحة الجديد الذي دعت لتنفيذه دون إبطاء، وتمكين حكومة الوفاق من عملها، والحد من الأزمة الإنسانية في غزة، حذر نيكولاي ميلادينوف، منسق الأمم المتحدة لعملية السلام، من فشل المصالحة وتدهور الأوضاع الإنسانية، ما قد يؤدي إلى تفجر الأوضاع العسكرية، مشيرا إلى أن سكان القطاع يحدوهم أمل في تحسن الأوضاع الحياتية بعد أن عاشوا وسط بؤس مطبق تحت سلطة حماس، ومشددا على أن التضييق عليهم قد يوشك على الانفجار.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».