محام مغربي يتهم إلياس العماري بتأجيج احتجاجات الحسيمة

TT

محام مغربي يتهم إلياس العماري بتأجيج احتجاجات الحسيمة

في تطور مثير عرفته محاكمة معتقلي احتجاجات الحسيمة، اتهم المحامي إسحاق شارية، عضو هيئة الدفاع عن ناصر الزفزافي، إلياس العماري، الأمين العام لحزب «الأصالة والمعاصرة» المعارض، ورئيس جهة طنجة - تطوان - الحسيمة، بأنه كان «يدعم احتجاجات الريف ويسعى لتأجيجها».
وطلب شارية من المحكمة استدعاء العماري للشهادة في المحاكمة، وقال إن بعض المتهمين، ضمنهم الزفزافي، لديهم معلومات حول تورط العماري في دعم الاحتجاجات.
وقال شارية، أثناء تقديم ملتمساته للقاضي: «لقد أخبرني موكلي ناصر الزفزافي أثناء تخابري معه بأن العماري اتصل به مرارا، وحرضه هو ونشطاء الحراك على التآمر على البلاد، لكنه رفض».
وطلب دفاع معتقلي احتجاجات الحسيمة من المحكمة استدعاء سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، وإلياس العماري، ورؤساء أحزاب الغالبية الحكومية، والوزراء الذين أعفاهم الملك على خلفية تعثر المشاريع التنموية في الحسيمة، ومسؤولين آخرين للشهادة في إطار المحاكمة، التي يتابع فيها 54 متهما على خلفية الاحتجاجات التي عرفتها مدينة الحسيمة الصيف الماضي.
ويواجه المتهمون في هذه القضية تهما ثقيلة ضمنها المس بأمن الدولة.
كما طالب الدفاع بضم مجموعة من التقارير، التي أعدتها هيئات حكومية وغير حكومية حول المنطقة، إلى ملف القضية، ومنها على الخصوص التقرير الذي أعدته لجنة حكومية مكونة من مفتشي وزارتي المالية والداخلية بأمر من الملك محمد السادس حول تعثر المشاريع التنموية في المدينة، والتقرير الذي أعده المجلس الأعلى للحسابات في الموضوع نفسه، الذي أدى إلى إعفاء وزراء ومسؤولين من مهامهم من طرف العاهل المغربي الملك محمد السادس، إضافة إلى تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول تعامل السلطات مع الاحتجاجات.
وطالب الدفاع بعدة تحقيقات تكميلية، منها تحقيق حول ممارسات أحد الضباط الذين أشرفوا على فض الاحتجاجات والاعتقالات، والذي قال الدفاع إن 35 معتقلا وضعوا شكاوى ضده بسبب التعذيب وسوء المعاملات. كما أشار الدفاع إلى أن أحد المعتقلين كان قدم شكاوى بسبب الخيانة الزوجية ضد ذلك الضابط، وطالب بالتحقيق حول مدى ارتباط هذه الشكاوى باعتقاله والزج به ضمن هذا الملف.
كما أثار الدفاع جدلا حول شخص يدعى إبراهيم البوعزاتي، الذي ذكر في محاضر الاستماع للمكالمات الهاتفية نشطاء الاحتجاجات. وأوضح الدفاع أن هذا الشخص يدعى في هذه المكالمات باسم نور الدين، غير أن ضابطا في الأمن تعرف عليه، وأكد أن اسمه الحقيقي هو إبراهيم البوعزاتي، وأنه مغربي يعيش في هولندا.
وتشير محاضر تسجيلات المكالمات الهاتفية إلى أن البوعزاتي أخبر النشطاء بسحب أموال كبيرة ستوجه لدعم «حراك الريف» من أجل الانفصال عن المغرب، كما أخبر البوعزاتي الصحافي حميد المهداوي، المتهم ضمن معتقلي احتجاجات الحسيمة، بأن صفقة قد عقدت لشراء أسلحة روسية، وأنه بصدد إدخالها للمغرب انطلاقا من الحدود الإسبانية. ووعد البوعزاتي المهداوي بجعله وزيرا أو رئيسا للحكومة المقبلة في الريف.
وشكك المحامون في صحة المكالمة، وذهب بعضهم إلى القول بأن البوعزاتي مجرد شخصية وهمية، اختلقتها جهات معينة من أجل توريط نشطاء الحراك. وطالب الدفاع بإجراء تحريات حول هذه الشخصية وحول رقم الهاتف الذي تستعمله، وتأكيد إن كان رقما حقيقيا في هولندا أم أنه مجرد خدعة باستعمال برنامج معلوماتي لإخفاء الرقم المغربي الحقيقي، الذي أجريت منه المكالمة وإظهاره كأنه رقم أجنبي.
وواصل الدفاع في جلسة أمس تقديم طلباته الأولية في محاكمة الـ54 متهما على خلفية الأحداث، التي عرفتها الحسيمة بين مايو (أيار) ويوليو (تموز) الأخيرين. وكان منتظرا أن تبث المحكمة مساء أمس في طلبات الدفاع قبل أن تواصل جلساتها الثلاثاء المقبل.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».