الانتخابات السورية في الأردن تكشف «بؤرا أمنية نائمة» موالية للنظام

مسؤول أردني بارز قال لـ («الشرق الأوسط») : إنها في عمان وأعدادها تتزايد وتراقب اللاجئين

الانتخابات السورية في الأردن تكشف «بؤرا أمنية نائمة» موالية للنظام
TT

الانتخابات السورية في الأردن تكشف «بؤرا أمنية نائمة» موالية للنظام

الانتخابات السورية في الأردن تكشف «بؤرا أمنية نائمة» موالية للنظام

كشف مسؤول أردني بارز عن أن الانتخابات الرئاسية التي أجريت في السفارة السورية بعمان الأسبوع الماضي أعطت السلطات الأردنية مؤشرا على أن هناك مجموعات من السوريين، المقيمين في الأردن والمحسوبين على النظام، قد تشكل «بؤرة أمنية نائمة خطرة تهدد أمن الدولة الأردنية». وجاء هذا غداة إعلان المملكة عن إجراءات صارمة للحد من دخول السوريين عبر المطار والمنفذ البري الشرعي ممن لا يحملون إقامة في الأردن أو دول أخرى.

وقال المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط»، إن نشاط هذه الفئة «ظهر بشكل لافت قبل الانتخابات بأيام واتضح أكثر يوم الاقتراع (في 28 مايو/أيار الماضي)»، دون أن يكشف عن طبيعة هذا النشاط. وأضاف أن «هذه الفئة باتت تشكل تهديدا إذا جرى التغاضي عنها خاصة أنها مستعدة لتنفيذ أي عمل يطلبه النظام السوري في الداخل الأردني».

وأوضح أن هناك 35 ألفا ممن شاركوا في الانتخابات الرئاسية السورية في عمان، وأن «هؤلاء يمكن تصنيفهم بأنهم من أبناء الطائفة العلوية وطبقة التجار ورجال الأعمال والطلبة المبتعثين وبعض الأعداد البسيطة المترددة التي توجهت إلى الانتخابات لأنها خشيت من تعرضها لمصاعب إذا ما أرادت العودة إلى سوريا». وأضاف بأن الفئة التي تثير مخاوف سلطات الأمن في الأردن هي تلك «التي بدأت أعدادها تزداد في الآونة الأخيرة، وأنها لا تعمل لكنها تعيش في عمان وتراقب حركة اللاجئين السوريين وأن البعض منها نجح في الوصول إلى المفوضية السامية للاجئين ويتقاضى راتبا منها».

وجدير بالذكر أن المواطنين السوريين يدخلون الأردن من دون تأشيرة ويحصلون عليها عند المعابر الحدودية وفق اتفاق قديم بين سلطات البلدين يمنح الأردنيين أيضا الحق نفسه.

بدوره، قال وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني بأن أجهزة الدولة بما فيها الأمنية تتابع كل تداعيات وإفرازات الأزمة السورية الأمنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وتأثيراتها على الدولة الأردنية.

وكانت السلطات الأردنية اتخذت قبل أيام إجراءات صارمة تحدد دخول السوريين عبر المطار والمنفذ البري الشرعي.

وأكد مصدر أمني مطلع أن معبر جابر الأردني الواصل بمنطقة نصيب السورية يجري عملية تقليص وتقنين للعابرين من خلاله إلى الجانب السوري، والعكس إلى الجانب الأردني، تبعا للإجراءات الجديدة حسب الظروف الأمنية والعسكرية القائمة في الجانب السوري منه.

وأوضح المصدر أن الإجراءات المتخذة عبر المطارات تقضي بمنع دخول السوريين إلى الأردن باستثناء الذين يحملون إقامة في الأردن أو يحملون إقامة في أميركا أو أوروبا أو دول الخليج، إضافة إلى ركاب الترانزيت الذين يحملون تذاكر سفر مؤكدة الحجز لما وراء الأردن.

وأشار المصدر أن الفئة المقصودة هي السوريون القادمون من سوريا وكذلك القادمون من لبنان وتركيا والعراق ومسجلون كلاجئين لدى المفوضية.

وأشار المصدر إلى أن القرار الجديد يهدف إلى تقنين دخول السوريين خاصة بعد اشتراط الحصول على الإقامة، والتي بات الحصول عليها ضربا من المستحيل بالنسبة لمعظم اللاجئين بسبب كثرة شروطها.

ويّذكر أن البطاقة الأمنية «الهوية التعريفية» التي منحتها السلطات الأردنية للاجئين السوريين خارج المخيمات منذ أكثر من عام، ليست سوى وسيلة يكاد يُجمع آلاف اللاجئين على شكليتها لتسهيل معاملات السوريين في المراكز الحكومية والمدارس والمشافي في الأردن، ولا تنطبق عليها شروط الإقامة.

ويبلغ عدد السوريين في الأردن نحو 1.4 مليون سوري منهم 650 ألفا مسجلين كلاجئين لدى المفوضية والباقي يقيم في المدن الأردنية.

وفي غضون ذلك، تواصلت الدعوات لإعادة السوريين المقيمين في الأردن ممن أدلوا بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية، إلى بلادهم. وقال النائب الأردني بسام البطوش بأن على الحكومة الأردنية أن تعيد كل سوري يقيم في الأردن منح صوته للرئيس بشار الأسد إلى بلاده.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.