الأسر الروسية تعتمد على القروض وتتجنب الادخار في المصارف

أصبحت التعاملات المصرفية جزءا لا يتجزأ من حياة معظم، إن لم يكن كل العائلات الروسية. وبعد عقود من الزمن اقتصرت فيها العلاقة بين المصرف والمواطن في «العهد السوفياتي» على «دفتر مصرفي» للتوفير، أصبحت المصارف في أيامنا هذه لاعبا رئيسيا في الحياة الاقتصادية–المالية للأسرة الروسية، التي تعتمد إلى حد كبير على القروض المصرفية في تلبية الكثير من الاحتياجات الرئيسية، مثل القروض العقارية لشراء مسكن، وقروض لشراء السيارات وقروض استهلاكية وقروض صغيرة لأي احتياجات أخرى، وغيرها من قروض كثيرة تقدمها المصارف الروسية الكثيرة، بعضها لتمويل النشاط الاقتصادي - الإنتاجي على مستوى الأسرة، والبعض الآخر لتغطية الجوانب الاستهلاكية... من جانب آخر تشكل ادخارات المواطنين وودائعهم مصدرا من مصادر الدخل والربح الرئيسية للمصارف.
وفي مجال الاعتماد على القروض، هناك الكثير من الأسر الروسية التي تعتمد بصورة كبيرة عليها، وأصبحت إلى حد ما أسيرة تلك المنظومة المالية، لدرجة أن دخل الأسرة يكون موجها بصورة رئيسية لتسديد الأقساط الشهرية عن تلك القروض. وكشف استطلاع للرأي أعده مركز عموم روسيا لمسح الرأي العام في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري زيادة ملحوظة في عدد الأسر الروسية التي حصلت على قروض مصرفية ولم تسددها حتى الآن. وبينما كانت تلك الأسر عام 2009 تشكل 26 في المائة من إجمالي الأسر الروسية، فقد ارتفعت النسبة في عام 2017 مرتين، وقال 57 في المائة من أرباب الأسر الذين شملهم استطلاع الرأي الأخير إنهم حصلوا على قروض مصرفية لم يتمكنوا من تسديدها بعد. ويقول مركز استطلاع الرأي إن نسبة الأسر الروسية التي خاضت تجربة الاعتماد على القروض المصرفية، ارتفعت خلال السنوات الأخيرة من 58 في المائة حتى 67 في المائة، بما في ذلك حصول 47 في المائة من الأسر الروسية على قروض أكثر من مرة.
وقال 72 في المائة من أرباب الأسر الذين حصلوا على قروض مصرفية إنهم لن يواجهوا صعوبات في تسديد تلك القروض، بينما تراجعت نسبة الأسر التي تواجه صعوبات في التسديد من 37 في المائة عام 2009. حتى 22 في المائة عام 2017. وتعتمد 75 في المائة من الأسر الروسية على المعاشات الشهرية في تسديد أقساط القروض، بينما يعتمد 24 في المائة على المعاشات التقاعدية، و6 في المائة يسددون القروض معتمدين على دخلهم من ممارسة الأعمال الصغيرة والبيزنس.
وإذ يثق المواطنون الروس بالتعامل مع المصارف للحصول على القروض، لكنهم ينظرون إلى الأمر بطريقة مغايرة عندما «يُقرضون» تلك المصارف، أي في عملية الحفاظ على المدخرات، وهي العملية التي يمكن تصنيفها ضمن مصادر تمويل المؤسسات النقدية والمصرفية. وحسب استطلاع للرأي في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، يحتفظ نحو ربع المواطنين الروس فقط، وتحديدا 26 في المائة منهم، بمدخراتهم في المصارف... ولا يشعر 60 في المائة من هؤلاء بقلق على مصير تلك المدخرات.
وعلى العكس، يخشى 39 في المائة من المواطنين من فقدان مدخراتهم في المصارف. ويبدو أن حالة القلق هذه لدى المواطنين تعود إلى الأخبار التي باتت كثيرة في الفترة الأخيرة حول سحب البنك المركزي لتراخيص عمل مصارف روسية، فضلا عن بقاء حالة من القلق حول الوضع المالي للاقتصاد الروسي، إذ يرى 44 في المائة من المواطنين أن أزمة مالية تضرب بالقطاع المصرفي في روسيا خلال العامين القادمين أمر محتمل جداً، بينما قال 40 في المائة إنهم لا يتوقعون أي أزمة في السنوات القادمة.
من جانب آخر، يقول اقتصاديون إن القطاع المصرفي الروسي لم يتمكن حتى الآن من الحصول على ثقة قطاعات واسعة من المواطنين، الأمر الذي يحول دون زيادة الادخار في المصارف. إلا أن الخبراء من مركز عموم روسيا لمسح الرأي العام يؤكدون أن القضية لا تعود إلى «عدم ثقة بالمصارف»، ويعزون عدم وجود رغبة لدى كثيرين بادخار أموالهم في المصارف إلى «عدم الاعتياد على نسبة الفائدة الضئيلة» التي أصبحت المصارف تدفعها عن المدخرات، مقارنة بالفوائد في السنوات السابقة.
رغم ذلك فقد سجل العام الحالي ارتفاعاً في نسبة المواطنين الذين يفضلون ادخار الفائض من دخلهم في المصارف. وكشف استطلاع للرأي صيف العام الجاري أن 54 في المائة من المواطنين الروس يفضلون الاحتفاظ بمدخراتهم في المصارف، أي بزيادة نحو 20 في المائة عن الوضع عام 2016. عندها قال 33 في المائة فقط من المواطنين إنهم يثقون بالمصارف لادخار أموالهم فيها. وتشير معطيات وكالة التأمين على الحسابات المصرفية إلى تراجع مدخرات المواطنين في المصارف في النصف الأول من عام 2017 بقدر 232.7 مليار روبل.